رشيد صوفي مندهوك: لا يأبه سيراون بمناداة زوجته ليساعدها في المطبخ، بل يتطلع إلى مطبخ في مسلسل تركي يبدو أكثر أناقة وسعة من نظيره في بيته، ويتسامر فيه أبطال المسلسل برومانسية، يليه مشهد آخر لمدينة تركية أنيقة ومنظمة ما دعاه إلى التفكير في الذهاب اليوم التالي إلى اقرب مكتب للسياحة كي يحجز مقعدا باتجاه تركيا لعله يرى العرض التلفزيوني على ارض الواقع حيث quot;الماء والخضراء والوجه الحسنquot; كما يقول.

ويقول سيروان( 40 سنة) إن quot;المسلسلات التركية عرضت لنا مشاهد جميلة عن الطبيعة في تركيا، وعن السلوك الذي يبدو متحضرا كما يجسده أبطال المسلسلات الذين لا يقلون جمالا عن المشاهد الطبيعية، وكل شيء يبدو أنيقا وحلوا يستحق المشاهدة على ارض الواقعquot;.

ويضيف سيروان أن quot;تلك المشاهد ممكن مشاهدتها في مسلسلات وأفلام أميركية فتبدو عادية، ولكن مشاهدتها في مسلسل من بلد يشبهنا في العادات والتقاليد أمر له أثره الكبير، خصوصا حين تكون مدبلجة باللغة العربية والكرديةquot;.

ويختم حديثه بالقولquot;كلنا نحب الجمال وحين يكون متاحا لن ندخر جهدا في مشاهدته أو الحصول عليهquot;، ملوحا بتذكرة السفر التي نالها بعد ذهابه إلى مكتب السياحة، حين التقيناه بعد عدة أيام.



سياحة تلفزيونية
quot;لم يعد سرا أن 80% من أهالي المنطقة يتوجهون إلى تركيا حاليا لمشاهدة الأماكن والمناطق التي تعرضها المسلسلات التركيةquot;.

كانت هذه هي أول عبارة استقبلنا بها معاون مدير شركة بيروكروب للسياحة في دهوك، ليؤكد بعدها أن quot;الشركات السياحية المحلية تأخذ تلك الأماكن بعين الاعتبار في برنامجها السياحي وتروج لها من خلال الدعايةquot;.
ويستدرك شفان محمد سعيد بالقول إن quot;شركته تنظم رحلتين أو ثلاث رحلات إلى تركيا شهرياً لأن الدراما التركية المدبلجة باللغتين الكردية والعربية، أدت دوراً فعالاً في تعريف بلدهم بالآخرين مما ساهم في تفعيل وجذب السياح من منطقتنا إلى تركياquot;.

ويضيف سعيد أن quot;الخدمات السياحية التي تقدمها شركات السفر التركية تعمل أيضا على اجتذاب الزوار، وبأسعار مناسبة تصل إلى نحو 500 دولار للرحلة الواحدة لمدة أسبوع كامل، مما يزيد برغبة المواطنين في السفر ولمرات عدة أحياناً quot;، بحسب قوله.



أزور تركيا.. وأستمتع بمسلسلاتها
ويعتقد المواطن إدريس أحمد، 35 سنة، أن الدراما التركية تحمل رسالة مهمة، فهي بنظره quot;تروج للمفاهيم والقيم الإنسانية والمدنية، فتركيا تعد من الدول المتقدمة في منطقة الشرق الأوسط وبإمكاننا الاستفادة منهاquot;.

ويضيف إدريس لـquot;السومرية نيوزquot;، أن quot;تركيا تمتلك مناطق سياحية خلابة، فضلاً عن أن مواطنيها يتمتعون بدرجة من اللياقة والثقافة السياحية، بصورة أسهمت في جذب السياح من مختلف مناطق العالم إليهاquot;.
ويتابع أحمد قائلا quot;أنا أزور تركيا مرتين على الأقل في السنة، وأتمتع بمشاهدة المسلسلات التركية لأنها تعبر عن حياة مجتمع متطور في الشرق الأوسطquot;.


