القاهرة : ترفض المصرية سارة جمال أن يكون الحجاب حملاً ثقيلاً عليها، عندما تطلق صافرتها في باكورة منافسات كرة السلة الثلاثية (3 ضد 3) في أولمبياد طوكيو المقبل، رافعة راية التحكيم الإفريقي العربي لدى السيدات في هذه المسابقة الشعبية الوليدة من رحم كرة السلة.

بحجاب أسود مدموغ بعلامة شركة تجهيزات رياضية أميركية، تقف جمال بثقة بين لاعبين ذكور في صالة نادي الاتحاد السكندري، تدير مباراة كرة سلة استعداداً لمشوارها الأولمبي، بعد نجاحها في إدارة التصفيات.

تقول لوكالة فرانس برس ابنة الثانية والثلاثين عاماً والتي أعلن الاتحاد المصري في نهاية آذار/مارس الماضي اختيارها للألعاب الأولمبية "منذ بداية مشواري كحكمة لم أجد أي تعليق سلبي أو مانع لكوني محجبة، لذلك فإن أمر الحجاب طبيعي بالنسبة لي ولا يشكل أي أزمة".

شاركت جمال في العديد من البطولات، على غرار كأس العالم للناشئات في بيلاروس 2018 وبطولة إفريقيا للسيدات 2017، لتشق طريقها نحو الأولمبياد المؤجل من الصيف الماضي إلى تموز/يوليو المقبل بسبب فيروس كورونا.

تتابع ابنة المدينة المتوسطية "لم يؤثّر الحجاب عليّ حتى اليوم في أي بطولة والدليل أنني جاهزة لخوض أولمبياد طوكيو. أظن أنه لن يكون هناك أي مشاكل، تفكيري منصبّ على التدريبات والتحضيرات الجيدة حتى أكون في الموعد في هذا المحفل الكبير."

وكان الاتحاد الدولي اجرى تعديلات على قوانينه في 2017 وسمح للاعبين/اللاعبات بارتداء الحجاب بشروط محدّدة.

محفلٌ سيشهد منافسات الكرة الثلاثية (3*3) للمرة الأولى بعد تبنّيها من الاتحاد الدولي (فيبا) في 2007 واعتمادها في أولمبياد الشباب في سنغافورة عام 2010، قبل اختيارها في 2017 لتكون ضمن روزنامة أولمبياد طوكيو.

منذ عام 2012، ينظّم فيبا كأس العالم بين الدول، وقد أحرزت صربيا اربعة القاب من أصل ستة لدى الرجال وقطر لقب نسخة 2014، فيما تبادلت خمس دول الفوز بست نسخ للسيدات آخرها الصين في 2019.

لا خوف من الرجال

سارة التي تعمل كمهندسة مدنية في محافظة الإسكندرية، غير متخوّفة من إدارة مباريات للرجال "سبق لي من قبل إدارة مباريات للرجال. لدي تجارب ناجحة سابقاً، حظيت بثقة لجنة الحكام في مصر.. الأمر معتاد بالنسبة إلي".

صحيحٌ أن جمال ستشارك في باكورة منافسات الكرة الثلاثية، إلا إن التحكيم الافريقي العربي لدى السيدات حضر سابقا في الأولمبياد مع المغربية شاهيناز بوستة في ريو 2016، عندما قادت مباريات ضمن فئة السيدات 5 ضد 5.

تنظر جمال للأولمبياد بشكل مختلف وسط آمال وطموحات كبيرة "أسرتي ما زالت تعيش على وقع الخبر السعيد باختياري. كان بمثابة مكافأة كبيرة على تعب ومجهود خلال السنوات الماضية".

بدأت جمال، الحاصلة على شارة التحكيم الدولية في 2016، مشوارها كلاعبة وتحوّلت إلى التحكيم بعمر السادسة عشرة "لأنه كان لدي شغف كبير في فهم عميق للقوانين.. ولم أجد من عائلتي إلا كل الدعم".

زاوجت بين الدراسة وكرة السلة التي أحبتها من خلال شقيقتها الكبرى "بدأت مشواري منذ أن كان عمري 5 سنوات، هذا الأمر ساعدني على تنظيم الوقت بين الدراسة والمران والفضل في ذلك يعود لوالدتي التي كانت تحكم الأمور بقبضة قوية، حتى وصلت للمرحلة الجامعية ودرست الهندسة المدنية".

تابعت "كان الأمر صعباً خصوصاً وأنها كلية تحتاج دراسة مكثفة ومجهودا كبيرا على المستوى الذهني".

شعور بالمسؤولية

وعمّا إذا كانت تتعرّض لضغوط، قالت جمال "كوني أول عربية وإفريقية تدير مباريات 3 ضد 3 في الأولمبياد نقطة إيجابية، لا تشكّل أي ضغوط علي، وأنا واثقة من أن هذه الخطوة ستفتح المجال للكثير من الحكمات العربيات والإفريقيات أيضا للإقدام على هذه الخطوة".

وعن أكثر ما يثير تخوفها في مشوارها في الأولمبياد قالت "لا يوجد ما يثير خوفي، لكن يمكن القول إنه الشعور بالمسؤولية، هذا الأمر يجعلني أريد الظهور بأفضل شكل ممكن".

شدّدت أن عائلتها لا تمانع سفرها بمفردها لكن دائمًا ما يكون هناك قائمة من النصائح خاصة في ظل الوضع الراهن وجائحة كورونا، كاشفة "أسرتي تشعر بالقلق عندما أسافر لكنها تمنحني قائمة من النصائح من أجل الحفاظ على صحتي، وهذا الأمر لا يطغى على دعمهم لي".

وعن أحلامها قالت سارة "أطمح في الوصول لكأس العالم للرجال والسيدات والأولمبياد التالي والمحافظة على ثقة الاتحاد الدولي في كل البطولات التي تسند لي".

وبحسب الاتحاد الدولي (فيبا)، تشارك 182 دولة في المسابقات العالمية لكرة السلة الثلاثية، ويتخطى عدد الممارسين لها 430 ألف لاعب ولاعبة.

تمارس في نصف ملعب كرة السلة وعلى سلة واحدة، ويتضمن كل فريق ثلاثة لاعبين أساسيين الى جانب رابع احتياطي.