في شقة صغيرة في ضواحي موسكو، لا يملك لامين سوى بعض الثياب والانجيل، جلبها معه في حقائبه منذ مجيئه إلى روسيا، على غرار آلاف من الأفارقة، الذين قدموا إلى روسيا مع تأشيرة "بطاقة المشجعين" لحضور مونديال 2018.&

ولكن بعد ثمانية أشهر من نهاية العرس الكروي، يعيش إبن الـ 23 عاماً المتحدر من الغابون في شقة مؤلفة من غرفتين مع تسعة أشخاص، ومن بينهم رضيع يبلغ أسبوعين لزوجين من الكونغو، ويحاول أن يتفادى الترحيل.

وصل لامين إلى روسيا مع "بطاقة المشجعين"، وهو المستند الذي كان بين أيدي المشجعين كتأشيرة لعبور الحدود.&

وبينما جاء معظم من حمل هذه التأشيرة الى روسيا لحضور المباريات، قرر آخرون عدم المغادرة والبقاء للعمل. كما طلب بعضهم اللجوء السياسي، وفضّل آخرون جعل من روسيا محطة موقتة قبل الانتقال إلى القارة الاوروبية.&

ولكن آمالهم اصطدمت بوحشية الواقع إذ تحاول وزارة الداخلية الروسية جاهدة لطرد هؤلاء المتطفلين.

ـ "لا مكان لأقصده"ـ

&يؤكد لامين الذي طلب من وكالة فراس برس التعريف عنه بهذا الاسم المستعار، أنه فر من صراع عائلي في غامبيا ويصر على أن حياته في خطر، قائلا "كنت ضائعا وليس لديّ أي مكان لأقصده".

وقرر طالب الإدارة السابق الاستفادة من مساعدة أحد المهاجرين من ليبيريا، الذي تقاسم معه وجباته ووفر له الشقة التي يسكن فيها حالياً.

ولكن لامين فقد سنده بعدما تم ترحيل صديقه في شباط/ فبراير الماضي اثر مداهمة الشرطة الروسية لشقته، بحجة انه لا يمتلك أي أوراق ثبوتية رسمية، لذا يخشى لامين أن يواجه المصير ذاته، فهو أيضاً لا يملك سوى تصريح إقامة موقت تنتهي صلاحيته في منتصف آذار/ مارس الحالي، ويقول: "أنا خائف".

&وبفضل مساعدة جمعية المساعدة المدنية وهي منظمة تعمل مع اللاجئين، تقدم بطلب اللجوء، بدون الكثير من الأمل: في عام 2017، لم تمنح روسيا هذا الوضع سوى لـ 33 شخصاً وفقاً للأرقام الرسمية.

- "قليل من الأمل لإقامة دائمة" -

&ومنحت السلطات الروسية تأشيرة "بطاقة المشجعين" التي تسمح للجماهير بالدخول إلى روسيا خلال كأس العالم فقط، ولكن بعد نجاح هذا العرس الكروي في عكس صورة إيجابية عن روسيا، قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تمديد فترة الإقامة حتى نهاية عام 2018.&

ووفقاً لوزارة الداخلية بقي قرابة 12 ألف شخص بطريقة غير شرعية في روسيا بعد نهاية الفترة المحددة. ولكن العدد تقلص إلى 5 آلاف في شباط/ فبراير 2019.&

ويؤكد دانييل الذي يعمل مع المهاجرين الأفارقة منذ 10 أعوام في موسكو، أن كأس العالم استقطبت أكبر موجة من القادمين من أفريقيا شهدها خلال هذه الفترة.

وتحدث هذا الناشط الذي قرر عدم الافصاح عن اسم عائلته خوفا من الملاحقة لوكالة فراس برس: "عندما يأتون إلى هنا، يعلقون. لا يريدون العودة& إلى بلادهم، ولكن لا يمكنهم أيضاً التقدم إلى الأمام"، مضيفا "القسم الأكبر من المهاجرين لا يتحدثون اللغة الروسية، ومن دون ذلك، فان الآمال بإيجاد فرص للعمل ضئيلة جداً".

هذه هي حال سالومون، 31 عاما، القادم إلى روسيا خلال المونديال لمشاهدة منتخب بلاده نيجيريا، مع نية البقاء مع نهاية المسابقة.

يشرح خريج قسم الهندسة قائلا "لا توجد في نيجيريا فرص للعمل والأجواء السياسية سيئة"، ويتابع "أريد البقاء هنا لفترة من الوقت للعمل وجني المال للذهاب إلى مكان آخر".

- ضحايا الإتجار بالبشر -

&ووقع قسم من المهاجرين ضحية شبكات الدعارة مثل فيكتوريا التي وصلت من نيجيريا لحضور المونديال، فنصحها أحد المقربين منها أن تدرس في روسيا.

غير أن السيدة التي أقلتها من المطار، قادتها إلى شقة، طلبت منها التعري، وتتذكر ابنة الـ 22 عاما هذه الحادثة قائلة :"أخذوا مني جواز سفري وتأشيرة "بطاقة المشجعين".

وبعدما أجبرت على ممارسة الدعارة خلال أشهر عدة، تواصلت فيكتوريا مع منظمة مكافحة الإتجار بالبشر وتمكنت من الفرار.

&وساعدت هذه المنظمة فيكتوريا للحصول على الموافقة للبقاء حتى فصل الصيف وعملت في محل لإصلاح الأحذية.&

وأقرت أنها تريد البقاء في روسيا ولكن ليس "لفترة دائمة، بل& لحين ادخار بعض المال وفتح تجارة عندما أعود إلى نيجيريا".

&وتساعد منظمة مكافحة الإتجار بالبشر فيكتوريا للحصول على تمديد لإقامتها على أمل أن تتمكن "من البقاء في روسيا" كما تقول.

&وتختم قائلة "الكثير من الفتيات اللواتي قدمن معي ما زلن يعملن. انهن خائفات جدا من المغادرة".