خرج زعماء العالم في مسيرة تضامنية مع مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية &بعد ما تعرضت له في 2015، وتوقفت الدوريات عبر أوروبا دقائق صمت حينئذ. بعد أربعة أعوام، يستعيد الكاتب الفرنسي الشهير فيليب لانسون تلك المرحلة ليصف معاناته ومحاولاته الحثيثة ليتجاوز المحنة التي مرّ بها.

"إيلاف" من بيروت: يعود الكاتب الفرنسي فيليب لانسون إلى الواجهة بنشره كتابه الجديد "الاضطراب، النجاة من مجزرة شارلي إيبدو" Disturbance, Surviving Charlie Hebdo (448 صفحة، منشورات يوروبا، 28 دولارًا) ليروي تفاصيل المجزرة التي خلفت 12 قتيلًا من محرري المجلة، وكان هو الناجي الوحيد من تلك الكارثة.

ألم لا يوصف

ارتكب هذه المجزرة أخوان من أصول جزائرية ينتميان إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في عام 2015، هما سعيد وشريف كواشي اللذان قتلا في مداهمة للشرطة بعد يومين من الاعتداء. سبب هذا الحدث ألمًا لا يوصف للضحايا وعائلاتهم، وحفز حركة تضامن عالمية، وأشعل نقاشًا حادًا حول حريات الصحافة ودور السلطة الرابعة اليوم.

أصيب لانسون، الذي عمل (وما زال) ناقدًا ثقافيًا لأسبوعية "شارلي إيبدو" الساخرة، بجروح بالغة خلال الهجوم، بعد أن أطلق الإرهابيان عيارًا ناريًا على وجهه، وتُرك شبه ميت على أرض المكتب. طوال السرد، يظل المؤلف هادئًا بشكل مدهش، ويصف بصوت ذكي ومستنير تفاصيل الاعتداء وما تلاه.

نُقل لانسون إلى المستشفى، وخضع لعدد لا يحصى من العمليات الجراحية لإصلاح وجهه، أحدها شمل إزالة الورم العضلي حتى يتمكن الجراحون من إعادة بناء عظم الفك. أقام الكاتب الفرنسي علاقة صداقة وثيقة مع جراحه الرئيسي وأمضى شهورًا أخرى تحت مراقبة مسلحة من حراس الشرطة الشخصيين.&

عودة إلى الحياة

في غضون ساعات من الهجوم على "شارلي إيبدو" الساخرة في باريس، دأب العديد من رجال السياسة الفرنسيين والدوليين والمعلّقين على تصوير الهجوم بأنه يستهدف "التاريخ التنويري والنهضوي المشرّف" للبلاد، وقد وصفه الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند حينها بأنه اعتداء على الجمهورية وقيمها المتمثّلة في "الحرية والإبداع والعدالة وحرية التعبير والتعددية".
ينقل لانسون في كتابه الجديد هذه التجربة الحياتية، وعلاقته بالعالم والكتابة والقراءة والحب والصداقة. بينما يحاول إعادة بناء حياته من جديد، ويعيد قراءة بروست وتوماس مان وكافكا وغيرهم بحثًا عن التوجيه.

مضى عام على عودة الكاتب الفرنسي إلى الكتابة، وهو عام تعلم فيه العمل من خلال تجاربه وما بعدها. ويعتبر الهجوم وما تلا ذلك جزءًا من رواية تمس العالمية. فهي قصة صادقة وحميمة عن رجل يسعى إلى إعادة حياته إلى الوراء بعد أن مزقته الكارثة.

الكتاب خال من مشاعر الغضب تجاه من ارتكب الجريمة أو الأيديولوجيا التي ألهمتهم على المجزرة. من دون اللجوء إلى الجدلية، يمثل هذا الكتاب حجة لصالح الحياة الفكرية، والأفكار باعتبارها تجريدات جميلة، مسلّحة باعتبارها هجاء وحسب، وليس كإرهاب.&

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "غارديان". الأصل منشور على الرابط:
https://www.theguardian.com/books/2019/nov/04/disturbance-surviving-charlie-hebdo-by-philippe-lancon-review