جيراردو بيدويا
Getty Images
جيراردو بيدويا اشتهر بالحصول على بطاقات حمراء أكثر من أي لاعب آخر

"عند استضافته في برنامج تليفزيوني، يتعين على المذيع أن يحمل بطاقات حمراء أو أن يرتدي واقيا لقصبة الساق، لأنه في حضرة بيدويا الذي تسبقه شهرته".

أجرى الصحفي الرياضي الكولومبي كارل وورزوِك حوارا مع لاعب كرة القدم المعتزل غيراردو بيدويا، صاحب الرقم القياسي في الحصول على بطاقات حمراء في تاريخ كرة القدم.

يقول وورزوِك لبي بي سي: "قبل الذهاب إلى منزل بيدويا، قمنا بتصوير مصارع ثيران لفهم شخصيته، لكنه كان على النقيض من ذلك .. إنه يجسّد معنى أن تكون في الملعب شخصا وخارج الملعب شخصا مختلفا تماما".

ويضيف وورزوِك: "لقد كان لاعبا محافظا لكن ذلك لم يكن كافيا لصرف الأنظار عن الوجه الآخر في مهنته. فعناوين الأخبار دائما تشير إليه بأنه 'أقذر لاعب في العالم'".

ويمكن تفهُّم أي تصوُّر مُسبق لشخصية هذا اللاعب الذي عُرف بألقاب كـ "الجنرال" و "المتوحش"، وحصّل 45 بطاقة حمراء في 20 عاما من اللعب انتهت عام 2015 - فضلاً عن طرْدين حصل عليهما بيدويا وهو على مقاعد البدلاء بعد ذلك.

ولقد حصل بيدويا على الطرد الأول في مقاعد البدلاء بعد 21 دقيقة فقط من عمله مدربا مساعدا عام 2016.

وربما كانت أشهر بطاقة حمراء حصل عليها بيدويا، هي البطاقة رقم 41 التي استحقها بعد تسديده ضربة بمرفقه للاعب من الفريق الخصم طرحته أرضا ثم شفعها بيدويا بركلة في رأس خصمه الجاثم على الأرض، في مشهد استتبع قرارا بحظر بيدويا من المشاركة في 15 مباراة بعدها.

يقول وورزوِك: "عند حصول بيدويا على بطاقة حمراء بعد مرور 21 دقيقة فقط من عمله مدربا مساعدا، انفجر اللاعبون ضحكا، وقد كانوا يعلمون أن ذلك سيحدث. تاريخ بيدويا لم يرحمه".

بيدويا مدربا مساعدا
Getty Images
بيدويا عمل مدربا مساعدا في نادي إنديبندينتي سانتا في حتى عام 2019

لكن ثمة لحظات انتصار في حياة بيدويا المولود في كولومبيا عام 1975 رغم بروز البطاقات الحمراء في تاريخ اللاعب.

وقد كان بيدويا لاعبا أساسيا في تشكيلة منتخب بلاده في النصر الكروي الذي أحرزه في بطولة كوبا أمريكا 2001، عندما أسهمت تسديدة قام بها من خارج منطقة الجزاء في فوز بلاده على هندوراس في نصف النهائي، قبل أن تهزم المكسيك بهدف للاشيء في النهائي وتحصل على البطولة.

في عام 2001 أيضا، أحرز بيدويا هدفا في الدقيقة 86 لصالح الفريق الأرجنتيني راسينغ ضد منافسه على اللقب ريفر بليت في بطولة أبرتورا. ولا يزال هذا الهدف يُحتفى به في نادي راسينغ كأحد أهم النقاط التي أمّنتْ له الفوز بأول لقب في 35 عاما.

كما أسهم بيدويا كمساعد للمدرب في حصول نادي إنديبندينتي سانتا في الكولومبي عام 2013 على لقب منتظَر منذ أكثر 37 سنة.

طرد 10 لاعبين في مباراة واحدة بالبرازيل

يقول وورزوِك: "يحظى بيدويا بمحبة بين مشجِّعي سانتا في الذين يرون فيه لاعبا كالعاصفة يندفع نحو الكرة ويبذل كل طاقته في سبيل تحقيق الهدف .. إنه قائد بمعنى الكلمة من وجهة نظر هؤلاء المشجعين".

ويضيف: "بيدويا جدير بالاحترام، وقد أحرز عددا من الأهداف المهمة، لكنه مع ذلك يشعر أن اسمه لا يقترن في الذاكرة إلا بالبطاقات الحمراء، أما مشجعو فريقي سانتا في وراسينغ فسيذكرون له دائما دوره المهم في إنهاء جفاف الألقاب والبطولات التي عاناها الناديان".

بيدويا بقميص منتخب كولومبيا
Getty Images
بيدويا شارك في 35 مباراة لصالح منتخب كولومبيا، كما لعب التسعين دقيقة كاملة في نهائي كوبا أمريكا 2001

أحرز بيدويا في مشواره كلاعب ثلاث بطولات، كانت أولاها مع فريق ديبورتيفو كالي الكولومبي عام 1998 وفيها حصل بيدويا على 14 من البطاقات الحمراء التي لم تبتعد عنه أبدا.

اللاعب الكولومبي عمر فاسكويز كان يشارك بيدويا غرفة تبديل الملابس أثناء لعبهما معا ضمن صفوف فريق مليوناريس في الفترة ما بين 2007 و2010.

يقول فاسكويز لبي بي سي: "ليس غريبا في مجتمعنا ألا يتذكر الناس للمرء غير سيئاته، لكنالتاريخ يجب أن يذكر بيدويا على أنه لاعب عظيم من كولومبيا".

ويضيف فاسكويز: "بيدويا أحرز انتصارات، وصنع تاريخا. لقد لعب لصالح أندية كبرى في الأرجنتين وكولومبيا وأسهم في فوزها بالبطولات".

لكن أحدا لا ينازع بيدويا حتى الآن على الرقم القياسي العالمي الذي سجله في تحصيل البطاقات الحمراء.

حتى سيرخيو راموس مدافع ريال مدريد ومنتخب إسبانيا والحاصل على 26 بطاقة حمراء لا يزال بعيدا عن المنافسة لا سيما وأنه في عامه الرابع والثلاثين.

وإضافة إلى ذلك، قد يعود بيدويا البالغ من العمر 44 عاما إلى الملاعب كمدرب وبذلك تكون الفرصة سانحة أمامه لزيادة رصيده من البطاقات الحمراء.

يقول وورزوِك: "بيدويا يؤكد أنه بلا أعداء في الوقت الراهن، ومنذ تقاعده يحاول جاهدا إعادة كتابة تاريخه الذي يعتقد أنه أعطاه كل شيء وأن الجماهير أحبوه لذلك".

خارج كولومبيا، قد يظل بيدويا مجرد إحصاءات تدعمها مقاطع فيديو عبر الإنترنت لاشتباكات عنيفة على الكرة.

أما مشجعو فريقَي راسينغ وسانتا في على وجه الخصوص، وكذا زملاء بيدويا في اللعب، فسيذكرون له على الدوام لحظات طيبة.

يقول فاسكويز: "كان بيدويا قائدا قويا، ولاعبا يحارب من أجل تخليص الكرة .. كان شابا حساسا يمد يد المساعدة للآخرين. ربما يبدو ذلك الكلام غريبا، لكن بيدويا خارج الملعب رجل ودود .. رجل يحمل في جوفه قلبا كبيرا ونبيلا".