نسرين عجب من بيروت : quot;يكفي تبييض طناجر... فلتكن حياتنا مبنية على الصراحةquot;. بهذه الكلمات تعبّر رولا مصطفى عن انزعاجها من المجاملات السائدة في المجتمع، ما دفعها الى اختيار المجاملات بين الناس موضوعاً لمشروع تخرجها في التصميم الغرافيكي (graphic design)في الجامعة الأميركية للثقافة والتعليم، ونالت عليه درجة quot;أquot;.كيف أتت الفكرة؟ تجيب رولا بابتسامة لا تخلو من الغضب: quot;المجتمع قائم على المجاملات الكاذبة، ولكن في احدى المرات استفزتني احدى السيدات بالتغزل بالعطر الذي أضعه، وأنا لم أكن أضع أي عطر يومها، أزعجتني كثيراً لأني كنت متأكدة أنها تجاملني، وهذه الحادثة حفزتني لاختيار المجاملات الكاذبة موضوعاً لمشروع تخرجيquot;.

وتشير الى أنها كانت خائفة جداً عندما طرحت الموضوع لأنها لم تجد اي مراجع له، مما خلق صدمة عندها، ولكنها أصرّت. وتشرح أنها قدمت هذا المشروع من ضمن ثلاثة مشاريع، ولكن الأستاذة المشرفة في الجامعة رفضت الاثنين ووافقت على هذا الموضوع فوراً وتحمست له لأنه جديد ولم يتناوله أحد من قبل.

تقول رولا في المقترح الذي قدمته عن مشروعها: quot;نعيش في عالم مادي مبني على المجاملات الكاذبة. لم يعد الناس يتعاملون بصدق. بل يغازلون بعضعهم البعض من باب المصلحة لأنهم يعيشون على المظاهر المخادعةquot;. لهذا السبب، اختارت ان تسلط الضوء على الموضوع من وجهة نظر المصمم الغرافيكي.

وتتابع ان ملخصا بسيطا للوضع في العالم يظهر ان طاقة الناس على الشر غير محدودة، رغم ذلك فهم لطفاء معظم الوقت، وهذا ما يجعل العلاقات الانسانية عظيمة جداً. وبرأيها اللطف مهم جداً، ولكن يتحمل البشر مسؤولية عدم تحويله الى رياء.

واجهت رولا صعوبات كثيرة أثناء تنفيذ المشروع أهمها مشقة ايجاد الأقوال المناسبة للمشاهد التي رسمتها. وتشير الى أنها رسمت المشاهد خطاً واحداً بشكل ملتف، لأنها تعتبر أن المجاملة مثل الكذب خط واحد ملتف.

على مدى شهرين، عملت رولا على رسم المشاهد التي تصوّر الأماكن التي تحصل فيها المجاملات، وعلى شكل كتاب، تاركة المجال للقراء أن يدونوا ما يعرفونه حول الموضوع. وتناولت المشاهد، المجاملات التي تحصل أثناء شرب القهوة، في الأعراس، على سفرة الطعام، أثناء شرب كأس، ومع المدير. وفي هذا الصدد، تقول: quot;في كل الأمور يبيّض الناس طناجر مع بعضهم البعض، وذلك مؤذٍ جداً لأن عاقبته أن المجتمع أصبح مبنياً على الكذبquot;.

رولا سعيدة جداً بمشروع تخرجها، لأنها تشعر أنها أعادت الاستفزاز الذي يشكله عندها الاشخاص الذين يعيشون على المجاملة، خصوصاً من يجاملها هي. وتقول بسخرية: quot;المضحك أنني عندما قصدت بعض الأشخاص الذين يعيشون على المجاملات، أسألهم أن يعطوني تلميحا عن عبارات المجاملة السائدة في المجتمع، قالوا لا نعرف عليك أن تسألي من يجاملون!quot;.

في النهاية، اللطف هو أسرع وسيلة لكسب ود الآخرين، وهو شيء مهم جداً في العلاقات الانسانية. ولكن يبدو أن المجتمعات تخطت حدود اللطف لتدخل في النفاق الاجتماعي، والذي وللأسف تعيش عليه المجتمعات الشرقية. ومع أن هناك شريحة كبيرة من المجتمع تجامل بعضها بعضا، الا أن هناك بعضاً ممن يتمسكون بالصراحة وفي كل شيء. الخوف من أن يتحول كل المجتمع الى شريحة واحدة تتبع مبدأ النفاق الاجتماعي، ويصبح على حد قول المثل الشعبي: quot;في الوجه مرآة وفي القفا مذراةquot;.

صور من المشروع