أثار كتاب ليلى سليماني "جنس وأكاذيب" نقاشًا متكررًا حول الحرية الفردية والأعراف التقليدية والإحباط والعنف الجنسيين في المغرب، حتى إنها اتهمت بخيانة ثقافتها التي تفرض على المرأة أن تكون عذراء... أو متزوجة.

"إيلاف" من بيروت: بعدما فازت الكاتبة الفرنسية المغربية الأصل ليلى سليماني بجائزة "غونكور"، أعرق المكافآت الأدبية الفرنسية المعنية بالأدب المكتوب باللغة الفرنسية، في نوفمبر 2016، عن روايتها "أغنية عذبة" التي تتناول جريمة قتل طفلين، وتتطرق إلى العلاقات الاجتماعية القائمة على السيطرة والبؤس، ها هي تنشر كتابًا بعنوان "جنس وأكاذيب" Sex and Lies (208 صفحات، منشورات فايبر، 12.99 يورو)، حظي باهتمام كبير.

معاناة النساء
في المغرب، حيث نشأت سليماني، ينص قانون العقوبات على السجن مدة تصل إلى عام لأي شخص يمارس الجنس قبل الزواج، وتصل إلى عامين بتهمة الزنا، وتصل إلى ثلاثة أعوام عن الأفعال الجنسية المثلية. أما الإجهاض فغير قانوني إلا في حالات الاغتصاب أو التشوه الشديد في الأجنة أو سفاح القربى.

تستشهد سليماني ببحوث في كتابها تشير إلى أنه يتم التخلي عن 24 طفلًا ويتم إجراء نحو 600 عملية إجهاض سرية يوميًا في المغرب. وفي خلال جولتها الكتابية التي استمرت أسبوعين، اقتربت سليماني من نساء أردن الاعتراف "بمعاناتهن الجنسية وإحباطهن وغربتهن"، فجاء كتابها استجابة لهذه القضية ويتضمن روايات حرفية لما قالته النساء.

تناقضات المجتمع
تحاول سليماني كشف النقاب عن تناقضات المجتمع المغربي من خلال شهادات لنساء ورجال. الشخصيات التي قابلتها المؤلفة تحدثّت بجرأة وصراحة عن حياتها الجنسية، بين الخضوع والتمرُّد.

انتقلت سليماني من مدينة إلى أخرى لتصغي إلى تمزّقات مجتمع لا يمكن المرأة فيه أن تكون إلّا عذراء أو زوجة، وكل ما هو خارج نطاق القانون أو الزواج مرفوض. الكذب هو القاعدة ما دام الشرف والعذرية والمظاهر سليمة.

يعاقب القانون الجنائي المغربي رسميًا أي تجاوز وخرق، لكن القوانين تُنتهك في كل يوم، وتُسبب مآسي شخصية جمّة. تدين سليماني مشتقات هذا النفاق و"ثقافة الكذب المُمَأسَسة" في المجتمع المغربي حيث الشرف فوق كل شيء، ونظرة الآخر أهم من أي شيء.

خضوع المرأة
تكتب سليماني عن تجاهل كبير يصيب الحاجات الجنسية للنساء المغربيات خارج نطاق الإنجاب، فمن المتوقع أن تكون النساء عذراوات عند زواجهن، وغير ناشطات جنسيًا بعد ذلك. ويكاد هذا الرصد المكثف للحياة الجنسية للمرأة، على وجه الخصوص، أن يكون مساويًا للحرمان السياسي.

تقول سليماني في الكتاب: "ليس في إمكان المرأة التي يخضع جسدها للسيطرة الاجتماعية بهذا الشكل أن تتمتع بدورها كمواطنة بشكل كامل".

تُبرز كلمات النساء المغربيات اللواتي قابلتهن سليماني بشكل أكثر وضوحًا المعايير المزدوجة عندما يتعلق الأمر بالحرية الجنسية للرجال والنساء، والشكوك والمخاوف التي تطبع النظرة إلى المتعة الجنسية للمرأة.

تشير سليماني إلى الصلة بين البؤس الجنسي الذي تصفه بشكل واضح والظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. كتبت: "يمكن المرء أن يجادل بأنه إذا لم تكن هناك حقوق جنسية للمسلمين، فذلك بسبب كون معظم الأنظمة التي يعيشون في ظلها تعتمد على رفض الحريات الفردية. لأن المواطن المؤمن غير مخول بالتفكير في نفسه أو اتخاذ قراراته بحرية".

جرأة غير مسبوقة
أشادت الصحافة في فرنسا وبلدان غربية أخرى بكتاب سليماني، ووصفته بأنه شجاع يكسر المحرمات. وهي ليست مؤثرة بسبب كتابتها وحسب، بل لأنها الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للغة والثقافة الفرنسية (في نوفمبر 2018، حصلت على المرتبة الثانية من بين أكثر الشخصيات الفرنسية تأثيرًا في العالم).

تشير سليماني إلى أنها تعرف أنها، ومن خلال استخدام منصتها المعتبرة للكتابة عن هذا الموضوع الحساس، ستتعرض للاتهام بأنها تعاني الإسلاموفوبيا، وبأنها تخون ثقافتها، وبأنها عميلة للغرب، لكنها تقول إن الوظيفة الجنسية حق عام غير قابل للمصادرة.

بعد النجاح الكبير لروايتها "أغنية عذبة"، الحائزة جائزة غونكور في عام 2016، تعطي سليماني الكلمة للمغربيات وتُقدّم تحقيقًا جريئًا عنهن، يؤكّد شغفها بالموضوعات المحظورة، ورفضها التظاهر بجهل ما هو مسكوت عنه.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "غارديان". الأصل منشور على الرابط:
https://www.theguardian.com/books/2020/feb/12/sex-and-lies-leila-slimani-review