صلاح حسن من لاهاي: يرى بعض الباحثين أن الجسد في ثقافتنا العربية مشكلة معقدة لا يود أي شخص الخوض فيها باعتبارها منطقة محرمة على أصعدة كثيرة ابتداء من التسمية وانتهاء بالمعرفة التي نمتلكها عنه لذا يجب مراقبته. فهو ( عورة ) في اللغة وشيء كريه ينبغي أن يختفي خلف حجب كثيرة. وهو خطر قد يصيب المجتمع بالجنون لذلك ينبغي أن يتوارى عن الأنظار وتحجب أي معرفة تتناوله. وفي المناهج المدرسية توجد نبذة او شذرة بسيطة عنه غالبا ما تهمل ويتجاهلها المدرسون ولا تقدم عنها أسئلة في الامتحانات بحيث يتحول هذا الجسد بالنسبة للطالب المراهق الذي يشعر بجسده وهو يتغير إلى خطر مبهم ومشكلة عصية على الفهم او الحل.


ومن اجل إن نقدم فكرة عن علاقة الرجل بالمرأة ( فترة الخطوبة عندنا ) في الغرب وكيف تنشأ العلاقة بين الجنسين وتتطور إلى علاقة حب وبالتالي إلى زواج وتكوين عائلة حاولنا إن نتحدث مع رجال ونساء في هولندا عن كيفية نشأة العلاقات العاطفية بين الجنسين. وقد اخترنا امرأتين ورجلين تجاوزوا جميعا سن الثلاثين ويعملون في مهن مهمة لكي نعرف عدد المرات التي كانت لديهم فيها علاقات عاطفية. هؤلاء الناس جميعهم وضعوا إعلانات في الانترنيت يبحثون فيها عن شريك مع صور عديدة لكل شخص ومعلومات كثيرة من اجل إن تكون الصورة واضحة للطرفين. ( الوضوح ) سمة مهمة وأساسية في هذا الأمر ولا يذكر أي طرف اية معلومات غير صحيحة.


لندا هي المرأة الأولى التي تحدثنا إليها وهي طبيبة أسنان وعمرها أربعة وثلاثون عاما وتتمتع بجمال معقول. تقول لندا أنها مشغولة دائما وليس لديها الوقت الكافي للبحث عن شريك فذلك يتطلب وقتا للسهر والخروج إلى البارات والحفلات من اجل التعرف على شريك. أنا اعمل في عيادتي الخاصة ولا أقابل الكثير من الأشخاص وهي على كل حال مكان عمل وليس مكانا للترفيه. عندما كنت في الجامعة كانت لدي علاقة مع شاب استمرت أكثر من سنة ولكنها كانت علاقة غير مدروسة وانتهت بانتهاء الجامعة. بسبب المشاغل الكثيرة قررت إن أضع إعلانا على الانترنيت لعلي أجد شريكا يوافق الطريقة التي انظر بها لإقامة علاقة دائمة.


إما هانز وهو موظف في احد البنوك وعمره تسعة وثلاثون عاما فهو شاب وسيم عاش تجربة الزواج وله طفلان من هذه التجربة التي انتهت بالطلاق منذ سنتين بسبب مرض زوجته النفسي الذي حول حياته وحياة أطفاله إلى جحيم كما يقول. العمل في البنك يأخذ وقتي كاملا، حتى عندما أعود إلى البيت يجب إن انهي بعض المعاملات ولا أجد أي وقت حتى في عطلة نهاية الأسبوع للذهاب إلى البارات من اجل التعرف إلى امرأة ولا تنسى إن لدي طفلين ينبغي إن أراهما كل يوم احد مما يفوت علي الوقت. وعندما سألناه عن زميلاته في العمل قال أنهن يعانين المشكلة نفسها ومن يعمل في بنك لا يفكر أبدا باختيار شريكة تقوم بنفس العمل لان التوتر سيكون على أشده خصوصا وان الاقتصاد العالمي هذه الأيام يصيب المرء بالصداع. لهذه الأسباب نشرت إعلانا في الانترنيت ولا أخفيك هناك أكثر من امرأة أرسلت لي رسائل ايجابية وقد يتحقق موعد قريب. هانز اخبرنا في النهاية انه يذهب أحيانا بعد الانتهاء من العمل إلى نساء الخانات الزجاجية ليمارس الجنس تخلصا من التوتر والوحدة.


يولندا لها قصة مختلفة فهي في الثانية والأربعين وممتلئة قليلا لكنها في غاية الجمال. لديها طفل تجاوز العاشرة تعترف بصراحة شديدة وتقول أنها عاشت الكثير من العلاقات خلال حياتها لكن اغلب هذه العلاقات انتهت بطريقة مزعجة بسببها كما تقول لأنها ملولة وشديدة الحساسية وتغار كثيرا ما يجعل الشريك قليل الصبر وفي النهاية يقرر إنهاء العلاقة كما حدث مع والد ابنها الذي ترك البيت ولم تعرف عنه أي شيء منذ ذلك اليوم. وبالرغم من أنها لا تعمل إلا أنها تقول متألمة إن إقامة علاقة جديدة تتطلب الكثير من الوقت والصبر والبحث، حتى إن وجدت صديقا عابرا فأن ذلك يتطلب ستة أشهر على الأقل وأحيانا سنة من اجل إن تتعرف عليه بشكل جيد وكامل قبل إن تقرر إن تجعله شريكا. لقد مللت هذه الطريقة رغم أنها الطريقة الوحيدة للحصول على شريك جيد ومحبوب وقد وضعت في الإعلان إنني ابحث عن شريك ابتداء من الثلاثين سنة وحتى الستين.


أخر الذين تحدثوا لنا واسمه برام وهو شديد الشقرة وبشرته حمراء مما لا تفضله النساء الغربيات قال بغضب إن نساءنا يبحثن عن الغرباء ونحن الرجال نبحث عن النساء من ثقافات مختلفة ربما يكون للثقافة المختلفة دور في ذلك. أنا ابحث عن امرأة آسيوية أو سوداء واللون في هذه الحالة يلعب دورا كبيرا كما اعتقد. وجدت في الموقع بعض النساء من هذه الثقافات المختلفة ولكنهن قليلات ما يجعل حظي ضئيلا ولكن سوف أبقى أحاول واعرف إن ذلك يتطلب وقتا طويلا وكآبة ووحدة، لا يوجد أي طريق أخر هنا لأنه لابد لك إن تختار الشريك الأفضل وأي اختيار خطأ يكلفك سنة على الأقل من البحث والعبث والسخف والبحث من جديد.


قبل إن ننهي هذا التحقيق كان لابد لنا من الإشارة إلى إن هناك عشرات ألآلاف من النساء في هولندا نشرن إعلانات في الانترنيت يبحثن فيها عن صديق لكننا نتساءل مرة أخرى كعرب ومسلمين هذه المرة هل إن كل هؤلاء النساء مخطئات كما تعودنا إن ننظر إليهن دون إن نعرف طبيعة الثقافة التي أنتجت هذا النمط من الناس ؟ من يجيب على هذه الأسئلة ؟؟؟؟