فضائياتنا تقدم دعاية مجانية للثقافة والسياحة التركية
من جهته، يعتقد الإعلامي والفنان محمد علي أتروشي، أن quot;بعض المحطات التلفزيونية في المنطقة تحولت إلى أجهزة دعائية مجانية للثقافة والسياحة التركية من خلال المسلسلات التي تقدمها على شاشاتهاquot;.

وينتقد أتروشي القنوات التلفزيونية الأرضية والفضائية، لأنها quot;لم تول اهتماماً ملحوظاً بدعم الدراما الكردية، في حين أنها تصرف مبالغ كبيرة لإنتاج الأغاني والبرامج الرياضية، والتي لا تسهم في التنمية الفكرية والثقافية بالمقارنة مع الدور المهم للدراما في توعية المجتمعquot;.

ويؤكد أتروشي على أهمية أن quot;يتولى إعلامنا ومحطاتنا التلفزيونية صياغة رؤية واضحة لتوعية الفرد الكردي وتوسيع آفاقه المعرفيةquot;، وفقا لقوله.

الدراما التركية تهمشنا
وفي الوقت الذي ينتقد فيه البعض ظاهرة انتشار الدراما التركية على شاشات الفضائيات لتهميشها للإنتاج الثقافي والسياحة المحلية، يرى آخرون أنها تسهم في التفاعل والإطلاع على الحضارات الأخرى.

وتشير إحصائيات شركات السياحة في دهوك،460 كلم شمال بغداد، إلى أن إقبال المواطنين على السفر إلى تركيا في ازدياد مستمر.

يقول المواطن سنور خليل (38 سنة) لـquot;السومرية نيوزquot;، إن quot;المسلسلات التركية تحمل حزمة من الرسائل التجارية والاجتماعية والسياسية بهدف إظهار المجتمع التركي كمجتمع منفتح ومتطورquot;.

ويلفت خليل إلى أن quot;الفراغ الموجود في الدراما الكردية والعربية هو الذي أدى لاستغلال الأتراك للفرصة وملء الفراغ بشكل أثر إلى حد ملموس على الجوانب الاجتماعية والثقافية لمجتمعناquot;، مبيناً أن quot;معظم شبابنا وشاباتنا بدأوا يقلدون الممثلين الأتراك في تصرفاتهم وفي أزيائهم أيضاً.



تركيا استعملت الإعلام بذكاء
من جهته، يعتبر المحلل الاقتصادي محي الدين نور الدين أن quot;تركيا وظفت بذكاء المسلسلات المدبلجة إلى اللغات العربية والكردية، في جذب آلاف من اهالي إقليم كردستان العراق للسياحة في تركيا، ونجحت في تحقيق هدفهاquot;.

ويضيف محي الدين لـquot;السومرية نيوزquot;، إن quot;نسبة غير قليلة من الثروات النقدية بدأت تذهب إلى تركيا في حين إن القطاع السياحي داخل إقليم كردستان العراق ما زال يعاني من قلة الاستثمارquot;، مؤكداً في الوقت نفسه على الجوانب الايجابية للسفر إلى الخارج quot;للتعرف على الثقافات والحضارات الأخرى والاستفادة من تجارب شعوبهاquot;.

ويدعو نور الدين الجهات المعنية في القطاع السياحي بإقليم كردستان العراق إلى quot;وضع خطط إستراتيجية لإنعاش السياحة في الإقليم، من خلال نشر الثقافة السياحية بين المواطنين وتوفير خبراء وكوادر سياحية مؤهلة للعمل في المرافق السياحية، فضلاً عن تشجيع رؤوس الأموال المحلية والأجنبية للاستثمار في القطاع السياحيquot;.

يذكر أن بعض المراقبين يؤكدون أن المسلسلات التركية التي ترجمت إلى اللغة الكردية مؤخراً، أثرت بشكل ملحوظ بعد عرضها في القنوات التلفزيونية في سلوكيات العديد من الأفراد، ومنها تسمية الأطفال حديثي الولادة بأسماء الممثلين والممثلات الأتراك، والإقبال على شراء أنواع معينة من السيارات والألبسة، واختيار قصات الشعر التي يظهر بها ممثلو المسلسلات التركية.