ان الحديث عن التعاقد مع اللاعبين الكبار على غرار الارجنتيني غونزالو هيغواين دائما ما يأخذ الحيز الاكبر من الاهتمام وفريق نابولي الايطالي ليس بالاستثناء، لكن هناك تعاقد اجراه النادي الجنوبي هذا الصيف قد يعيده بالذاكرة الى امجاد اواخر الثمانينات وهو متمثل بشخص المدرب الاسباني رافايل بينيتيز.

اذا ما اراد المرء التحدث عن لاعبين كبار بمقدورهم قيادة اي فريق الى المجد، فنابولي كان يملكهم واخرهم الاوروغوياني ادينسون كافاني المنتقل الى باريس سان جرمان الفرنسي بصفقة كبيرة جدا، الا ان ذلك لم يكن كافيا للفريق الجنوبي لكي يعود مجددا الى ساحة التتويج وان كان سمح له بان يتوج في الموسم قبل الماضي بلقبه الاول على الاطلاق منذ 1990 باحرازه الكأس الايطالية.

من المؤكد ان لاعبين مثل الاسطورة الحية الارجنتيني الاخر دييغو مارادونا بامكانهم ان يخلقوا الفارق كما فعل عامي 1987 و1990 حين قاد نابولي الى لقبيه الوحيدين في الدوري اضافة الى لقب كأس الاتحاد الاوروبي عام 1989 والكأس المحلية عام 1987.

لكن اللاعبين لا يحققون الاستمرارية بل يحتاج كل فريق الى الاسس الصحيحة التي تخوله بناء فريق قادر على مقارعة الكبار، وبينيتيز هو الشخص الذي بامكانه ان يحقق هذا الامر في quot;سان باولوquot; لانه يختلف عن جميع المدربين الذين تناوبوا على quot;بارتينوبيquot; او quot;اي كيوتشاريليquot;.

وسجل بينيتيز يشهد له اذ احرز مع فالنسيا لقب الدوري الاسباني مرتين (2002 و2004) وكأس الاتحاد الاوروبي (2004) ومع ليفربول الانكليزي الكأس المحلية (2006) ودوري ابطال اوروبا وكأس السوبر الاوروبية (2005) ومع انتر ميلان الايطالي كأس السوبر المحلية وكأس العالم للاندية (2010) ومع تشلسي الانكليزي الدوري الاوروبي quot;يوروبا ليغquot; الموسم الماضي قبل ان يخلف وولتر ماتزاري في الاشراف على نابولي.

بينيتيز رجل قليل الكلام وهو يفضل دوما ان لا يكشف عن مخططاته التكتيكية لان quot;كرة القدم كذبةquot; بحسب ما قاله المدرب الاسباني مؤخرا لصحيفة quot;لا ريبوبليكاquot; الايطالية، مضيفا quot;لا يمكنك ان تفصح امام العامة عن بعض الحقائق. انا اعلم ايضا اذا كان اداء احد لاعبي فريقي سيئا لكني لا ابوح بهذا الامر امام محطات التلفزة او في الصحف لاني سأحرقه وهذا لا يجوز لاني بحاجة اليهquot;.

وقد نجح بينيتيز في مهمته مع نابولي حتى الان اذ لم يذق الفريق الجنوبي سوى هزيمة واحدة في الدوري هذا الموسم وكانت الجمعة الماضي على يد روما المتصدر (صفر-2) في مباراة حصل فيها الفريق الازرق على العديد من الفرص لكنه افتقد الى الواقعية بحسب مدربه الاسباني الذي قاد الفريق قبل هذه المباراة الى ستة انتصارات وتعادل في سبع مراحل.

وقد اظهر نابولي ان مستواه ارتفع تكتيكيا بقيادة بينيتيز وذلك من خلال الفوز على بوروسيا دورتموند الالماني وصيف بطل الموسم الماضي (2-1) في الجولة الاولى من الدور الاول لمسابقة دوري ابطال اوروبا، وهو يأمل ان يضيف الفوز الثاني غدا الثلاثاء على حساب مرسيليا الفرنسي بعد ان سقط في الجولة الثانية امام المتألق ارسنال الانكليزي في معقل الاخير (صفر-2).

ان الفكر التكتيكي العالي الذي يتمتع به بينيتيز لم يكن وليد الصدفة، اذ بدأ المدرب الاسباني شغفه التدريبي منذ ان كان في الثالثة عشرة من عمره حين كان يسدي النصائح لزملائه دون ان يدركوا ذلك quot;لان كرة القدم كذبة وتكتم ايضاquot; بحسب ما يقول، مضيفا quot;منذ تلك الفترة وانا افكر بالجماعية (في طريقة اللعب). كنت بمثابة المدرب في ارضية الملعب. ما زلت اسمع صافرات والدي الذي كان يصرخ قائلا: +توقف عن الثرثرة واصعد للتسجيل (في مرمى الخصم)!+quot;.

لعب القدر دوره في تحديد وجهة بينيتيز، اذ اضطر لترك الملاعب وهو في السادسة والعشرين من عمره بعد تعرضه لاصابة قوية خلال بطولة الجامعات في المكسيك عام 1979، حيث اصيب بكسر بعد تدخل quot;من اللاعب رقم 10 في كندا (لا يتذكر اسمه). لم تتعاف ركبتي بعدهاquot;.

من المؤكد ان بينيتيز لم يفكر حينها بانه سيصل الى مستوى يضعه حاليا في مصاف مدربي النخبة الذي ينافسون مع فرقهم على كافة الجبهات المحلية والقارية.

ويأمل بينيتيز ان تكون مغامرته الجديدة في الجنوب الايطالي مثمرة خصوصا على الصعيد القاري حيث سيكون الفوز على مرسيليا غدا هاما جدا لنابولي.

ويعول المدرب الاسباني على سجله المميز في مواجهة مرسيليا اذ توج على حساب الفريق الفرنسي بلقب كأس الاتحاد الاوروبي عام 2004 مع فالنسيا، كما تفوق عليه في ثلاث مناسبات اخرى من اصل اربع مواجهات حين كان مدربا لليفربول وذلك في دور المجموعات لدوري ابطال اوروبا لموسمي 2007-2008 و2008-2009، بينها الفوز الكبير في quot;فيلودرومquot; 4-صفر بعد الخسارة ذهابا في quot;انفيلدquot; صفر-1.

وفي حال نجح بينيتيز في التأهل مع فريقه الى الدور الثاني عن هذه المجموعة الصعبة للغاية فسيعزز شعبيته بين جماهير النادي الجنوبي التي ما زالت تحلم بايام مارادونا وبايام الاحتفالات الصاخبة التي لا تزال عالقة في اذهان عشاق كرة القدم ليس في ايطاليا وحسب بل في العالم باجمعه.