مهرجون على ضفاف التايمز يمنحون الصيف نكهة مضافة ويجعلون الأطفال أكثر سعادة

صلاح حسن من لندن: الصيف في بريطانيا يجلب معه الزوار من كل حدب وصوب ويجعل مدينة لندن تغص بالناس، بأهلها وزوارها الذين يفوقون عدد السكان فيها أحيانا. أنت تسير في شوارع المدينة فتشاهد جميع ألوان البشر ومختلف السحنات وتسمع مختلف اللغات حتى تشعر انك في مدينة كونية يعمل الجميع على جعلها جنة لكل الناس. يسكن في هذه المدينة ndash; الدولة أربعة عشر مليون شخص تقريبا، يتضاعف عددهم مرة واحدة في السنة ولا يبقى أي مكان خال فيها طيلة ثلاثة أشهر.


الصيف في لندن نعمة على الجميع لأنه يوزع الخيرات ذات اليمين وذات الشمال بفعل النشاط الذي يجتاح المدينة في الموسم السياحي الذي يدير عجلة جميع المرافق هناك خصوصا النشاطات الفنية والثقافية والترفيهية.


يذهب محبو الفنون والثقافة إلى المتاحف والمعارض أو المسارح وهي كثيرة في لندن إلى درجة لا تتسنى زيارتها كلها أبدا برغم إن الدخول إليها مجانا خلافا لكل الدول الأوروبية. ويذهب الباحثون عن المتعة إلى المقاهي وصالات الديسكو والأسواق للحصول على كل ما هو جديد في كل مجال. إما الباحثون عن المرح والتسلية فيذهبون إلى النهر العظيم الذي تلتئم على شاطئيه كل أسباب الفرح.

المهرجون الذين ينتشرون على ضفاف نهر التايمز بكل حيلهم وألاعيبهم وقدراتهم الفنية الواضحة يستثمرون شهور الصيف لإظهار مواهبهم وقدراتهم العجيبة على تقمص شخصيات تاريخية معروفة وتقليدهم إلى درجة تكاد تكون كاملة. يعرف هؤلاء المهرجون أية شخصية يتقمصون ويختارون عادة تلك الشخصيات التي تجمع بين المرح والفكاهة مثل شخصية الفنان العظيم شارلي شابلن بشاربه المميز وقبعته السوداء والعصا في يديه وحركة قدميه اللافتة. ما إن يرى الزائر هذا المهرج الذي يتقمص شخصية شابلن حتى يسارع للوقوف إلى جواره ومتابعة حركاته ليتأكد على الأقل من قدرته على تقليد الفنان الأصلي. المهرج يعرف الجمهور الذي يأتي لمشاهدته لذلك يحاول في كل مرة إن يوفر لمشاهديه مفاجأة تجعله يضحك، وكثيرا ما يرتجل حركة ما تجعل الجمهور سعيدا خصوصا مع الأطفال الذين يضعون في قبعته في نهاية العرض بعض النقود تقديرا لمواهبه.


المهرجون بطبيعتهم ونسميهم هنا مهرجون برغم قدراتهم الفنية العالية، يعرفون كيف يجذبون الجمهور إليهم من خلال ملابسهم المميزة وحركاتهم التي تثير الضحك والأدوار التي يقومون بأدائها.


لذلك نجد اليوم بعض هؤلاء وقد تقمص شخصية حيوان أو حشرة كبيرة مثل حيوان الحرباء التي تقود دراجة هوائية على ضفة النهر بألوانها الزاهية وهي تتغير في كل موقف. يستخدم المهرجون بالإضافة إلى الألوان آلات موسيقية أحيانا تصدر اصواتا مضحكة وأحيانا اصواتا غريبة تجعل الأطفال يجفلون وهلة سرعان ما يفيقون منها ضاحكين باتجاه أمهاتهم اللواتي يشعرن بفرح غامر وهن يرين أطفالهن تغمرهم السعادة.


إلى جوار هذه الحرباء التي تقود دراجتها الهوائية الثابتة يقف تمثال قاتم بمظهره الذي يدل على قائد سياسي بارع ونظرته البعيدة التي تستشرف الأفق. هذا التمثال الذي تقف على رأسه حمامة تحرك فجأة وأخاف جميع الواقفين إلى جواره فقد ظن الناس انه تمثال حقيقي.. حتى الحمامة التي بقيت واقفة فوق رأسه لم تفكر مطلقا بطبيعته النابضة الحية. يمتلك هذا المهرج قدرة فائقة على الوقوف بثبات لوقت طويل دون إن يتحرك أي شيء فيه على الإطلاق برغم عمره الذي تجاوز الستين، يبدو ذلك من خلال ملامحه وتجاعيد وجهه المصبوغ بالأسود. هذه الحركة السريعة منه جذبت الكثيرين من المارة مع عدد كبير من الأطفال الذين ظلوا ينظرون إليه بريبة عن بعد. لقد ظل الرجل المعتم ثابتا لا يتحرك فترة طويلة أجبرت الجميع على التصفيق له ووضع النقود في قبعة وضعت تحت قدميه.


على ضفاف النهر كانت هناك مهرجات أيضا تقمصن شخصيات ملكات بريطانيات بملابسهن الذهبية وقبعاتهن من العصر الفيكتوري بكل بهرجته وكسله الملوكي. الزوار اليابانيون من دون كل الزائرين تجمعوا حول المهرجة الملكة والتقطوا معها صورا كثيرة شعرت معها أنها ملكة حقيقية، ولكن ما إن ذهب اليابانيون حتى عادت إلى خمولها الملكي بانتظار يابانيين جدد يوقظون فيها شهوة الملكات