كارلسروهه/برلين: اقتحم الاتجاه إلى الطبيعة عالم العطور أيضاً، فعطور اللافندر الذكية والعطور الرقيقة المركبة من رائحة الياسمين والورد أو التركيبات النفاذة المكونة من الجريب فروت والبرتقال لم تعد تصنع بشكل تخليقي فقط، حيث أعادت العديد من شركات العطور إحياء صناعة العطور التقليدية التي سادت في القرنين السادس عشر والسابع عشر والتي كانت تعتمد على العطور الطبيعية المركزة والمستخلصة من الزيوت العطرية الموجودة في أوراق الزهور ولحاء الأشجار وقشور الفواكه.

وفي هذا الصدد يقول رونالد تينتونيان، أخصائي تركيب العطور :laquo;جودة الخامات المستخدمة والمعالجة السليمة لها هي أهم عناصر صناعة العطورraquo;. ويوضح المدير التنفيذي لشركة laquo;فلوراسينتraquo; بمدينة كارلسروهه جنوبي غرب ألمانيا ذلك بأنه يجب على سبيل المثال قطف الورود في الصباح الباكر، نظراً لأن حرارة الظهيرة تتسبب في تبخر الزيت الطيار الذي تحتوي عليه. ويمكن أيضاً استخدام الروائح الحيوانية كالمسك أو الروائح المستخلصة من المواد الغذائية كالشوكولاتة والعسل واللوز في صناعة عطور طبيعية.

وتعد تركيبة العطور الطبيعية أكثر تعقيداً من مثيلتها في العطور التخليقية. وبذلك يواجه أخصائيو تركيب العطور أحياناً مشكلات من نوع خاص. ففي حين أن زيوت الليمون التخليقية تتجنب المادة التي لها تأثير سام على الجلد في حال التعرض لأشعة الشمس، يأتي ذلك على حساب النكهة والرائحة النفاذة. غير أن فرانك هالبوم، المدير التنفيذي لشركة صناعة العطور laquo;كورت كيتسينغraquo; بمدينة فالرشتاين جنوبي ألمانيا، يشير إلى أنه لهذا السبب تحديداً يجوز استخدام زيت الليمون التخليقي في منتجات العناية بالبشرة.

وأضاف هالبوم :laquo;بشكل عام تُعد تكلفة إنتاج الزيوت العطرية الطبيعية أكبر من تكلفة المواد العطرية التخليقيةraquo;. وبالإضافة إلى ذلك تتسم المصادر الطبيعية التي تستخرج منها الزيوت العطرية بأنها قليلة للغاية، فضلاً عن إمكانية نقص المحاصيل بسبب الجفاف أو الآفات الزراعية. وتفسر كل هذه العوامل سبب ارتفاع سعر بعض الزيوت العطرية الطبيعية.

وبحسب تقديرات رابطة شركات مستحضرات التجميل الألمانية في العاصمة برلين، يُعد ارتفاع سعر العطور الطبيعية سبباً رئيسياً في عدم انتشارها في سوق العطور حتى الآن بخلاف منتجات العناية الطبيعية التي يزداد الإقبال عليها يوماً بعد يوم. ويفسر مارتن روبمان من الرابطة الألمانية ذلك بقوله :laquo;العطور الطبيعية تماماً ما زالت منتجات قاصرة على فئات معينة لأسباب عديدة، منها الارتفاع الشديد في أسعار المواد الخام ومخاطر الحساسية التي لا يمكن الاستهانة بهاraquo;.

ويشير يوهانس غاير، أخصائي الأمراض الجلدية والحساسية ورئيس المجموعة الألمانية للحساسية التلامسية بجامعة جوتنغن، إلى أنه من الصعب غالباً تحديد حجم خطورة الحساسية الذي تنطوي عليه العطور الطبيعية، مفسراً ذلك بأنه في كثير من الحالات يتعذر معرفة تركيبة العطور الطبيعية على وجه الدقة. لذا تنصح غرتراود كريمر، طبيبة الأمراض الجلدية بالعاصمة الألمانية برلين، مرضى الحساسية بتجربة العطر على الجلد قبل الشراء، مع مراعاة وضعه على باطن الكوع وليس على الوجه.