يعاني آلاف من السكان في القاهرة من خطر انهايرات العمارات والبيوت التي يسكنون فيها. وقد تعدد أسباب الانهيار الوشيك. التحقيق التالي من الزميل فتحي الشيخ يتابع أسباب ذلك.


فتحي الشيخ من القاهرة: لم تعد الشروخ التى في الحوائط بشقة زكريا تشغل بال ابنائه الاربعة، لانها موجودة امام اعينهم منذ ثلاث سنوات ولم يعد احد هؤلاء الابناء يطلب من عم زكريا البحث عن سكن بديل بعد ان اقنعتهم امهم انهم مع السكان سوف يعملوا علي ترميم البيت، ولا خوف عليهم.
ولكن زكريا نفسه كان مهموما بهذه الشروخ منذ حدثت، حتى وان كان يحاول ان يطمئن افراد اسرته، هو يعلم انه رغم الاعمدة التي اقامها السكان لتسند المنزل لن تغني كثير.
يشعر بثقل على صدره كل يوم هو يسمع زوجته بجواره تتلوا الشهادة قبل ان تنام وهي تنظر للشرخ الموجود بطول الحائط. و حتى سقف الحجرة، همٌ يحمله زكريا داخل صدره ولا يستطيع النفاذ منه بسبب ضيق ذات يده.
حال زكريا هو حال سكان ١١٩ ألف عقار مهدد بالانهيار على مستوى مصر كما أشار تقرير للجنة الإسكان بمجلس الشعب المصري. بينما حدد التقرير نصيب القاهرة وحدها من هذه العقارات غير الآمنة بنحو ٥٠ ألفا عقار ويبلغ عدد حالات الخطورة الداهمة نحو 18200 وحدة سكنية يعيش سكانها في انتظار خطر الموت تحت أنقاض عقاراتهم لانهم ببساطة لا يستطيعون تدبر امورهم.

اسباب انهيار العقارات في مصر متعددة منها ما هو مرتبط بالنظام ومنها اسباب راجعة لاصحاب هذه العقارات وسكانها. فاهم هذه الاسباب المرتبطة بسكان العقارات هو ما اورده المركز المصري للحق في السكن في تقريره عن العام السابق 2008 بأن الظروف الاقتصادية الصعبة للسكان مما يصعب فرصة عمل صيانة دورية للعقارات الى جانب هذا ماقرره عضو مجلس الشعب المصري المهندس سعد الحسيني لايلاف بوجود خلافات في الغالب بين اصحاب العقارات وسكانها في حالات كثيرة الى جانب هذا هناك مناطق سكنية عشوائية انشئت بالكامل في مناطق غير امنة، لانها اقيمت في حرم طريق او في سفح او على حافة منطقة جبلية. بما يجعل هذه المناطق معرضة للانهيار بالكامل.
ولعل حادث انهيار المنطقة الجبلية بالدويقة فوق منطقة سكنية وحصاد مئات الارواح في هذا الحادث كان دليل علي ذلك وهناك حادث انهيار منزل منذ عدة ايام في منطقة بعشوائية laquo;الغلبونيraquo; بالإسكندرية وهي المنطقة العشوائية التى تم بناؤها فوق منطقة شبه جبلية تتخللها مجموعة من الأنفاق الأثرية الأمر الذى يهدد العشوائية بالانهيار مما يؤدي إلى كارثة محققة وموت المئات من المواطنين سكان المنطقة و هو ما حذر منه الخبراء الهندسيون أن عشوائية الغلبوني وصلت إلي مرحلة سيئة جداً، محذرين أن هذه المنطقة معرضة للانهيار بالكامل مع أول نوة شتاء قوية وبالطبع هذه المناطق تكون عقاراتها غير مدرجة كلها علي انها معرضة للانهيار.

لكن حتى هذه الاسباب تبدو الحكومة كانها مسؤولة عن اغلبها بشكل او باخر حسب ما يرى الحسيني قائلا إن الحكومة مسؤولة عن ايجاد سكن بديل خاص لمحدودي الدخل. حيث ان كمية المساكن المعروضة في سوق العقارات المصري والتي تناسب اسعارها محدودي الدخل قليلة جدا ولا تفي بالغرض. ويجب تطوير هذه المناطق العشوائية سواء بنقلها او بالعمل علي تطويرها. الى جانب الاسباب الاساسية التى ترجع للحكومة منذ البداية؛ مثل حالة quot;التكاسل والتراخيquot; في تنفيذ نصوص وأحكام قرارات الإزالة و الإخلاء وهو مايؤكده تقرير الحق في السكن حيث يورد أن الأحياء لم تنفذ إلا 39 ألف و97 قرار صيانة وترميم المنشآت من اصل 89 ألف و392 قرارا أى بنسبة 40% فقط، وهو ما يعني وجود 50 ألف أسرة في انتظار خطر الموت تحت أنقاض عقاراتهم.
بينما صنف التقرير 18 ألف و200 حالة تحت بند الخطورة الداهمة وهو ما يدعو الحسيني ليؤكد أن هذا الكسل والتراخي يصل في كثير من الأحيان إلى درجة quot;العمدquot; حتى في حالات الخطر الداهم مما اوجد هذه السلسلة المرعبة من الكوارث وان نسمع عن سقوط عقار كل يوم على فوق سكانها وموت العشرات منهم، وهو يتفق د. مجدى قرقر ndash; مهنسون ضد الحراسة ndash; مع النائب الحسيني حول أسباب انتشار مخالفات البناء مؤكدا أنها لا تحدث إلا بسبب غيبة مسئولى الأحياء أو سياسة quot;غض الطرفquot; التى عادة ما يتبعونها في مقابل الحصول على رشاوى، ويضيف:quot; زيادة مخالفات البناء تعد مؤشرا واضحا على زيادة معدلات الفساد في الأحياءquot;.

ويوضح قرقر أن قرارات الازالة لا تتجاوز 10% بسبب سوء الحالة الانشائية بسبب غش وسوء المواد المستخدمة في أعمال البناء اما النسبة الباقية ترجع الي جشع بعض الملاك الذين يستخدمون رخصة بناء لأربع أدوار لبناء ما يفوق عشرة أدوار. أما السبب الثاني فيكون لمخالفة العقار اشتراطات الارتفاعات وخط التنظيم رغم أنه سليم من الناحية الانشائية.

من الممكن منع هذه الكوارث منذ البداية عن طريق الاحياء التي تراقب البناء في مصر و لكنها غارقة في الفساد وهو ما تعلق عليه نجوي عباس عضو مجلس محافظة القاهرة قائلا اغلب المخالفات تتم في ايام الاجازات ايضا الي جانب الفساد المنتشر بين موظفي الاحياء والذي يجعلهم يغضوا الطرف عن ازالة عقار لان احد الاطراف له مصلحة ان يبقي كما هو و بالطبع يتفاهم مع موظفي الحي ونحن نأمل في صدور قانون البناء الجديد حتى يحكم الموضوع بشكل اكثر فاعلية.

فوزي السيد 60 سنة عنده سبب اخر فهو يسكن في بيت اثري في منطقة الجمالية في القاهرة الفاطمية. يقول ان عمر البيت انتهى منذ زمن. ونحن لانستطيع ترميمه لان هيئة الاثار هي من يقوم بذلك. وعلى هذا نحن لا نستطيع ان نحمي انفسنا من خطر الانهيار. ومن المعلوم ان الزلزال الذي ضرب مصر عام 1992 والذي هدم فيه 627 عقار كان اغلبها في الاحياء القديمة في القاهرة.