ثقة رغم التعادل
بهاء حمزة
قدم جمهور الكرة المصرية عقب انتهاء مباراة منتخبه الوطني امام المغرب في مباريات المرحلة الثانية لبطولة الامم الافريقية يوم الثلاثاء الماضي نموذجا في التشجيع الفاهم لكرة القدم اذ انه خرج راضيا عن فريقه وعما قدمه في المجمل خلال المباراة رغم انه لم يحقق الفوز الذي كان يكفل له التاهل المباشر قبل انتظار نتائج اللقاء الختامي للمجموعة امام كوت ديفوار على عكس الموقف عقب مباراة ليبيا التي لم يرض الفوز بها بثلاثية نظيفة نفس الجماهير وخرجت وهي تضع يدها على قلبها خوفا من مقالب المنتخب المصري المشهورة، لكن جمهور مباراة الامس وان احزنه بالطبع ضياع فرصة التأهل المبكر والتي كانت في متناول لاعبي مصر خلال المباراة الا انه شعر بعد انتهاء المباراة بأن لديه فريقا ثقيلا يستطيع مقارعة المنتخبات الكبيرة في افريقيا ويملك زمام مبارياته معها على غرار ما فعله امام المغرب رغم السيطرة الشكلية لاسود الاطلس على نصف الملعب خصوصا في الشوط الاول.
ومع بداية المباراة كان كل من الفريقين يملك اوراق للثقة وحوافز للفوز، فمنتخب مصر كان مسلحا بالجمهور والفوز الكبير على ليبيا فضلا عن قناعته لاعبيه وجمهوره بأن مغرب 2006 التي تعرضت للعديد من المطبات التقنية والادارية قبل حضورها الى القاهرة ليست هي مغرب تصفيات المونديال ولا تونس 2004.. اما الحوافز فهي الرغبة في حسن بطاقة التأهل قبل اللقاء الختامي اراحة للاعصاب وافساحا للفرصة امام كتيبة الاحتياط للمشاركة في المباراة الاخيرة نزعا لفتيل غضبهم من عدم المشاركة وجذبا لمزيد من التأييد الجماهيري خلال ما تبقى من مباريات البطولة وأخيرا وهو الاهم تجنب مواجهة الكاميرون المشتعلة بالرغبة في الثأر والمتوهجة فنيا في دور مبكر في البطولة.
في المقابل كان لاعبو المغرب رغم الازمة التي يعيشونها على المستوى الاداري يملكون ثقة كبيرة مستندة الى تفوقهم التاريخي على منتخب مصر في القاهرة والدار البيضاء واي مكان واجهوه فيه فيما بات يعرف بالعقدة وهي التي يدرك المغاربة جيدا خصوصا اصحاب الخبرة منهم انها تسبب ارباكا شديدا للاعبي مصر في كل مواجهة امامهم مهما كان تفوقهم الفني عليهم، كما كان المغاربة يملكون الحافز للفوز للحاق بركب المنافسة على التأهل خاصة بعد فوز كوت ديفوار على ليبيا وضمان تاهلها ما كان يعني لابناء محمد فاخر ان الفوز وحده كان بوابة الولوج للدور التالي.
ومع وفرة الحماس والجهد المبذول من لاعبي الفريقين طوال المباراة الا ان المنتخب المصري ارتكب عبر جهازه الفني خطأ تكتيكيا فادحا في الشوط الاول تمثل في الاعتماد على الطريقة الانجليزية القديمة وهي kick amp; rush أي رفع الكرات العكسية من منطقة عمليات المنتخب المصري الى منطقة عمليات المغرب مباشرة مع الغاء دور خط الوسط الذي انضم لاعبوه للدفاع في اغلب الاحيان ما اتاح مساحة كبيرة جدا في الوسط امام اسود الاطلس امتلكوا من خلالها مفاتيح اللعب لكن من دون خطورة حقيقية على مرمى الحضري لأن طريقة لعبهم افتقدت للشجاعة الهجومية وبدا ان مدربي الفريقين يخافان من الهزيمة اكثر من حرصهما على الفوز رغم الفرصة النادرة التي اتيحت للاعب مصر احمد فتحي الذي كان احد ابرز نقاط الضعف في فريقه واضاعها بغرابة شديدة.
لكن الحال انقلب في الشوط الثاني تماما بعد التغيير الناجح الذي اجراه شحاتة (المفترى عليه) بنزول حسن مصطفى بدلا من احمد فتحي ثم ابو تريكة بدلا من احمد حسن حيت استعادت مصر السيطرة على منتصف الملعب وتمكنت من عزل مهاجمي المغرب تماما وسهل مهمتها التغيير غير المبرر والغريب لمدرب المغرب بسحب يوسف حاجي انشط واخطر لاعبيه.
وسيطر المنتخب المصري لكن من دون خطورة حقيقية على المرمى بسبب القصور الواضح في التكتيك الهجومي او في تنفيذه من اللاعبين ومع هذا اتيحت اكثر من فرصة من تسديدات بعيدة او كرات ثبتة انقذها الجرموني حارس المغرب كما تألق الحضري في المقابل في ابعاد رأسية حاجي الخطيرة قبل خروجه.
انتهاء المباراة بالتعادل السلبي لتكون الاولى في هذه البطولة التي تشهد تعادلا كما انها اول مباراة لا تشهد اهدافا لم يفت في عضد المصريين على اعتبار ان لديهم نظريا فرص اكثر من تلك التي يتوفر عليها المغاربة حيث يكفيهم التعادل او الفوز او حتى الهزيمة بهدف بشرط ان تستأسد ليبيا امام المغرب وتتعادل او تنهزم بهدف واحد او اثنين على الاكثر وهي كلها احتمالات ممكنة خصوصا ان هناك في مصر من يتحدث عن ضرورة قيام العاجيين برد جميل منتخب مصر الذي خطف بطاقة التأهل للمونديال من فم الكاميرون ليهديها الى زملاء دروجبا في اخر مباريات التصفيات. لكن الاهم من الاطمئنان النسبي على التأهل هو استعادة مدرب المنتخب ولاعبيه جزءا من ثقة جماهير الكرة المصرية التي كانوا قد فقدوها بفعل فاعل في الفترة الاخيرة.
التعليقات