المعتقلات.. زنزانات للفقراء وفنادق للأغنياء

عدنان أبو زيد : بين سجون تحت الأرض وفوقها، تتجلى مظاهر الاهمال والفوارق الطبقية والسياسية، rlm;ومعتقلات ( بالاسم فقط ) يغلفها الترف لتبدو فنادق ( خمس نجوم ) ينزل فيها ( السجين الغني ) مكرما يحيط به rlm;الخدم والحاشية.. بين هذه وتلك تتجلى الفوارق السياسية والاقتصادية ( العربية ) وتناقضات السلوكية السياسية rlm;بابشع صورها، وقد بنيت الزنزانات في أغلب الدول العربية للفقراء والفقراء وحدهم حيث ينزل السجين المواطن البسيط في اماكن مغلقة يسرح rlm;فيها مجرمون وقتلة ويكثر فيها الاغتصاب والعنف، يحدث ذلك بينما لاتقلق ( القطط السمان ) واصحاب rlm;rlm;( الوجاهة ) والمراكز الحكومية من جرائمها لانها ستجد على اقل تقدير (اذا ماقدر لها ان تذوق طعم السجن وهذه rlm;مايحدث نادرا ) سجونا

ترقى الى قصور تفي بمتطلبات الراحة والعيش ( المترف )، بل انها ستكون محاطة rlm;بحراس أمن يعرفون قيمة سجينهم وملياراته وسطوته التي تكفل له حسن معاملته، وتسريع إخراجه من السجن rlm;القصر. rlm;


يروي ( محمد زين علي ) وهو متشدد أصولي من اليمن هو الان لاجيء سياسي في هولندا، انه اقام شطرا من rlm;حياته في سجن مرعب بعاصمة بلده تقشعر منه الجلود وتشمئز فيه النفوس وهو معتقل يعيش فيه اطفال صغار rlm;الى جانب مجرمين محترفين وزعماء عصابات، فينال الصبية على يدهم من الضرب والاغتصاب مالايصدقه rlm;عقل ولاتقدر ان تسمعه اذن على حد قوله. وهذا السجن مليء بالأوبئة والروائح الكريهة كانه مستنقع لحشرات rlm;وليس لبشر، ذلك ان رطوبة المكان تزكم الانوف.ويروي ( زين علي ) كيف يوزع المساجين من الاطفال من قبل rlm;الحرس على معتقلين يرتكبون ممارسات لا خلاقية ضدهم. ولايثير كلام (زين علي) العجب، اذا ماقارنا كلامه rlm;بما نشرته الصحافة من تعرض ( أنيسة الشعيبي ) للاغتصاب في أحد سجون العاصمة صنعاء، مما اثار انتقادات rlm;المعارضة اليمنية ومنظمات حقوق الإنسان، واعتدي على عضو مجلس النواب (أحمد سيف حاشد ) حين أراد rlm;تصوير السجن بكاميرته محاولا كشف الحقيقة كاملة. rlm;

السجن أضطرارا

وتداول الاعلام اصابة 17 سجينا وثلاثة من رجال الشرطة في تمرد وقع في سجن اسيوط بصعيد مصر عام rlm;rlm;2008 ادى الى وفاة احد المساجين واتهام زملائه للمسؤولين عن السجن بتعذيبه حتى الموت حسب ما افاد rlm;مصدر امني رفيع المستوى. واوضح المصدر الامني الرفيع ان سجينا يدعي( محمد عبد السلام ) وشهرته هاني

rlm;الغندور توفى بينما كان موجودا في عنبر التاديب الانفرادي داخل السجن ما ادى الى هياج المساجين خصوصا rlm;ابناء قريته الذين اتهموا المسؤولين عن السجن بتعذيبه حتى الموت.rlm;

لكن ( علية ) القوم في الدول العربية واصحاب الوجاهة ورجال الاعمال والقادرين على ( الدفع ) يتمتعون rlm;ب( حصانة ) ضد السجن والاعتقال الحقيقيين، وهم يدخلون السجن ( اضطرارا ) في كثير من الاحيان، تدفعهم rlm;اليه فضيحة لم يعد ممكنا التغاضي عنها لان الاعلام تداولها، أو ان النقمة الشعبية لم يعد تسمح بالسكوت عنها، او rlm;انها فترة ( نقاهة ) مؤقتة يقضيها ( السجين المترف ) في سجنه (القصر) حتى تنجلي الغمامة وتعود الامور الى rlm;مجاريها ليخرج من معتقله بريئا مما ارتكبت يداه ومافعله جلاوزته. rlm;

