quot;هل أنت مع مقاطعة الفنانين الموجودين على القوائم السوداء للثورات العربية؟quot; سؤال طرحه قسم فنون على قراء إيلاف ضمن إستفتاء القسم الأسبوعي وجاءت النتيجة مفاجئة حيث إن الغلبة كانت لـ quot;ضد المقاطعةquot; ولو بفارق بسيط لا يتعدى 1% وتعبر النتيجة في الوقت نفسه عن انقسام الشارع تجاه المقاطعة.


بيروت: نحن في زمن لابد من أن نشفق فيه على المشاهير من فنانين وإعلاميين، فهذه فئة وجودها يعتمد على مقدار نجوميتها، والنجومية تعتمد على رصيدهم لدى الجمهور، فهو الوحيد القادر على رفع الفنان الى قمة النجومية أو الهبوط به الى غياهب النسيان.
طبعاً الشهرة تجعلك مرغوباً من الجميع، وبالتالي غالباً ما تتزاوج الشهرة والنجومية مع السلطة والرأسمال، ويصبح النجم أو النجمة محل اهتمام رجال المال والسياسة لأسباب مختلفة ومتعددة، بعضها واضح ومعلن مثل توظيف نجومية الفنان لمصلحة النظام، والبعض الآخر يبقى حبيس الغرف المغلقة كـاستمتاع السياسي أو الثري بالشخصية المشهورة أو بفنها، والمحصلة النهائية واحدة: النجوم تحت سطوة السلطة والمال يرتبطون بها، وينافقونها، والشعب بالنسبة لهم quot;مستهلكquot; يبيعونه فنهم ويتربحون منه.
هي علاقة أشبه ما تكون بعلاقة الدول الإمبريالية بالمنطقة العربية التي تحوّلت إلى سوق إستهلاكية تستوعب كل ما يضخ فيها من بضائع الجيد منها والفاسد.
إذن النجومية كالبورصة في صعود ونزول مستمرين، تتأثر في الأحوال العادية بعوامل من نوعية: جودة الأداء، تقديم عمل فني ناجح أو فاشل، الفضائح الشخصية الخ.
ولكن الوضع الإستثنائي الذي تمر به المنطقة العربية منذ اندلاع ثورات الربيع العربي خلط الأوراق، وفضح العلاقة الحقيقية بين الفنان والجمهور، ووضع المشاهير في مأزق حقيقي بعد أن فشل أغلبهم في اختبار الولاء.
القائمة السوداء في مصر فرضت تحوّلات على المشهد الفني
وظهرت المواقف المتزلفة للفنانين تجاه السلطة بوضوح كبير في الأيام الأولى للثورة المصرية، وهنا قام الثوار بنشر ما يعرف بقوائم العار رصدوا فيها الأسماء المنافقة، ورفضوا من تحول بعد انجلاء الموقف وحاول تزلفهم، وذهبوا الى أبعد من ذلك حيث طالبوا الجماهير العريضة لهؤلاء الفنانين بمقاطعة أعمالهم الفنية.
والمقاطعة لم تقتصر على الجماهير بل إمتدت لتشمل الوسط الفني نفسه، فبعض الفنانين - عندما حسم الموقف لصالح الثورة- أعلن أنه لن يعمل مع فناني القائمة السوداء، كما أعلن بعض المنتجين السينمائيين بأنهم لن يعاودوا التعاون مع فناني القائمة السوداء لأن المقاطعة أثبتت أنها مؤثرة وكبدتهم خسائر فادحة.

وفي المقابل، من راهن على الجمهور وعبر عنه كسب الرهان وهو اليوم الأكثر طلباً من قبل المنتجين، ويعمل أكثر من غيره، وهذه المقاطعة فتحت كذلك المجال أمام الإستعانة بوجوه جديدة غير مصبوغة سياسياً وظهر ذلك جلياً في مسلسلات رمضان الماضي.
قوائم الشرف والعار السورية تأثيرها محدود
في الثورة السورية كان الوضع أكثر تعقيداً حيث انقسم فيها الشارع بين مؤيد ومعارض للنظام، وإنعكس هذا الإنقسام على الساحة الفنية والمقاطعة هنا من الطرفين، بمعنى: أن الفنانين والمنتجين الموالين للنظام (وهم أكثرية) قرروا مقاطعة الفنانين الموالين للثورة.
والفئة الثائرة من الشعب السوري أعدت قوائم عار وشرف رصدت فيها المواقف، واستطاعت الى حد ما التأثير على سوق الدراما الموالية للنظام من خلال الضغط على الفضائيات العربية بعدم شراء هذه الأعمال لأنها مضمّخة بالدم السوري، وهو ما استجابت له الفضائيات بنسب متفاوتة.
وحتى الفنانون الموالون للثورة يرون أن بعض الفنانين الذين أعلنوا موالاتهم للنظام ربما يخالفون حقيقة ما بداخلهم بتأثير الخوف من التنكيل الأمني، بينما يرى آخرون أن هذا ليس بمبرر مقبول، لماذا يجب أن نساوي بين من قبل بدفع ثمن باهظ لمواقفه وبين من جبن وصمت أو أيّد على مضض؟
الشارع لايزال منقسماً ولم يحسم أمره
ومن هنا، وبسبب استمرار الجدل الشعبي،وبعد مرور أشهر على اندلاع ثورات الربيع العربي، طرحنا السؤال على قراء إيلاف quot;هل أنت مع مقاطعة الفنانين الموجودين على القوائم السوداء للثورات العربية؟quot; وذلك لقياس درجة التغير في موقف الجمهور، إن وجد، والمفاجأة لم تكن في أن النتيجة كانت تعبر عن استمرار الإنقسام بين الجمهور، ولكن كانت في أن الغلبة جاءت لمن رفض المقاطعة وبفارق بسيط، حيث أجاب 41.29% بأنهم ضد قرار المقاطعة، بينما أيّد 40% من قراء إيلاف مقاطعة فناني القوائم السوداء، أما النسبة المتبقية من المشاركين في الإستفتاء وهي 18.71% لا تهتم لقرار المقاطعة.
وهو ما يثير تساؤلات عدة: هل تتغلب شعبية الفنان ومحبته الموجودة في قلب الجمهور فيغفر له تدريجياً نفاقه؟ أم أن هذه النسبة تعكس فعلياً موقف الأغلبية الصامتة من التحولات التي تحصل في الدول العربية من حولنا وبالتالي لا ترى في مواقف هؤلاء الفنانين ما يستحق العقاب؟!!