ادهشت التغطية التلفزيونية في فوز برادفورد سيتي من الدرجة الثانية 3-1 على نادي البريمير ليغ أستون فيلا في مباراة إياب نصف نهائي كأس quot;كابيتال وانquot; الثلاثاء الماضي، المرء بمشاهد أكثر إثارة ولافتة للنظر.


روميو روفائيل ndash; إيلاف: لم يكن هناك أي شيء غير عادي في سلوك مهاجمة مشجع شديد الانفعال لبرادفورد بألفاظ عنيفة لشخص واقف أمامه في المدرجات، وذلك ربما بسبب طول قامته أو ربما لأنه لم يستطع أن يسمع ما تقوله الميكروفونات المثبتة في جوانب الملعب. لأن معظم المشجعين يعتقدون بأن سعر تذكرة الدخول إلى ملاعب كرة القدم تشمل في هذه الأيام الحق للتعبير بصوت عالٍ والصراخ ضد لاعبي الفرق المنافسة.
ولكن ما كان غير عادياً هو وجود مشجعة تصرخ نحو لاعب وسط استون فيلا باري بانان. وكانت هذه المشجعة آسيوية ترتدي الحجاب وتجلس مع صديقتين لها في قسم من مدرجات الملعب المزدان بحشد من الوجوه الآسيوية.
وإذا كان من الممكن أن يمثل صراخ شخص ما نحو لاعب كرة قدم دليلاً على التقدم الاجتماعي، إذن كانت صورة صرخة الآسيوية المحجبة الأكثر دعماً في هذا الموسم.
وبعد كل الإساءات والقدح حول عنصرية بائسة التي انتشرت في كرة القدمالانكليزية في الآونة الأخيرة، كانت هناك شابة مسلمة مرتاحة وسط حشد مختلط عرقياً، تشارك مع الإمكانات التقليدية للعبة. ومع فعلها هذا، فإنه من الواضح أنها كانت تتمتع بحريتها، وكان شيئاً لطيفاً لرؤية مثل هذه الأحداث في الملاعب البريطانية.
والأخبار السارة هي أن محجبة برادفورد ليست وحدها. فقد شعر الآسيويون لسنوات عدة بأنهم عار على اللعبة لإستبعادهم من الانغماس في أمجاد كرة القدم، إلى درجة شعورهم بالعزلة. إذ يفضل الرجال البريطانيون من أصول آسيوية متابعة مباريات الكريكيت إلى حد بعيد، في حين أن الآسيويات الشابات لم يشعرن أبداً بالراحة عند حضورهن للملاعب.
وبفضل بعض المبادرات واسعة الخيال، فإن أجزاء من اللعبة وصل على نحو متزايد إلى الجمهور الآسيوي. الأمر الذي ساعد الناحية التجارية، إذ لم يكن شيئاً آخر. وهي ناحية جوهرية للأسواق داخل المناطق المتوسطة الدخل من المدن في ظل وجود الملاعب.
والآسيويون قادمون. ففي مباريات مانشستر يونايتد في أولد ترافورد يلاحظ مشاهدي التلفزيون منذ سنوات عدة عائلة من السيخ جالسة بقرب من مقاعد البدلاء توزع الحلوى في ما بينها كما يطارد السير اليكس فيرغسون المنطقة التقنية.
وبدأ الاهتمام ينمو في ولفرهامبتون وندروز بين الآسيويين في المدينة بسرعة منذ عام 2007 عندما قام 6 من البنجاب بتشكيل quot;مجموعة مشجعي وولفزquot;.
وعلق مؤسس المجموعة راج باينز على ذلك بقوله لصحيفة quot;دايلي تلغرافquot;: quot;بدأت بالذهاب إلى المباريات منذ 1979 وكنت أشعر بالخوف بعض الشيء في الأيام الأولى حتى من جماهير النادي. ولكن الآن لا توجد أي مشكلةquot;.
وفي غضون خمس سنوات نمت هذه المجموعة إلى نقطة أنه أصبح لديها الآن أكثر من 800 عضو يجلسون في مناطق مختلفة عندما يلعب ناديهم على أرضه. ولكن يكون وجودهم ملحوظاً عندما يلعب وولفز خارج أرضه، لأنهم يسافرون ويجلسون معاً ويقرعون الطبول الهندية كلما اقتربوا من الملاعب التي يقول عنها باينز إنها quot;تعطيهم هويتهم ولكننا نعتبر أنفسنا جزءاً لا يتجزأ من أسرة الناديquot;.
