يحلل كل من مارينا ودافيد أوتاواي التغيرات المستمرة في أربع مناطق عربية مختلفة، ويقدمان نظرة شاملة إلى التحولات في البلدان العربية، وكيف ستستمر هذه التحولات في المستقبل، مع التركيز على الأنموذج المغربي.

إيلاف: أجرى الباحثان مارينا ودافيد أوتاوي مراجعة لكتابهما الجديد "قصة 4 عوالم: المنطقة العربية بعد الثورات" A Tale of Four Worlds: The Arab Region After the Uprisings (المكون من 256 صفحة، منشورات جامعة أكسفورد، 25 جنيهًا إسترلينيًا) خلال مؤتمر استضافه أخيرًا مركز ويلسون في واشنطن.&

وبسؤالهما عمّا فعله العاهل المغربي محمد السادس لتعزيز التزامه دفع بلده ليصير كيانًا ديمقراطيًا وإصلاحيًا لا رجعة فيه، قالت مارينا: "يتمتع الملك المغربي بالسلطة الأخلاقية والشرعية وباستراتيجية طويلة الأجل، على عكس بلدان أخرى في المنطقة، لكنه لا يتحرك بسرعة كافية".

منشط للذاكرة
اعتبر إدوارد غابريل، سفير الولايات المتحدة السابق في المغرب، ذلك الرد من جانب مارينا مثيرًا للانتباه، لا سيما أن معظم المراكز البحثية في واشنطن غالبًا ما يخطئ عند تحليله الأوضاع في المغرب، نظرًا إلى قلة معرفته بالبلد وبطبيعته أو عند قياسه خبراته في أجزاء أخرى من المنطقة على حالة المملكة المغربية.

أضاف غابريل إن كتاب الثنائي أوتاوي الجديد منشط للذاكرة، لأن الباحثين أمضيا سنوات في دراسة المغرب في سياق المنطقة الأكبر، وهو عبارة عن تحليل لحقبة ما بعد الربيع العربي، ويُقَسِّم تحليل الشرق الأوسط إلى 4 مجموعات فرعية متميزة، هي: العراق-سوريا، ممالك الخليج، مصر، والمغرب الكبير.&

قال الباحثان في آخر فصول الكتاب: "انتفاضات عام 2011 لم تكن ثورات ناجحة أو فاشلة، ولم تكن ربيعًا عربيًا أعقبه صيف مجيد أو شتاء بارد، وما فعلته تلك الانتفاضات هو رفع مستوى النظم السياسية غير المستقرة في العديد من الدول العربية وتحطيم العديد من الأنظمة الأخرى، ما أطلق بدوره العنان لعملية تغيير مفتوحة النهاية".

أول حكومة إسلامية
قدَّم الباحثان المغرب باعتباره أفضل دول المنطقة في العقد الأخير، وقالا: "كان المغرب المثال الأول والأكثر نجاحًا على وجود ملك استباقي الرؤية".&

أضافا إنه من المفهوم على نطاق واسع أن الملك محمد السادس يمارس الإصلاح بشكل حذر من أعلى الهرم إلى أسفله، موضحين أن واحدًا من أسباب نجاح المغرب هو إدراك الملك الراحل الحسن الثاني وابنه محمد السادس بشكل مبكر أهمية التعاون مع حزب العدالة والتنمية الإسلامي، ما مهَّد الطريق أمام أول حكومة بقيادة إسلامية في العالم العربي.&

كما سرد الباحثان بعض التفاصيل حول الطريقة التي نجح من خلالها الملك محمد السادس في إبراز مهارته المتعلقة بتلبية متطلبات المغاربة بحلول الربيع العربي في عام 2011، ودعوته في مارس من ذلك العام إلى صوغ دستور جديد، تم صوغه وإقراره بموافقة 98.5 في المئة، إضافة إلى تصويت 73 في المئة من السكان في استفتاء يونيو 2011. واستطاع في أقل من عام أن يهدئ وتيرة الاحتجاجات، ويعزز سمعته زعيمًا إصلاحيًا، فيما لم يستطع أي زعيم عربي آخر أن يكرر هذا المستوى من النجاح.

تميز المغرب
قال السفير غابريل إنه وعلى الرغم مما كُتِبَ عن استقرار المغرب ونجاحه الديمقراطي في الماضي، تلك هي المرة الأولى التي تقارن فيها الحوادث والمستجدات التي شهدها المغرب بباقي دول منطقة الشرق الأوسط، خصوصًا أن الباحثين أوتاوي نوها بحالة الضرر الشديدة التي مرت بها سوريا والعراق وليبيا واليمن منذ عام 2011، وإن أشارا إلى سير تونس في الاتجاه الصحيح واحتمال تحقيقها النجاح مستقبلًا، وتنويههما أيضًا باحتمال وجود أمل في الجزائر على المدى البعيد، بحسب ما ستفعله الحكومة المقبلة، وتعامل الأردن بحذر إزاء التغيير وانشغاله بالاضطرابات الحاصلة حوله، وأخيرًا حالة الاستقرار التي تعيشها ممالك الخليج، باستثناء التحديات المتزايدة التي تواجهها بشأن "غير المواطنين" والانقسام السني - الشيعي.

كما تحدث الباحثان عن الطريقة التي تركز بها المنطقة المغاربية بشكل أكبر على أوروبا والغرب وأفريقيا، وتقليلها تركيزها على العالم العربي، في الوقت الذي تقود فيه المملكة المغربية الطريق من خلال مبادرتها الخاصة بقارة أفريقيا. ولفتا كذلك إلى التعاون القائم بين حزب العدالة والتنمية والبلاط الملكي في سبيل المضي قدمًا على صعيد الجبهة الاقتصادية، الجانب الذي ميَّز المغرب من بلدان عربية كثيرة، وحتى من جيرانه في المغرب العربي.&


أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "موروكو أون ذا موف". الأصل منشور على الرابط:
https://moroccoonthemove.com/2019/10/16/a-tale-of-four-winds-by-marina-and-david-ottaway-morocco-among-the-best-ambassador-edward-m-gabriel-ret/
&