إن نظر الإنسان إلى الأرض ليلًا من الفضاء حين تتداخل الأضواء في متهات الكون، صار كائنًا عالميًا لا تحده حدود الدول والمجتمعات البشرية، وتغير منظوره وتطور.

إيلاف من دبي: نشرت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" كتابًا إلكترونيًا على موقعها، بعنوان "الأرض في الليل" Earth at Night ضمنته صورًا قالت الوكالة إنها التقطتها ليلًا تبين كيف تصدر الأضواء عن الظواهر الطبيعية والبشرية وتنير الظلام، وكيف، ولماذا، عكف عدد من العلماء مدة تزيد على أربعة عقود، على رصد الأضواء الصادرة عن كوكب الأرض في أثناء الليل.

لا مثيل له

في مقدمة الكتاب، ذكر توماس إتش زوربوتشين، المسؤول الإداري المشارك في "ناسا": "إن الأقمار الصناعية التي ترتاد الفضاء جمّعت سجلًا لم يسبق له مثيل لكوكب الأرض ولتألقه في ظلام الليل".

في تعريف الكتاب، يرد أن الصور الفوتوغرافية الباهرة لفضاء الكواكب الليليجذبت انتباه عين الإنسان عقودًا من الزمن، وفي مثل هذه الصور التي يتضمنها الكتاب، تُرى الأنماط الضوئية بناءً على وجود الضوء أو عدم وجوده في خط فاصل مميز، ومسطحات شبه مائية يمكن التعرف عليها من خلال الظلال الداكنة، والمحلقات السريعة المنبثقة من النقط الرائعة للضوء.

منذ نحو ربع قرن، كانت الصور الليلية للأرض التي تلتقطها الأقمار الصناعيةبمنزلة أداة بحث أساسية تثير فضول الناس، وترسم صورة موسعة توضح كيف أضاء البشر الكوكب منذ اختراع المصباح الكهربائي قبل 140 عامًا.

الشرق الأوسط ليلًا من الفصاء

كائنات عالمية

تروي الأنوار الأرضية والظلام الفضائي قصصًا عن كوكبنا، يُقدّمها هذا الكتاب لمن يحب التحديق فيها. ويُظهر الكتاب كيف يضيء البشر والظواهر الطبيعية الظلام، وكيف ولماذا لاحظ العلماء ضوء الليل المنعكس على غلاف الأرض أكثر من أربعة عقود، باستخدام عيونهم ومناظيرهم المحمولة في الفضاء.

تجدر الإشارة إلى أن الأضواء الصادرة عن كوكب الأرض تبين مدى ازدهار أو ثراء منطقة معينة فيه، كما تكشف الصور عن طبيعة مصدر الضوء، كالبراكين وحرائق الغابات على سبيل المثال، وحتى سفن الصيد قبالة سواحل إندونيسيا يمكن رؤيتها من الفضاء.

في خاتمة الكتاب، يكتب جيمس غرين، كبير علماء ناسا، قائلًا إنه خلال الخمسين سنة الماضية من برنامج الفضاء، "أتيحت لنا الفرصة رؤية كوكب الأرض في النهار وفي الليل. ولاحظ رواد الفضاء أن رؤية الأرض المضاءة من الفضاء تغير وجهة نظرنا، فنبتعد عن الشعور بأننا كائنات محلية أو إقليمية، نعيش في البلدان والولايات والمدن، ويتطور شعورنا إلى منظور جديد بأننا صرنا مواطنين في العالم كله. هذا التحول في الوعي يكمن في أن الأرض المضاءة اليوم لا تظهر الحدود المصطنعة التي أنشأها البشر لفصل المجتمعات السياسية المختلفة".

كيف ستبدو؟

يضيف: "لكن هذا المنظور يتغير في الليل عندما نرى أماكن مضاءة في الأرضحيث أنتج التطور عروضًا ضوئية حية. وتتطور الأرض من خلال عملية التغيير الديناميكي، وهذا التطور يشمل البشر بما أننا نعيش ونعمل وتنكاثر ونهاجر داخل الأرض. طوال تاريخ البشرية على الأرض، والحضارات تنشأ وتختفي بسبب الكوارث الطبيعية، وتغير المناخ على المدى الطويل، وعواقب آثار النيزك الكبيرة".

يسأل: "كيف ستبدو الأرض في الليل من الفضاء في السنوات الخمسين القادمة؟ هل ثمة مدن جديدة مترامية الأطراف حيث لا مدن اليوم؟ هل تدمر الكوارث الطبيعية المناطق المكتظة بالسكان التي نراها اليوم، وتحولها إلى ظلام؟ بالتأكيد ستحدث كل هذه الأشياء".

في النهاية، من المحتمل أن تصبح الأرض في الليل أكثر إشراقًا بفضل وجود شبكات أكثر تعقيدًا من الأضواء معلقة في جميع أنحاء الكوكب. هذا يدل على التقدم وهو أمر مهم للحفاظ على الحياة ، "لكن آمل أن تظل هناك أماكن تُعتز بها الظلام ، وحيث يمكننا أن نواصل النظر إلى الكواكب والنجوم وما وراءها.

إن هذا الكتاب الإلكتروني "الأرض في الليل" واحد ضمن سلسلة الكتب الإلكترونية التي تضمها مكتبة "ناسا" عن العلوم ومدى جمال استكشافات الفضاء وجاذبيتها.

كتاب "الأرض في الليل" الإلكتروني منشور على موقع "ناسا".