تسعى الصين للتحول قوة عالمية في كرة القدم، الا ان أداء منتخبها لا يزال دون إحراز كأس العالم أو حتى بلوغها. الا ان العملاق الآسيوي يشق طريقا موازيا: عقود الرعاية مع الاتحاد الدولي للعبة (فيفا).

تسعى الصين الى ان تكون البلد المضيف لكأس العالم 2030 للمرة الأولى في تاريخها، وتأكيد حضورها على المستوى الرياضي العالمي بعد تنظيمها الباذخ لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2008. الا انه قبل بلوغ هذا الهدف، تتسارع الخطوات الصينية من خلال نقطة قوة أساسية لبكين: القدرات الاقتصادية الهائلة والشركات العملاقة.

خلال عام واحد، وقعت ثلاث شركات صينية كبرى عقود رعاية ضخمة مع الفيفا، هي "واندا" الناشطة في مجال المجمعات التجارية والسينما، و"هايسنس" الثالثة عالميا في صناعة أجهزة التلفزيون، وأخيرا "فيفو" المتخصصة في صناعة الهواتف الذكية.

وهذه الشركات ليست الوحيدة المنخرطة في رعاية النشاطات الكروية، اذ ان موقع "علي بابا" للتجارة الالكترونية (الموازي لأمازون الأميركي)، هو شريك لكأس العالم للأندية منذ العام 2015.

ويأتي توقيع الشركات الصينية لعقود الرعاية المغرية مع الفيفا، ولاسيما منها المرتبطة بمونديال كرة القدم، ليعوض غياب عقود لشركات أخرى كبيرة، منها "سوني" وطيران الامارات و"كاسترول".

ويسعى الاتحاد الذي تهزه فضائح الفساد منذ العام 2015، والذي أعلن تسجيل خسائر قياسية في 2016، الى تعويض غياب الرعاة الكبار، ويبدو انه وجد في الشركات الصينية ضالته.

ويقول مارك غاو، الرئيس التنفيذي لوكالة "مومنتوم سبورتس" التي شكلت وسيطا في الاتفاق بين "فيفو" والفيفا، لوكالة فرانس برس "المفاوضات كانت مضنية حول قيمة العقد، الا ان +فيفو+ شعرت على رغم ذلك بأنه كان مرحبا بها من قبل الفيفا، ولهذا تم التوصل الى الاتفاق بشكل سريع".

يضيف "انا على اقتناع ان وصول رعاة صينيين سيروج ويسرع عملية ترشح الصين واستضافتها لكأس العالم".

عندما أصبحت "واندا" شريكة للفيفا عام 2016، قال رئيسها وانغ جيانلين الذي يعد مقربا من المسؤولين السياسيين في بلاده، ان الشراكة مع الاتحاد "تزيد من فرص" الصين لاستضافة المونديال.

- ماكدونالدز وكوكاكولا -

يحتل المنتخب الوطني الصيني المركز 82 في تصنيف الاتحاد الدولي، الا ان الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي يعرف عنه شغفه بكرة القدم، يقود حملة واسعة في البلاد لتعزيز مكانة اللعبة وتطوير مستواها، ولم يخف أمله في استضافة بلاده كأس العالم وإحراز لقبها.

وتقام بطولة العالم المقبلة سنة 2018 في روسيا (تحتسب من حصة القارة الأوروبية)، ومونديال 2022 في قطر. وفي حال إبقاء الفيفا على مبدأ المداورة بين القارات في حق استضافة المونديال، يستبعد ان تتمكن الصين من استضافة مونديال 2026، وحتى ربما 2030.

ويبدو ان الصين تضع نصب عينيها استضافة كأس العالم بحلول 2030، وهو ما أعلنه سابقا نائب رئيس الاتحاد المحلي زانغ جيان، والذي انتخب في أيار/مايو عضوا في مجلس الفيفا.

الا ان الاقبال الصيني على استضافة المونديال لم يلاق ترحيبا من العملاق الكروي أوروبا، اذ اعتبر رئيس الاتحاد القاري ألكسندر تشيفيرين في حزيران/يونيو ان أوروبا تستحق استضافة مونديال 2030، لا ان يؤول ذلك الى بلد "لديه رعاة كبار"، في اشارة للصين.

أضاف "لا أريد التحدث عن الصين فقط، لكن الأهم هو ان يستضيف كأس العالم البلد الذي يتقدم بأفضل ملف ترشح".

الا ان سيباستيان تشيابرو، مدير مكتب محاماة في جنيف متخصص بعقود الرعاية الاعلانية، غير مقتنع بارتباط الرعاية والاستضافة.

ويقول "الرعاة يطمحون قبل أي شيء آخر الى الترويج لمنتجاتهم. نظريا لا تأثير لهم على خيار البلد المنظم لكأس العالم، والا لكانت الولايات المتحدة استضافت مرارا المونديال بفضل ماكدونالدز وكوكاكولا".

ويعد عملاقا الوجبات السريعة والمشروبات الغازية، من الرعاة الأساسيين لكأس العالم منذ أعوام طويلة.

يضيف تشيابرو "وضع الفيفا يحول دون أي تضارب للمصالح. لكن عمليا، نحن لسنا في كواليس القرارات التي يتم اتخاذها".

- غياب الشفافية -

الا ان المعنيين بالشأن الرياضي غالبا ما يطرحون أسئلة وعلامات استفهام حول الاجراءات وعمليات التصويت لاختيار المضيفين.

ويقول الرئيس التنفيذي لوكالة الترويج الرياضي "تي اس آيه" مارك لوير "إجراءات التصويت ونسق العمل الداخلي للفيفا معقدة جدا وليست شفافة دائما".

ويعتبر ان "الرعاة الصينيين سيساعدون في أي حال على اظهار ان الصين تنتظر بفارغ الصبر استضافة المونديال، ولديها الشركات المطلوبة لتعزيز هذا التوجه".

ويرى لوير ان الصين ستكون "بلدا مثاليا" لاستضافة كأس العالم مستقبلا، نظرا الى عوامل عدة منها الشغف بكرة القدم والمنشآت الجاهزة بمعظمها، والدعم الحكومي، والخبرة السابقة في تنظيم حدث رياضي على مستوى عالمي.

ويعتبر لوير ان "السؤال هو ليس ما اذا كانت قادرة على تنظيم كأس العالم، لكن متى" ستقوم بذلك.