أيقظت عودة مرسيليا الفرنسي الى نهائي الدوري الاوروبي "يوروبا ليغ "عشق جماهيرها لنادي كرة القدم. التاريخ، انتقام المدينة المتمردة وانتماء عبر الاجيال، يغذون شغفا متقدا في المدينة المتوسطية.

أطفال بالقمصان البيضاء، جدات في وشاح النادي، أعلام في جميع انحاء المدينة، اسماء توفان وباييت والكأس واردة في جميع محادثات الحانات او الحافلات، مرسيليا متحمسة لاقصى الحدود.

- تاريخ عريق -

"لا يجب أن نصدق ان السبب يعود الى اليوم ، او 1993، او حتى 1971 عندما شاهدت في مراهقتي اللقب الاول"، بحسب ما يشرح لوكالة فرانس برس ماريو البانو (60 عاما) الذي يلاحق مرسيليا منذ ايامه في "لو بروفنسال" ثم "لا بروفانس".

يعود الحب الاول الى العام 1924 عندما "انتظر مئات الالاف اللاعبين في محطة سان-شارل بعد فوزهم بكأس فرنسا"، بحسب ما يروي الصحافي، في سابقة لناد من خارج العاصمة باريس.

جمهور متعطش دوما الى الفوز، خلافا لبعض المباريات كتلك التي واجه فيها فورباك المتواضع عام 1965 وتابعها 434 شخصا فقط في ملعب فيلودروم. لكن الشغف يتحرك بسرعة عندما يحتاج الفريق جمهوره الوفي.

منذ نحو قرن في مرسيليا لا يقال "اذهب الى كرة القدم (او الى الملعب)"، بل "اذهب الى (فريق) اولمبيك مرسيليا".

- "اسمنت" -

لأن فريق مرسيليا "يحافظ على رابط اسمنتي في مدينة يبرز فيها نقص في المساواة الاجتماعية والاقليمية" بحسب ما يشرح لفرانس برس لودوفيك ليسترلان عالم الاجتماع المتخصص في دراسة جمهور "او ام (اولمبيك مرسيليا)".

يضيف ليسترلان "ان ملعب فيلوردوم بوتقة فريدة من نوعها، ونادي مرسيليا موضوع محادثة بين الاشد فقرا في المدينة والمحامي الذي يعيش في الدائرة الثامنة".

تحديد الهوية هام جدا. بالنسبة لمؤرخ النادي جيل كاستانيو، مؤلف الموسوعة الضخمة عن النادي فان "ابناء مرسيليا بحاجة الى نجم للاقتداء به. نرى ذلك مع كل صدة كبيرة لمانداندا، مع (العاجي) دروغبا في 2004 او (البرازيلي) لويز غوستافو الان، وكل يملك اغنية خاصة به من موسمه الاول".

يتابع "وهذا الفريق يجعلك ترغب بتشجيعه. هو صورة مرسيليا، الذي يحارب مع نجمين او ثلاثة مثل باييت، توفان ولويز غوستافو".

- "ثأر رمزي" -

يردف ليسترلان "أصبح نادي مرسيليا تدريجا فخر المدينة. أصبح لكرة القدم شعبية كبيرة في الثمانينات كتعويض للتدهور الاقتصادي، ومنحت ثأرا رمزيا لمدينة لها سمعة سيئة في طريقتها لتكون الاولى".

يتابع انه في ايامنا "ما يبرز رغبة هذه الحماسة التوهج الكبير لباريس سان جرمان اقتصاديا ورياضي".

يفخر الجمهور بطريقة تشجيعه الفريدة والمنظمة في فرنسا، منذ 1984 مع مشجعي "كوماندو الترا" المتمردين على ادارة النادي.

صحيح ان لنس او سانت اتيان يتميزان بشغفهما لكرة القدم، الا ان نادي مرسيليا يغطي "منطقة حضرية ضخمة وله جمهور خارج المنطقة ايضا" بحسب ما يضيف عالم الاجتماع.

- انتقال فريد -

في النهاية، قصة الحب هذه تدوم لانها تنتقل من جيل لاخر.

يشرح ماريانو البانو "الاشخاص الذين عرفوا السعادة سعداء بالعثور عليها مجددا، والشبان سعداء بعيش تجربة تم اخبارهم عنها".

كان في الثالثة عشرة عندما احرز الفريق ثنائية في 1971 "والناس من جيلي كانوا سعداء بما تم اخبارهم به. انه انتقال من الاب الى الابن".

وفي هذه المدينة العريقة الواقعة على البحر المتوسط "يكون جواز سفر القاطنين فيها تشجيع النادي. في النهاية، هذا دورهم".

يروى لاعب وسط مرسيليا السابق فرانك سوزيه لفرانس برس "توجد في نادي مرسيليا ثقافة الانتقال. الوالد او الجد شاهد 1993 (الفوز في دوري ابطال اوروبا)، لكن الشبان يعرفون كل ذلك، رأسية (بازيل) بولي، الخ...".

زخم وضع مرسيليا على اعتاب خوض النهائي الاوروبي الخامس. يسأل سوزيه "لكن من فعل ذلك في فرنسا؟ هذا النادي استثنائي، لا يموت ابدا".