"جيبه الكاس جيبه، لبغداد الحبيبه، محتاجين فرحه، لقلوبنا السمحه، كلها وفا وطيبه، جيبه الكاس جيبه". هي آخر أهازيج العراقي مهدي الكرخي، أحد أشهر المشجعين في العالم العربي، ويستعد لتلقينها للجماهير خلال مواجهة قطر الثلاثاء في دور الـ 16 من كأس آسيا 2019 في كرة القدم.

بعمر الرابعة والستين، لا يزال صوت مهدي يصدح في الملاعب منذ سبعينيات القرن الماضي، ويقول لوكالة فرانس برس "ساستمر طالما امتلكت الطاقة. لا أحد ينافسني وجميعهم يغنون بالمكبرات".

بمنكبيه العريضين وصوته الجهوري يقف مهدي مرتديا كوفية حمراء وبيضاء وطقما رياضيا أخضر على ألوان المنتخب العراقي، كحذائه الرياضي وهاتفه "بعدما فقدت شعري قررت ارتداء الكوفية فأحبها الجمهور. لدي 20 قطعة جديدة واستعمل الواحدة لشهرين كحد أقصى. وبرغم ارتدائي اللون الأخضر دوما لدي نحو خمسين طقما رياضيا".

بدأت قصة مهدي مع التشجيع عام 1966 في مواجهة بين منتخب بغداد وبنفيكا البرتغالي ونجمه أوزيبيو، "وفي الدوري العراقي أحببت نادي آليات الشرطة. كنت طفلا فأعجبتني الفكرة. ضربت الضربة الاولى فردّد الجمهور معي. كنت صاحب فكر وكلام جميل. مهما تكلّمت ردد الجمهور معي بعدد ألفين أو ثلاثة آلاف ثم ارتفع العدد الى ستين ألفا مع المنتخب. كنت أضرب على الطبل والطبلة ولا يتقبل الجمهور غيري".

ردّد ابن الكرخ عبارات كثيرة مثل "بَلي (نعم) يا بلبول بَلي، شرطة ليفربول بَلي، لعبوا بالساحة بَلي"، وأخرى "عراقي يلعب، وسّع الملعب، سَووله الشيله، عراقي يلعب".

يتابع "بدأت بتشجيع المنتخب في بطولة العالم العسكرية 1972 في بغداد ثم في كأس الخليج الرابعة في قطر 1976 مع نجوم كبار مثل فلاح حسن وهادي أحمد..

- محبوب الشعب -

يروي الصحافي العراقي علي رياح لوكالة فرانس برس "عندما تسير في أسواق بغداد الشعبية، تسمع صوتا مرتفعا فتقول +هذا مهدي الكرخي+. يتحدث مع الباعة بنبرة عادية، لكن صوته يلعلع في كافة أرجاء المكان".

حتى أن نجم المدرجات يتفوّق بشعبيته على نجوم الملاعب، فيقول سعد قيس الجناح الدولي السابق "كان يسرق الاضواء من اللاعبين"، فيما يصفه المهاجم علاء عبد الزهرة "هو مشهور أكثر من بعض اللاعبين. لم يأت ذلك من فراغ بل بسبب وفائه لفانيلة المنتخب".

يشرح مهدي "لا أستطيع السير في شوارع بغداد، الجميع يريد التقاط الصور معي، ويطلب مني أولادي نزع كوفيتي لتجنب الضغوط".

لا ينسى مهدي شريك عمره قدّوري الذي لازمه المدرجات لعشرات السنوات قبل رحيله مطلع 2018 بسبب معاناته مع المرض "قدّوري استاذي وملهمي وهرم من أهرام التشجيع العالمي. بدأنا سويا منذ السبعينيات. صوته كان يُسمع على بعد خمسة كيلومترات عندما يصيح +يا عراق+، وأنا أتولى اشعال الاجواء في الملعب. رحيله آذاني كثيرا".

كما لا ينسى مشاركة العراق في كأس آسيا 2007 عندما أحرز "أسود الرافدين" لقبا تاريخيا برغم الأوضاع الكارثية التي كانت تمر فيها البلاد "في الثامن والعشرين من يونيو (حزيران) الساعة الخامسة أو السادسة مساء جلبوا الكأس قبل التمرين النهائي بين العراق والسعودية".

تابع "قال قدّوري لياسر القحطاني (مهاجم السعودية) +السفاح (يونس محمود) سيرفع الكاس+، فردّ ياسر +القنّاص (لقب القحطاني) سيحمله+" فانتهى النهائي بفوز العراق 1-صفر بهدف يونس محمود.

وإلى تشكيلة 2007، أحب مهدي "الجيل العظيم" المشارك في مونديال 1986 للمرة الوحيدة في تاريخه مع النجوم حسين سعيد وأحمد راضي وعدنان درجال...

- التشجيع النظيف -

يؤمن مهدي بالتشجيع النظيف "لا أؤذي اللاعبين أوالفريق الخصم ولا أتدخل بخطط المدرب. تلقيت دعوة من منظمي مونديال روسيا لمدة 24 يوما ورئيسة كرواتيا طلبت التقاط صورة معي وقبّلتها".

يفخر بلقب "سفير الكرة العراقية في المدرجات الخارجية" و"العَلَم" ويتفاءل الجميع بوجوده على المدرجات حيث يطلق العنان لفطرته "يحبّني اللاعبون وبدءا من جيل يونس محمود بدأوا يطلقون علي لقب +عَمّي+".

لا يملك مهدي، الوالد لثمانية أطفال، وظيفة محددة "عندما لا أذهب الى المباريات أدور على اصدقائي لمساعدتي"، وهو تلقى دعوة من اللجنة المنظمة لحضور كأس آسيا 2019 ودرعا من نائب رئيسها اللواء الإماراتي محمد خلفان الرميثي.

أجمل الأغاني عند مهدي "هيه هيه هيه يا عراقي، شوفه شوفه العراقي هذا لو لعب، يجيب النصر بعيونه، كلنا نهتف ونصيح، هيه هيه هيه يا عراقي"، ويردد دوما "نشيد الاجيال" الذي أصبح علامة فارقة عند الأطفال والمغنين "كلنا نحبك يا عراق يا بو الغيرة يا عراق، في الدول اسمك يا عراق كلنا نصيح يا عراق كلنا نقول يا عراق".