وسط مطالبة بانصاف اللاعبين وعدم التسلط عليهم، أضحى ساوثمبتون الخميس أول ناد من الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم يعلن عن إرجاء دفع رواتب لاعبيه لعدة أشهر، وذلك على خلفية التوقف الذي فرضه فيروس كورونا المستجد.

ولن ينحصر إرجاء دفع الرواتب باللاعبين وحسب، بل سيطال مديري النادي والمدرب النمسوي للفريق رالف هازنهوتل وطاقمه المساعد، وذلك حتى حزيران/يونيو.

وقال ساوثمبتون أنه، بالإضافة الى اللاعبين الذين سيؤجلون تقاضي رواتبهم لأشهر نيسان/أبريل وأيار/مايو وحزيران/يونيو، فإن النادي لن يلجأ أيضا خلال فترة الأشهر الثلاثة الى تطبيق البطالة الجزئية التي تسمح للموظفين المعنيين بها بتقاضي 80 بالمئة من رواتبهم من الدولة، شرط ألا يتجاوز ذلك الـ 2500 استرليني (نحو 3 آلاف دولار) شهريا كحدّ أقصى.

وفي البيان الصادر الخميس، أشار ساوثمبتون الى أن جميع العاملين في النادي الذين لن يؤجلوا تقاضي رواتبهم "سيستمرون في الحصول على 100 بالمئة من رواتبهم".

ورأى ساوثمبتون الذي كان يبتعد بفارق سبع نقاط فقط عن منطقة الهبوط الى المستوى الثاني قبل قرار تعليق الدوري الممتاز، أن تأجيل رواتب اللاعبين "سيساعد في حماية مستقبل النادي، الموظفين العاملين فيه والمجتمع الذي نخدمه".

ودعت رابطة الدوري الممتاز لاعبي جميع الأندية الى اقتطاع 30 بالمئة من رواتبهم، لكن رابطة اللاعبين المحترفين امتنعت عن ذلك حتى الآن بحجة أن ذلك سيكون له تأثير سلبي على المساهمات الضريبية التي تستفيد منها الخدمة الصحية الوطنية "أن ايتش أس".

وبانتظار التوصل الى اتفاق بشأن الرواتب، أطلق اللاعبون مبادراتهم الخاصة الطوعية للمساهمة في مساعدة موظفي الخدمة الصحية الوطنية.

وندد نائب رئيس رابطة اللاعبين المحترفين، بوبي بارنز، بتشويه سمعة اللاعبين من قبل أشخاص تجاهلوا حقيقة أن الكثير منهم يساعدون "عائلاتهم الموسعة" في الداخل والخارج.

وجاء الموقف الدفاعي من بارنز بعد أن أطلق نجوم، من بينهم قائدا ليفربول جوردان هندرسون وتوتنهام والمنتخب الإنكليزي هاري كاين، مبادرة لجمع الأموال لصالح الخدمة الصحية الوطنية.

والمبادرة هي كناية عن مساهمات طوعية يقدمها اللاعبون وتم الترحيب بها كمبادرة "رائعة" من قبل "أن أيتش أس".

وجاء كلام بارنز قبيل أن يعلن ساوثمبتون عن إرجاء رواتب لاعبيه لأشهر نيسان/أبريل وأيار/مايو وحزيران/يونيو، معتبرا أن من هم خارج عالم كرة القدم لا يجب أن ينظروا الى القضايا على أنها سوداء أو بيضاء بل "هناك ظلال رمادية. لا أريد شيطنة اللاعبين. يبدو الأمر كما لو أن لاعبينا يشترون (سيارات) رولز رويس مُذَهَبة كل يوم. هذا الأمر ليس صحيحا".

- "هذه هي خلفيتهم كطبقة عاملة" -

ورفض ابن الـ57 عاما ما يلمح اليه على أن اللاعبين يعيشون في فقاعة، موضحا "الجميع يلمحون الى أن اللاعبين لا يدركون الحقائق الاقتصادية للوضع القائم. اللاعبون ليسوا عميانا ويرون ما يحصل في العالم أجمع. الغالبية العظمى من لاعبي كرة القدم هم من الأولاد الطبقة العاملة، مثل جيلي، ونحن جميعا ندرك تماما ما يحدث هناك".

وأشار بارنز الذي رفض رئيسه في رابطة المحترفين غوردن تايلور أن يخفض راتبه البالغ 2 مليون جنيه استرليني، الى أن اللاعبين الأجانب يساهمون أيضا في هذه المعركة، مضيفا "اللاعبون الإسبان، اللاعبون الإيطاليون، واللاعبون الأفارقة بشكل خاص، يقولون +نرغب في التبرع بالمال، لكننا نريد تحويل الأموال الى بعض من دولنا حيث لدينا بعض الصعوبات الحقيقية+" جراء فيروس "كوفيد-19".

وكشف "أنا أتحدث أيضا مع اللاعبين المحليين، الذين يدعمون أسرهم الموسعة (الأقارب والأصدقاء)، ويفعلون ما بوسعهم لمساعدتهم. هذه هي خلفيتهم كطبقة عاملة".

وكان بارنز يوجه سهامه باتجاه السياسيين، على رأسهم وزير الصحة مات هانكوك الذي انتقد لاعبي كرة القدم وتسبب الخميس الماضي بضجة عندما دعاهم الى "لعب دورهم" وخفض رواتبهم.

وتطرق لاعب وست هام السابق الى ما صدر عن وزير الصحة بالقول "شعر اللاعبون بالإهانة عندما أدلى هانكوك بهذا التعليق بالذات".

وخلافا لما صدر عنه من موقف سلبي قبل أسبوع، أقر هانكوك أن مبادرة اللاعبين تجاه الخدمة الصحية الوطنية خطوة كبيرة الى الأمام، مغردا على تويتر "نرحب ترحيبا حارا بهذا القرار الكبير من قبل العديد من لاعبي كرة القدم في الدوري الممتاز... أنتم تلعبون دوركم".

وشدد مهاجم مانشستر يونايتد ماركوس راشفورد الذي حظيت مبادرته الخيرية لتوزيع الطعام على الأطفال في مانشستر بإشادة كبيرة، على أن اللاعبين لم يرغبوا القيام بخطوات مبعثرة، بل يسعون الى هدف واحد و"أردنا أن نأخذ وقتنا لاتخاذ هذا القرار"، مضيفا لشبكة "بي تي سبورت" البريطانية "نريد المساعدة بأفضل طريقة ممكنة، ومن المهم جدا إيصال الأموال الى المكان المناسب".

وتوفي حتى الآن أكثر من سبعة آلاف شخص في بريطانيا نتيجة فيروس "كوفيد-19" الذي أصاب حتى رئيس الوزراء بوريس جونسون الموجود حاليا في العناية المركزة.