استطاعت غريتا تونبرغ وحركة "فرايدايز فور فيوتشر" الحصول على جائزة "سفراء الضمير" بعد جهد جبار بذلوه للفت انتباه العالم إلى قضايا التغير المناخي. ومنحتهم منظمة العفو الدولية هذه الجائزة قبل أيام من قمة الأمم المتحدة للمناخ في نيويورك.

"إيلاف" من بيروت: عندما كانت ناشطة المناخ السويدية غريتا تونبرج في الحادية عشرة من عمرها، كان والداها مالينا وسفانتي، وشقيقتها الصغيرة بياتا، يواجهون أزمة في منزلهم.

أعلنت غريتا الإضراب عن الطعام، وتوقفت عن التحدث إلى الآخرين، وبعد جهد جهيد اكتشف والداها ما كان يزعجها... إنه مستقبلها المعرّض للخطر على كوكب يشهد ارتفاعًا لمعدل الحرارة، أو ما تُعرف باسم ظاهرة "الاحتباس الحراري".

انطلاقًا من تصميم غريتا على فهم الحقيقة وإحداث التغيير، بدأت عائلتها ترى الروابط العميقة بين معاناتها ومعاناة الكوكب. لذلك، يكشف كتاب "بيتنا يحترق: مشاهد لعائلة وكوكب في أزمة" Our House Is on Fire: Scenes of a Family and a Planet in Crisis (المكوّن من 288 صفحة، منشورات بنغوين، 16.99 يورو) الذي ألفته عائلة غريتا الرائعة، كيف حاربت العائلة مشكلاتها في المنزل من خلال اتخاذ إجراءات عالمية، وكيف قررت غريتا التوقف عن الذهاب إلى المدرسة، واندلاع تمرد عالمي.

فتاة استثنائية
لأم مغنية في الأوبرا ولأب ممثل سينمائي، ولدت غريتا في الثالث من يناير 2003. شخّص الأطباء حالتها الصحية بأنها مريضة بمجموعة من الأمراض المستعصية، مثل متلازمة أسبرغر، واضطراب الوسواس القهري، والطفرة الانتقائية، لتحظى الفتاة باهتمام أكبر من والديها.

في مايو 2018، ربحت هذه الفتاة الاستثنائية، وبمساعدة والديها، مسابقة للكتابة حول موضوع المناخ. وقررت بعدها عدم الذهاب إلى مدرستها في استوكهولم حتى إجراء الانتخابات العامة في سبتمبر من العام نفسه، احتجاجًا على عدم التزام بلادها اتفاقية باريس للمناخ، التي تهدف إلى خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، ما ساعد على ذيوع صيتها وسط شباب دول العالم.

اعتصمت غريتا كل يوم جمعة خلال ساعات الدراسة مدة ثلاثة أشهر أمام أبواب البرلمان السويدي، ودعت زملاءها التلاميذ إلى مناصرتها. تصدر اسمها وسومًا بيئية على "تويتر"، كما تحدثت عنها وسائل إعلام مختلفة حتى أصبحة أيقونة للنضال من أجل كوكب الأرض والمستقبل البيئي.

لغة مباشرة
يصف الربع الأول من الكتاب حوادث عام 2011، عندما غرقت غريتا في الاكتئاب، وفجأةً توقفت عن العزف على البيانو وعن الضحك وعن الكلام، وسرعان ما توقفت عن تناول الطعام.

تركز الفصول اللاحقة في الكتاب على أزمة المناخ وتأثيراتها على السياسة، والحركة النسائية، والاقتصاد، والبيئة، وعلم النفس، وعلم الاجتماع. ويُعد الكتاب عبارة عن تسلسل مقروء للغاية من "المشاهد" المختصرة المكتوبة باللغة المباشرة التي تستخدمها غريتا في خطاباتها.

ناطقة باسم جيل
استحالت هذه المراهقة الشقراء التي تعاني أحد أشكال التوحد، ناطقة باسم جيل يسكنه هاجس الأزمة المناخية منذ الاعتصامات التي بدأتها أمام البرلمان السويدي في أغسطس 2018 مع لافتة عليها عبارة "إضراب عن المدرسة من أجل المناخ".

يشير الكتاب إلى أن غريتا أصبحت رمزًا للمخاوف البيئية لدى الشباب، وألهمت ملايين الأشخاص حول العالم للانخراط في هذه المعركة المناخية، خصوصًا أننا نشاهد الأزمة البيئية مع كل جزء يحترق من أستراليا أو كاليفورنيا، وكل مدينة تغمرها الفيضانات بشكل لم يسبق له مثيل، وكل إعصار يدمّر ويخلف خسائر قياسية، وكل جبل جليد بحجم فلوريدا ينفصل عن القارة القطبية الجنوبية.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "غارديان". الأصل منشور على الرابط (هنا)