أن من امثلة ( السجون ) الخاصة ( على سبيل المثال ) التي يكثر الحديث عنها في وسائل الاعلام، سجن rlm;rlm;( مزرعة طرة ) في مصر حيث يودع فيه عدد كبير من رجال الأعمال ومشاهير الرأي العام المحبوسين في rlm;قضايا المال العام وأبرزهم حسام أبو الفتوح، ولعل اخر مقيم هذا السجن رجل الأعمال المعروف (هشام طلعت rlm;مصطفى ) المتهم في حادث مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم. وفي هذه السجن سمحت السلطات لهشام باقتناء rlm;جهاز تكييف نقال وتلفزيون. كما زود هشام بجهاز كمبيوتر وفاكس ومنح سكرتيره الخاص تصريح دخول يومي rlm;للسجن فضلاً عن تخصيص مكتب له من أجل ممارسة عمله داخل السجن. rlm;


وسمح له ايضا بإدخال هاتف ومكتب أعمال مجهز، ليبدا بمزاولة عمله مع سكرتيره الخاص الذي يقيم معه طوال rlm;النهار. وقبل ذلك نشرت صحيفة laquo;الأهرامraquo; في 2007، حوارا مع الوزير السابق توفيق عبده إسماعيل ـ أو rlm;السجين الذي أفرج عنه ـ بعد سداد ما عليه من أموال قد اتهم وحكم عليه باغتصابها من البنوك، حيث أكد rlm;إسماعيل أنه كان مقيماً في ( سجن خمس نجوم ) حسب تعبيره، أغلب نزلائه من رجال أعمال متهمين بقضايا rlm;شيكات بدون رصيد أو قروض من البنوك.. واضاف ان إدارة السجن تتعامل معهم باحترام شديد..ومن بين rlm;زملائه داخل laquo;مزرعة طرةraquo; حسام أبوالفتوح وحوت السكر. ويقول اسماعيل واصفا حياته خلال فترة rlm;الاعتقال..أستيقظ مبكراً للإشراف علي الحديقة.. ثم أذهب إلى مكتبة السجن للقراءة في مختلف الكتب التي تجلبها rlm;لي أسرتي.. وفي الثامنة مساء

أشاهد البرامج التليفزيونية المختلفة.. ثم أنام في الحادية عشرة مساء.rlm;

ترف السجون
وليس في كلام اسماعيل مايبعث على القلق، بل ان ماقاله دليل على احترام السلطات لحقوق الانسان، وتوفير مايحتاجه السجين، لولا غياب هذه السياسة الايجابية في سجون الفقراء والبسطاء، ليس في مصر وحدها rlm;بل في دول عربية عديدة. ولعل ماقاله اسماعيل يبدو متواضعا امام ترف السجون الهولندية واليابانية والاوربية rlm;بصورة عامة، لكن ( ترف ) السجون الغربية، لا يميز بين فقير وغني، فالكل سواسية امام قانون السجن، rlm;وزنزانة الفقير هي ذاتها زنزازنة الغني، بل ان لاجئين عرب اعتقلوا في سجون غربية، فيها من الترف ووسائل rlm;الراحة ماتفتقده فنادق في عواصم عربية. ولايقتصر التمييز على العرب وحدهم، ففي دولة مثل اوكرانيا لم يعد rlm;rlm;( المجرمون الأغنياء) مضطرين للإقامة في السجون العامة القذرة بعد أن قامت الحكومة ببناء سجنين فاخرين rlm;لهؤلاء يستطيعون سداد تكاليف الإقامة فيها. ويقيم نزلاء هذه السجون في غرفة مجهزة بحمام حديث وأجهزة rlm;تلفزيون وأسرة نظيفة ووسائد جديدة. وتبلغ تكلفة الإقامة في هذه السجون 13 دولارا في اليوم الواحد في حين أن rlm;متوسط الأجر الشهري في أوكرانيا لا يزيد عن خمسين دولارا. rlm;

وبينما يفرض القانون الاوربي حسم ملف السجين باقصر فترة ممكنة، وضمان حقوقه كمواطن وانسان، فان سجناء في دول منها عربية، يقبعون في المعتقلات منذ سنين من دون محاكمة، وفي الوقت الذي تفتح فيه rlm;السجون الغربية امام الراي العام ووسائل الاعلام، فان سجونا عربية كسجن رومية اللبناني وصعدة اليمني وأبو rlm;سليم الليبي وصيدنايا السوري والقنيطرة المغربي وطرّا المصري وكوبر السوداني وسوسة التونسي وبيلا rlm;الموريتاني والسجن العسكري الجزائري، تبدو قلاعا حصينة

