ثمة مجموعات دينية وعرقية أميركية اعتنقت مبدأ تعدد الزوجات في القديم، منها طائفة المورمون والأميركيون الأصليون والعبيد المستقدمون من أفريقيا. أثار هذا الموضوع جدالًا كبيرًا في أميركا.

إيلاف: تعدد الزوجات موضوع يكثر فيه الجدل والنقاش في العالم، ويكثر فيه المد والجزر بين الرجال والنساء. في كتابها الجديد "تعدد الزوجات: تاريخ أميركا المبكر" Polygamy: An Early American History (المكون من 416 صفحة، منشورات يالي يونيفرستي برس، 34.20 دولارًا)، تتحدث عالمة التاريخ الأميركية سارة بيرسال عن تاريخ تعدد الزوجات في الولايات المتحدة.

ربما يتفاجأ من يسمع أن هناك تعددًا للزوجات في الولايات المتحدة، وقد يكون من الأغرب أن من يمارسونه ليسوا من المسلمين كما قد يخطر في البال أول وهلة. فطائفة المورمون المسيحية الأميركية مارست تعدد الزوجات، ولا يزال عدد من أتباعها من رافضي التحديث يمارسونه في مجتمع متشدد ومنغلق على نفسه.

المورمون
يعود تأسيس طائفة المورمون إلى جوزيف سميث الذي ولد في عام 1805 في ولاية فرمونت. تأثر سميث خلال طفولته بالحركة الدينية في منطقة مانشستر في نيويورك، حيث كان يسكن مع عائلته. وفي عام 1820، عندما كان في الرابعة عشرة من عمره، قرر أن يبحث في الأديان إلى أن يستقر على الدين الذي يرتاح إليه قلبه.

في عام 1823، أعلن سميث نزول وحي عليه من السماء أخبره أنه رسول إلى القارة الأميركية، وأن ألواحًا ذهبية تحتوي على نصوص مقدسة مكتوبة باللغة المصرية القديمة ستظهر على يديه. أسس سميث كنيسة يسوع المسيح للقديسين الجدد وأصبح أول رؤسائها.

أوضح مؤسس طائفة المورمون أنه تلقى أوامر ربانية بتشريع التعدد بين أتباع كنيسته في أوائل أربعينيات القرن التاسع عشر، واستمرت الممارسة بين عدد منهم بناء على أوامر رئيس الكنيسة، إلى أن تخلّت الطائفة عن تعدّد الزوجات في أواخر القرن التاسع عشر.

الأميركيون الأصليون والأفارقة
لا يتحدث الكتاب عن طائفة أو مجموعة واحدة اعتمدت تعدد الزوجات، إذ يشير إلى أن أكبر مجموعة أميركية تبنت تعدد الزوجات كانت من الأميركيين الأصليين، الذين اعتقدوا أن هذا الأمر يجلب الفخر، ويساعد على إنجاز مهام عدة، مثل توفير الطعام وتقديمه، والضيافة المنزلية للزوار وتربية الأطفال.

من المثير للاهتمام أن هناك فصلًا في الكتاب حول تعدد الزوجات بين العبيد الأميركيين من أصل أفريقي، على الرغم من أن الزيجات بينهم لم يتم الاعتراف بها قانونًا، وكان يمكن إنهاؤها بناء على طلب ما كان يُعرف آنذاك بالمالك أو السيد.

رفض الكنيسة
تعارض تعدد الزوجات مع الاعتقاد المسيحي عن الزواج الأحادي، خصوصًا عندما حاولت الدول الاستعمارية، كفرنسا وإسبانيا وبريطانيا، تنصير الشعوب الأصلية. ويرد في نص الكتاب الجهود التي بذلتها كل إدارة استعمارية في أميركا الشمالية.

في ما يتعلق بإسبانيا وفرنسا، كان تعدد الزوجات يمثل لعنة خاصة، نظرًا إلى تشدد الكنيسة الكاثوليكية الرومانية وتأكيدها على الزواج الأحادي. لكن حتى بريطانيا العظمى، بكنيستها الإنغليكانية البروتستانتية، كانت بالقدر نفسه من التأكيد على أن فكرة تعدد الزوجات من بقايا البربرية والوثنية، وينبغي منع هؤلاء الوثنيين عن اتخاذ هذه الخطوة لإنقاذ أرواحهم. &

نظرة النساء والرجال
تكشف بيرسال في الكتاب أن النقاش حول تعدد الزوجات شمل النساء أنفسهن، وهذا كان مستغربًا في تلك الحقبة الزمنية من تاريخ أميركا، حيث كان محظورًا على النساء الانخراط في مثل هذه الأمور العامة. وتوضح أن بعض النسوة دعمن هذه الممارسة والبعض الآخر رفضها.

بالنسبة إلى النساء، كان هناك دائمًا احتمال أن تُعامل الزوجة الثانية بطريقة سيئة، وأن تقع المنافسة بين الزوجات. أما بالنسبة إلى الرجال، فقد اقتصر مفهوم تعدد الزوجات على الأثرياء والنخب، تاركين الفئات الأكثر فقرًا لقدرهم غير قادرين على بناء المؤسسة الزوجية.

رسوم تاريخية إيضاحية
مع وجود العديد من الرسوم التاريخية الإيضاحية لفكرة تعدد الزوجات في أميركا، يأخذ الكتاب بعدًا شيقًا. كما إن البيبليوغرافيا تُظهر بحثًا جامعيًا مستفيضًا وتمحيصًا في المحفوظات والمكتبات العامة الأخرى.&

يمكن اعتبار المصادر المستخدمة في الكتاب بالاستثنائية، بالنظر إلى صعوبة وجود سجلات ووثائق حول مثل هذا الموضوع من القرن السادس عشر.


أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "نيويورك جورنال أوف بوكس". الأصل منشور على الرابط: https://www.nyjournalofbooks.com/book-review/polygamy-early
&