لم يحجب إحراز سائق مرسيدس البريطاني لويس هامليتون بطولة العالم للفورمولا واحد للمرة الخامسة معادلا رقم الأرجنتيني خوان مانويل فانجيو، الأنظار عن تراجع فريق فيراري وسائقه سيباستيان فيتيل، لاسيما وأن الألماني بدا قادرا على إحراز لقب خامس بدوره، لاسيما بعد تصدره الترتيب العام في النصف الأول من الموسم.

ولعل تفسير هذا التراجع يمكن في عوامل عدة، أبرزها سرعة نفاد صبر الألماني والأخطاء التي ارتكبها الفريق على صعيد استراتيجيته والتحديثات غير الموفقة التي أدخلها على سيارته، ما أدى الى مسار انحداري في النصف الثاني وهيمنة كبيرة لهاميلتون الذي حسم اللقب الأحد بعد حلوله رابعا في جائزة المكسيك الكبرى، قبل مرحلتين من نهاية البطولة.

وتجد الحظيرة الإيطالية الأشهر في سباقات الفئة الأولى، نفسها مدعوة للانتظار مجددا لمحاولة إحراز أحد سائقيها اللقب، للمرة الأولى منذ الفنلندي كيمي رايكونن في 2007، وكذلك الأمر للصانعين (2008).

وأتت الخيبة مضاعفة هذه السنة للفريق التي يتخذ من مارانيلو مقرا له، لاسيما وأنه قدم سيارة تعد من الأفضل خلال الأعوام العشرة الماضية، وكانت في مراحل عدة الأسرع على الحلبة، وبدت قادرة على كسر الهيمنة التي فرضها مرسيدس منذ اعتماد المحرك الهجين من ست اسطوانات عام 2014.

ويقول المدير السابق لفريق رينو فلافيو برياتوري "لم يكن اللقب في متناول فيتل، لكن كان يجب أن يرجأ الحسم حتى السباقين الأخيرين" لا قبلهما.

ويرى برياتوري أن الخطأ الذي ارتكبه فيتل كان في إصراره على الفوز في كل سباق خاضه، بدلا من التفكير في حصد العدد الأكبر من النقاط.

ويوضح "كان يتعين على أحد أن يشرح له أن السباق يمتد 53 لفة"، في إشارة الى الخطأ الذي ارتكبه فيتل في مطلع جائزة إيطاليا الكبرى، المرحلة الرابعة عشرة من الموسم، حيث استدارت سيارته على نفسها أثناء محاولته الدفاع عن مركزه في مواجهة محاولة هاميلتون تجاوزه.

من جائزة أذربيجان الكبرى الى جائزة الولايات المتحدة في أوستن بتكساس، مرورا بفرنسا وألمانيا، ارتكب فيتل أخطاء عدة، سواء عبر الاحتكاك مع سائقين آخرين، أو التأخر في استخدام المكابح.

بالنسبة الى السائق الفرنسي السابق لفيراري جان أليزي، لم يتراجع أداء فيتل، "لكن في ظروف معينة، من السهل جدا اتخاذ قرار خاطئ"، مضيفا "كان يتوجب عليه وعلى الفريق استعادة بعض السكينة".

- ضغوط هائلة -

وغالبا ما كانت قدرة فيراري على التأقلم مع الضغوط موضع تساؤل، لاسيما من قبل الصحافة الإيطالية التي لا ترحم.

وبحسب البرازيلي فيليبي ماسا، السائق السابق لفيراري ووصيف هاميلتون في بطولة العالم 2008، قد يكون الفريق الإيطالي "قد خسر المعركة لأنه يشعر بضغطها بشكل أكبر من مرسيدس".

وفي وقت يبادر الأخير الى التواصل بشكل سلس مع الصحافة، يبدو فيراري أكثر انغلاقا أمام وسائل الاعلام.

وفي ظل التراجع النسبي لفريق ريد بول الذي أحرز معه فيتل لقب البطولة أربع مرات تواليا بين 2010 و2013، استعر الصراع المالي بين العملاقين فيراري ومرسيدس، مع ميزانية سنوية تصل لنصف مليار يورو.

وانتظر فريق مرسيدس حتى المرحلة الرابعة لتحقيق فوز أول عبر هاميلتون الذي تحسن أداءؤ تدريجا وفاز بتسع سباقات في 19 مرحلة، مقابل خمسة فقط لفيتل. وقال البريطاني الذي أثبت أيضا علو كعبه في التجارب الرسمية "قمنا بعمل جماعي مميز على الصعد كافة".

أضاف "على المقلب الآخر (فيراري)، بدا مؤكدا ان الأمور لم تسر كما يجب خصوصا في النصف الثاني من الموسم"، علما أن هاميلتون فاز ست مرات في السباقات التسعة الأخيرة.

وأقر فيتل "بأن بعض السباقات لم تسر بشكل جيد (بالنسبة الى فريقه) وقد أفادوا (مرسيدس) من ذلك".

- "عاجلا أم آجلا" -&

خارج التنافس المباشر على الحلبة، سجل مرسيدس نقاطا في الاستراتيجية المعتمدة خلال السباقات على حساب فيراري. وسقط "استراتيجيو" فيراري أكثر من مرة في شباك الخدع التي نصبها فريق "الأسهم الفضية"، أو الاختيار غير الموفق لنوعية الاطارات.

وبشأن الموسم المقبل، حسم أمر التجديد للسائق الثاني الفنلندي فالتيري بوتاس باكرا على رغم النتائج المخيبة للآمال التي كان يحققها، في وقت انعكس الجدل الطويل حول مصير الفنلندي كيمي رايكونن سلبا على فيراري، قبل أن يحسم الأمر ويعلن الفريق تعاقده مع سائق ساوبر الحالي شارل لوكلير للحلول بدلا من رايكونن في الموسم المقبل.

وبحسب التقارير، كان فيتل يرغب في بقاء رايكونن الى جانبه في الفريق، وقد يؤشر عدم إصغاء الفريق لهذه الرغبة، الى تراجع في نفوذ السائق الألماني الذي يتقاضى 40 مليون يورو سنويا بموجب عقد حتى 2020.

بالنسبة الى مدير فريق فيراري ماوريتسيو أريفابيني، فإن فيتل البالغ من العمر 31 عاما "سيتوج بلقب بطولة العالم مع فراري عاجلا أم آجلا".

وانضم فيتل الى الفريق الأحمر عام 2015، اذ رأى فيه الرئيس السابق للشركة سيرجيو ماركيوني خليفة أسطورة الرياضة مواطنه ميكايل شوماخر حامل الرقم القياسي في عدد الألقاب (سبعة بينها خمسة مع فيراري).

وعلى أمل أن يبدأ فيتل بتقديم بعض مما قدمه "شومي" الى مشجعي فيراري، سيكون على هؤلاء الانتظار مجددا، أقله حتى موسم 2019.