لايمكن الاقتراب من حقيقة مايجري فيها وفك rlm;طلاسمها. ويروي ( س. أحمد ) وهو معتقل جزائري سابق ويقيم في هولندا، انه قبع في سجن يضم خمسة آلاف rlm;سجين وهو المصمم لاستيعاب الف سجين فحسب. ويضيف.. اللواط والمخدارت في السجن، مسأة بديهية، كما ان rlm;التعرض للاذلال والمهانة أمر يتوقعه المعتقل ولايجرأ على التصدي له. rlm;
الجدير ذكره ان هولندا أعلنت عام 2007 انها تعتزم تقليل عدد زنازين السجون في البلاد للمرة الأولى منذ 25 rlm;عاما. حيث rlm;lrm; lrm;توجد في هولندا أربعة آلاف زنزانة شاغرة وهو ما يعادل خمس عدد الزنازين في هولنداrlm;lrm;. lrm;وفي العام rlm;الماضي أغلقت أربعة سجون أبوابها أو قللت من سعة استيعابها. rlm;

لقد لعب السجن دورا كبيرا في حياة زعيم تاريخي مثل نيلسون مانديلا ويتذكر مانيلا وزملاؤه المعتقلون بسجن rlm;جزيرة روبين ايلاند قبالة كيب تاون بجنوب افريقيا الذي قضى فيه مانديلا 18 عاما كيف انهم كانوا يعيشون على rlm;كميات ضئيلة للغاية من ثريد الذرة بينما كان الحراس خارج الزنازين يلتهمون الروبيان.rlm;

طلاسم السجون

وأصبح مانديلا بستانيا بارعا بزراعته الخضروات في عدة سجون بجنوب افريقيا لتكملة وجباته الغذائية الهزيلة.rlm; وقال في سيرته الذاتية laquo;الحديقة هي أحد الاشياء القليلة في السجن التي يمكن أن يسيطر عليها المرء... أن تكون rlm;وصيا على هذه الرقعة من الارض فان هذا يعطيك احساسا ضئيلا بالحريةraquo;. ان مقارنة مواصفات مركز rlm;الاعتقال التابع لمحكمة الجزاء الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة في مدينة لاهاي الهولندية، بما تتوافر عليه rlm;السجون العربية، يضعنا امام حالة من الخجل الذي وصل اليه النظام ( الاجتماعي ) العربي وقدرته على حفظ rlm;كرامة ابنائه حتى المعتقلين منهم، فهذه المعتقل الهولندي يوفر وسائل الراحة وفقا لمعايير الامم المتحدة. rlm;وبانضمام الزعيم السابق لصرب البوسنة رادوفان كرادجيتش الى المركز، يصل عدد المعتقلين أثنين واربعين rlm;معتقلا في الزنزانات التي تستأجرها الامم المتحدة من الدولة الهولندية في سجن شيفنينغن في حي راق بضاحية rlm;لاهاي.ولكل معتقل زنزانة تبقى مفتوحة خلال النهار وفيها سرير مفرد وطاولة عمل وميزان وحمام ورفوف. rlm;ويسمح للسجناء بالحصول على هاتف وتلفزيون. كما يتوفر لهم محترف فني وقاعات للرياضة ومطبخ وصالة rlm;ألعاب وبامكانهم ايضا شراء بعض الحاجيات من مخزن السجن. rlm;


كما يحتوي المعتقل على ( غرفة زوجية) تتيح للمعتقلين الاختلاء بزوجاتهم. وبينما يمثل سجن (الكاتراز) rlm;الأمريكي، حالة استثنائية بين السجون فهو معزول في جزيرة تحيط بها مياه المحيط كاشفة عن منظر خلاب rlm;يسحر الالباب، فان أغلب السجون العربية توجد في داخل المدن الكبرى وعلى اطرافها مشكلة ( رمزا ) لايبعث rlm;على الراحة في المدن العربية. وعلى الرغم من إقفال هذا السجن منذ العام 1963 أي قبل أكثر من أربعين عاماً rlm;إلا أنه لايزال يسحر الالباب، حيث يمثل صخرة أمام المجرمين لم يهرب منه أحد وعاش ليحدث الناس عن rlm;فعلته.. و حاول الهرب منه عشرات السجناء أحبطت محاولتهم جميعاً سوى خمسة منهم أفلتوا ولم يسمع أحد عنهم rlm;قط حتى الآن..والأرجح أنهم غرقوا من فرط الإرهاق عوماً إلى البر.. وعلى رغم ان الاعلام العربي حقق rlm;انجازات مهمة في اختراق ( محرمات ) وضعتها الانظمة العربية امامه واستطاع الكشف عن الكثير من مواطن rlm;الخلل بغية دراستها ومعالجتها، لكنه ظل عاجزا في قدرته على عبور اسلاك المعتقلات الشائكة، حيث بقيت هذه rlm;السجون طلسما من طلاسم النظام السياسي العربي لم يحل لغزه بعد. rlm;

adnanabuzeed @hotmail.com