بطولة الشيوخ


طلال الحمود

عندما قال رئيس الاتحاد الاسيوي محمد بن همام عن دورة الخليج لكرة القدم، انها quot;بطولة شيوخquot;، قامت الدنيا ولم تقعد، على اعتبار ان الرجل

طلال الحمود
الاسيوي وجّه انتقاداً يسيء للبطولة ومكانتها في نفوس الخليجيين، وعلى رغم أن ابن همام ليس الشخص المناسب لتوجيه الانتقادات إلى هذه الدورة ومنظميها، إلا أن ما قاله لم يكن بعيداً عن الواقع، إذ ان بطولة منتخبات الخليج باتت بمثابة المشهي الذي تضعف أمامه النفوس بالنسبة لصانعي القرار الرياضي في بلدان الخليج، خصوصاً أن اهتمام الاعلام برؤساء الوفود خلال الفعاليات، يفوق الالتفات الى مباريات البطولة ولاعبي المنتخبات المشاركة!
وبالأمس تحركت الكويت على مستوى القيادة السياسية، لضمان المشاركة في كأس الخليج، وعاد أحمد الفهد إلى الواجهة مجدداً، بعدما رمى بثقله وراء تحرير الاتحاد الكويتي من عقوبات laquo;الفيفاraquo;، ولو بالحصول على قرار إعفاء موقت، مع أنني لست متأكداً من أن الكويتيين سيبذلون المساعي ذاتها، لو كان الأمر يتعلق بكأس العرب أو دورة غرب آسيا، ومع ذلك لا يلام الاتحاد الكويتي، لأن لهذه البطولة ذكرى جميلة في أذهان الكويتيين، خصوصاً أن كأس الخليج كانت بمثابة الانطلاقة الحقيقية لانجازات الكويت على الصعيد الاسيوي، التي بلغت ذروتها بالوصول الى دورة ألعاب موسكو 1980، والتأهل الى نهائيات كأس العالم 1982.

وليست الكويت وشيوخها وحدهم من يعتز بهذه البطولة، لأن بلدان الخليج الأخرى تمارس، طقوساً مشابهة لمثل هذه الدورة، التي باتت تأسر قلوب المسؤولين بعيداً عن الأصوات المطالبة بايقاف البطولة على مستوى المنتخبات الوطنية وتخصيصها للفرق الأولمبية، ويكفي أن مسؤولين كثراً في الاتحادات الخليجية يعلمون، أن هذه البطولة ليست ذات فائدة لمنتخباتهم، وبل وربما كانت ذات تأثيرات سلبية، إلا أن بريق تلك البطولة ما زال كفيلاً بأن يتخذ هؤلاء قراراً على عكس المنطق، من خلال الذهاب الى البطولة بالمنتخب الأول، حتى لو كان الثمن عدم بلوغ المراحل النهائية في بطولات كأس الأمم الاسيوية ونهائيات كأس العالم.

ويروي لنا تاريخ البطولة مشادات كلامية ومفارقات طريفة، أبطالها دائماً الشيوخ الموجدون في الدورة، علماً بأن جزءاً من ذلك لا يحدث عندما يسافرون وراء منتخباتهم، للمشاركة في المناسبات القارية والعالمية، فالتصريحات النارية والتعليقات الطريفة لا تصدر عن الشيوخ إلا عندما يرفع علم دورة الخليج لكرة القدم، وبخلاف ذلك يبقى الهزل هزلاً وتطغى روح الجدية. وما زلنا نتذكر مواقف لا تنسى أبطالها الشيوخ، بدءاً من تصريحات الراحل فهد الأحمد، التي لم يكن السعوديون يستسيغونها على رغم طرافتها، لأنها كانت تشير إلى الفرق الهائل بين الكرتين الكويتية والسعودية في تلك الحقبة، مروراً بقرارات كانت في ذلك الوقت تعبر عن إرادة سياسية على نحو قرار الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، بسحب منتخب بلاده من بطولة عام 1982 في أبو ظبي، حفاظاً على علاقات العراق بجارتها الكويت، والقرار المفاجئ بعدم مشاركة السعودية في بطولة عام 1990 في الكويت، احتجاجاً على تعويذة الدورة التي كانت تحمل اسقاطات سياسية، وانتهاءً بالدعم اللافت الذي وجده منتخب الامارات في البطولة الأخيرة قبل نحو عامين في ظاهرة لافتة، برهنت على أهمية كأس الخليج في نفوس المسؤولين وفي مقدمتهم الشيوخ!

ليس عيباً أن تنعت مباريات كأس الخليج بـ quot;بطولة الشيوخquot;، لكن المحبط لنا جميعاً ألا تقدم هذه البطولة فائدة للمنتخبات الخليجية، بل ان الأكثر احباطاً أنها تسهم في هدم كثير من المنتخبات، وأن تسبب للاعبين كسراً نفسياً قبل المناسبات الأهم، وهو ما اعترف به الراحل فهد الأحمد، حين رفض مشاركة الكويت بالمنتخب الأول في نسختي العامين 1979 و1982، حفاظاً على معنويات لاعبي منتخب بلاده قبل المشاركة في الاولمبياد وكأس العالم، وهي شهادة شيخ على بطولة الشيوخ

عن الحياة