تسلّط أندريا بيرنشتاين الضوء على معلومات جديدة حول وصول عائلتيّ ترمب وكوشنير كمهاجرين إلى أميركا، ومساراتهم إلى النجاح، والأعمال التجارية والحياة الشخصية للرئيس وأقرب أفراد أسرته.

"إيلاف" من بيروت: بينما تستمر الحرب الأهلية الباردة في الولايات المتحدة، وما رافقها من توتر نتيجة محاكمة الرئيس الأميركي دونالد ترمب كنقطة محورية في الصراع. تغوص الصحافية الاستقصائية المخضرمة أندريا برنشتاين في كتابها الجديد "الأوليغارشيون الأميركيون: آل كوشنير وآل ترمب، وزواج المال والسلطة" American Oligarchs: The Kushners, the Trumps, and the Marriage of Money and Power، (المؤلف من 496 صفحة، منشورات دبليو دبليو نورتن، 28.50 دولارًا) بعمق في كل الأشياء التي قام بها ترمب وصهره جاريد كوشنير، والتي تفسد السياسة الأميركية.

استغلال السلطة
تتبع بيرنشتاين كيف استخدمت العائلتان بلا رحمة سياسات ماكينة نيويورك ونيوجيرزي الانتخابية للحصول على إعفاءات ضريبية كبيرة على البرامج الفيدرالية التي عززت الطبقة الوسطى. وتوضح كيف تحوّلت منظمة ترمب، التي حرمت البنوك الأميركية من ائتمانها، إلى رأس مال دولي مشبوه.

كما تكشف عن تفاصيل جديدة مدهشة حول كيف استخدم جاريد كوشنر ووالده جريدة مرموقة في مدينة نيويورك لتعزيز إمبراطوريتهما التجارية. وبالاعتماد على أكثر من 200 مقابلة وأكثر من 100 ألف وثيقة، الكثير منها لم يُكشف من قبل، توضح بيرنشتاين كيف خرق ترمب وكوشنير بشكل متكرر القواعد واستفادا من السرية والتخويف والسلطة القضائية لتجنب العواقب القانونية.

عائلة كوشنير
تتحدث بيرنشتاين في الكتاب عن الظروف المحيطة بدخول عائلة كوشنير إلى الولايات المتحدة بعد الهولوكوست. وتشير إلى أن أفراد العائلة ارتكبوا عمليات احتيال في الهجرة.

من المفارقات اليوم أن كوشنر مكلف ببناء جدار ترمب الموعود منذ فترة طويلة على طول الحدود الأميركية - المكسيكية. وبينما يسوّق ترمب وكوشنير للجدار الذي يبلغ طوله 100 ميل بأنه ببساطة "حاجز بديل"، إلا أن بيانات الجمارك الأميركية وحماية الحدود تتناقض مع هذه التصريحات.

يوضح الكتاب، كيف قام يوسيل بيركوفيتش، جد جاريد كوشنير، باستخدام كنية زوجته للدخول إلى أميركا. وتكتب بيرنشتاين عن كيفية تحول يوسيل بيركوفيتش إلى جوزيف كوشنير، وكيف سيُدعى ابنه تشارلز بتشارلز كوشنير، وليس تشارلز بيركوفيتش، وحفيده جاريد كوشنر، وليس جاريد بيركوفيتش. وتنوه بأن اسم زوجة جاريد سيكون إيفانكا كوشنير، وليس إيفانكا بيركوفيتش.

معضلة الهجرة
في بعض الأحيان، تلوّن مشاعر بيرنشتاين لائحة الاتهامات الموجّهة في الكتاب. وفي حين أنها تصبّ غضبها على سياسة جاريد كوشنير العنصرية، فإن الحقيقة هي أن السكان المهاجرين في الولايات المتحدة يقتربون من مستوى قياسي مرتفع، حيث إن ما يقرب من 14 في المئة، أي أكثر من 44 مليون شخص يعيشون في الولايات المتحدة، قد ولدوا في مكان آخر؛ كما إن معدل الخصوبة في أدنى مستوى منذ 40 عامًا.

سواء أحببنا ذلك أم لم نحب، تظل الهجرة أولوية بين الجمهوريين، لذلك فإن هذا الرهان الآمن على المخاوف والاستياء اللذين أديا إلى فوز ترمب في الرئاسة الأميركية سيظل فاعلًا حتى نوفمبر، موعد الانتخابات الرئاسية.

قضية مارك كاسويتز
في أكتوبر 2017، كتبت بيرنشتاين وآخرون في مجلة "نيويوركر" كيف كان المحامي مارك كاسويتز الذي اختاره الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتمثيله في قضية التحقيق بالتدخّل الروسي في الانتخابات الرئاسية، على علاقة بالكرملين، معتبرين أن هذا الاختيار اختيار "صارخ" من قبل رئيس يحاول الهروب من "دوامة متواصلة" تلاحق إدارته.

كان من بين موكّلي كاسويتز، بحسب التحقيقات، أوليغ ديريباسكا، وهو "أوليغارشي" روسي قريب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقام بأعمال تجارية مع مدير حملة ترمب السابق. كما إن كاسويتز محام أيضًا لأكبر بنك مملوك للدولة فى روسيا، بنك "سبيربنك"، وفقًا لما أظهرته سجلات قضائية.

إلى ذلك، كان كاسويتز وكيلًا سابقًا لإحدى شركات ديريباسكا على مدى سنوات، في دعوى مدنية في نيويورك، وكان من المقرّر أن يرافع باسم الشركة بعد يومين من أنباء توظيفه محاميًا من قبل ترمب، إلا أن محاميًا آخر في مكتب كاسويتز تولى القضية أمام المحكمة، وتجنّب كاسويتز بالتالي السيناريو الذي كان من شأنه أن يلقي الضوء على أعماله واسعة النطاق، مع موكّلين روس رفيعي المستوى.

أبناء ترمب
يعتمد كتاب "الأوليغارشيون الأميركيون" على سلسلة من المراسلات التي توثق تورط أبناء ترمب في فضائح فساد. ويقول أحد الأشخاص الذين قابلتهم بيرنشتاين تعليقًا على فضيحة ترمب سوهو المالية في عام 2017 والتي أسقط مارك كاسوفيتز التحقيق فيها، ما يأتي: "لم يكن هناك شك في أن أبناء ترمب قد وافقوا على تزييف الأرقام وعلموا بها ووافقوا عليها، وقاموا بتضخيمها عن عمد لتحقيق مبيعات أكثر".

علق شخص مطلع على القضية التي ورد فيها اسم فيليكس ساتر، وهو مجرم مدان، وتيفيك عارف، وهو مطور عقاري مولود في كازاخستان، أمضى 17 عامًا في وزارة التجارة السوفياتية، بالقول: "كان واضحًا أنهم كذبوا بشأن حجم المبيعات وكانوا يعرفون أنهم يكذبون".

نتيجة الكتاب سرد مقنع يفصل كيف استفادت عائلتيّ ترمب وكوشنير من نظام للفساد والمال المظلم والتداول في النفوذ، ويكشف عن نقاط التحول التاريخية والقرارات بشأن الضرائب والتنظيم وقوانين تمويل الحملات التي جعلتهما يجلسان على قمة العالم.



أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "غارديان". الأصل منشور على الرابط:
https://www.theguardian.com/us-news/2020/jan/12/american-oligarchs-review-donald-trump-jared-kushner-andrea-bernstein