يركز المؤرخ جستن ماروزي على مدن إسلامية لا يعرف عنها الأوروبيون سوى القليل، على الرغم من أهميتها المستمرة والدور الذي لعبته عبر التاريخ، في سرد شخصي لكاتب يريد أن يقول للمسلمين: "إقتدوا بالغرب لتجعلوا دولتكم عظيمة مرة أخرى".

إيلاف: قال أحد أصدقاء المؤرخ جستن ماروزي في بداية كتابه "إمبراطوريات إسلامية - 15 مدينة تحدد الحضارة" Islamic Empires: Fifteen Cities that Define a Civilization (المؤلف من 464 صفحة، منشورات ألان لين، 25 جنيهًا إسترلينيًا): "أينما تنظرون، هناك فوضى، تقاتل، دماء، ديكتاتورية، فساد، عدم مساواة، بطالة. نحن نقود العالم بالإرهاب فحسب".&

لم يشأ ماروزي من خلال كتابه أن يصحّح وجهة نظر صديقه، بل أن يشرح كيف تطوّرت النظرة والحقيقة المتعلقة بالعالم العربي مع الوقت.

لكل قرن مدينة
قبل ذلك، كان ماروزي قد كتب عن تاريخ بغداد الباهر، الذي امتد 1500 عام، ضمن ما عرفت في حينها باسم مدينة السلام. وفي كتابه، يلعب دور الدليل في قلب تلك المدينة التي يطيل الشرح عنها، لأنه يقول إنه يتفهم الناس الذين يكتب عنهم ويحبهم.&

أما في الكتاب الجديد، فيتكلّم ماروزي في كل فصلٍ عن مدينةٍ، وتمثّل كل مدينةٍ مدة قرنٍ من الزمن.&

يبدأ وفق التسلسل الزمني من مدينة مكة، وينتهي بدبي، التي تمثل القرن العشرين، والدوحة التي تمثل القرن الحادي والعشرين. يقر ماروزي منذ بداية الكتاب أن اختياره المدن غير موضوعي، وفي حين أن بنية الكتاب فريدة، يبقى عرضه للعلاقة التي تجمع المدينة وحقبة معيّنة، يعني أن النتيجة هي أن القارئ يحصل على مقتطفاتٍ بدلًا من عرضٍ مفصّلٍ عن كلٍ منها ومعالجة للسبب الذي جعل كل منها ترتبط بحقبةٍ معينةٍ، وكيف انتقلت تلك المدن من النور إلى الظلمة.

التجارة والصورة البرّاقة
فصول الكتاب غير مترابطة وفق فرضيّةٍ معيّنةٍ، لكن بعض الموضوعات تطل مرارًا وتكرارًا، وتمنح الكتاب تماسكه. فأحد الموضوعات هو أهمية الاستثمار في المستقبل والانفتاح على عالم التجارة.&

دتطل بيروت بشكلٍ مدهشٍ كمركزٍ عالميٍ في القرن التاسع عشر، مع هندستها المعمارية التي تتداخل فيها أساليب مختلفةٍ تجعل منها كيانًا فريدًا.&

التجارة هي التي عززت هذا الصعود. وبينما كانت أصفهان تعتبر نصف العالم، أيضًا، كان من الممكن شراء أي شيء من بيروت كذلك. إذًا، سر نجاح بيروت بشكلٍ رئيس كان التجارة. وبين عامي 1830 و1840، ازدادت فواتير الجمارك 4 أضعاف. والمال هو الذي يمنح الحركة والازدهار، وهذا ما جعل الكاتب يركّز على العاصمة القطرية الدوحة في الفصل الأخير من الكتاب.

من الماضي
يُدخل ماروزي قصصًا عن شخصياتٍ تساهم في منح الحيوية إلى نص الكتاب. فيروي قصة القرصان السيء السمعة الذي يتباهى بأنه لن يتردّد لحظةً في سرقة ممتلكات أبيه، ثم بيعه للاسترقاق. وكانت قصة هذا القرصان قد دوّنها أحد الرجال الذين عاصروه.&

يربط أيضًا في كتابه بين الماضي والحاضر، كما يبحر في العصر الحديث بين أمثلة الانفتاح في قرطبة، في ظل القيود المفروضة على حرية التعبير في حينها وبين ما يطلق عليها ماروزي عبارة صعوبة "سحق دبي".&

قد يرى البعض في الطريقة التي يختم فيها كتابه عن دبي وقطر نظرةً متفائلة إلى الأمور.&


&