وقد اتصل مسؤولون من ويست بروميتش البيون واستون فيلا وبرمنغهام سيتي براج باينز وذلك في سعهيم لأخذ مشورته حول انشاء مجموعات مماثلة في أنديتهم.
وفي الحقيقة، ربما لم يكن تعبير المشجعة المحجبة في مدرجات برادفورد عن إثنيتها كما عن عمرها. فقد كان واضحاً أنها دون العشرين عاماً مع حقيبتها متدلية حول رقبتها وبدت كأنها طالبة.
والشباب الصغار هم نوع من الجيل المهدد بالإنقراض حقاً في الروافد العليا للعبة الجميلة. ففي الدوري الممتاز فإن الحشود ستعّمر أسرع من المدير الفني في استون فيلا بول لامبرت الذي شاهد كيف فشل مدافعيه الثلاثاء الماضي.
ومع فحص دقيق للمدرجات خلال أي مباراة في البريمير ليغ فإن متوسط أعمار الجماهير هو أكثر من 45 عاماً، والأندية لا تفعل شيئاً يذكر لمصلحة هذه الشيخوخة الديموغرافية.
ففي استاد الإمارات يوم الأحد المقبل ستكون تذكرة الدخول لمشجعي مانشستر سيتي 62 جنيهاً استرلينياً للفرد الواحد، ربما يعتقد ارسنال بأن جميعهم سيأتون من أبوظبي!، وسوف لن يكن هناك الكثير من الطلاب في هذا الحشد، إلا إذا دفع ذويهم قيمة التذكرة.
أما في دوري الدرجات الدنيا، فإن المسألة تختلف. ففي ميلتون كينز، على سبيل المثال، الذي يشاهده جمهوراً أصغر سناً بشكل ملحوظ عن أي ملعبآخر في الدوري الانكليزي، فإن المنصة الرئيسية تكون مكتظة بالأسر، في حين أن سرب من الشبان الصغار يجتمعون في أحد مدرجات الملعب ليشجعوا فريقهم.
وهذا ربما ليس شيئاً مستغرباً، لأن سعر تذكرة نصف الموسم، مع الأخذ في الاعتبار بقية حملة ميلتون كينز في دوري درجة الأولى، متاحة لدون 18 عاماً بعشرين جنيه استرليني. وهذا المبلغ ليس لمباراة واحدة، بل لكل المباريات العشر المتبقية. وهذا النوع من الأسعار متاح أيضاً إلى جميع الذين لم ترتفع أجورهم تماشياً مع التضخم في البلاد.
والشيء ذاته ينطبق في برادفورد. فعلى رغم أنه بدأ يغرق في دوري الدرجة الثانية، إلا أنه يسعى جاهداً للحفاظ على مستويات جماهيره بالإبقاء على الأسعار المخفضة للتذاكر.
وعلى افتراض أنها كانت قد أظهرت بطاقتها كطالبة، فإن الآسيوية المحجبة التي كانت تشجع بعنف، كانت قد دفعت 14 استرلينياً ليلة الثلاثاء لمشاهدة مباراة نصف نهائي كأس quot;كابيتال وانquot; (كأس الدوري). وبعد هذه التجربة وما عاشته فإن هناك كل الفرص بأنها ستعود إلى الملاعب مرة أخرى.
قد يكون النتاج ضرورياً ndash; في حال برادفورد ربما اليأس ndash; ولكن ما فعلته سياسة الإبقاء على أسعار مخفضة هو وضع علامة جديدة ومسار مختلف في كرة القدم.
وبينما كان الدوري الممتاز أكثر ثراء وجماهيره معمرة أكثر من أي وقت مضى وجمهوره من البشرة البيضاء في نهاية المطاف ولا محالة من التراجع، فإن أندية مثل برادفورد وجدت الطريق للتجديد.
في الواقع، يمكن القول إن هذه الآسيوية المحجبة، التي تشجع نادٍ في الدرجة الثانية، ستكون هي، وغيرهن مثلها، مستقبل كرة القدم الإنكليزية.