أثار كتاب ماري ترمب جدلًا عارمًا حتى قبل طرحه للبيع، إذ ركز على تصوير الرئيس الأميركي في أسوأ أحواله. كما سلط الضوء على ما تسميه اضطراب الرئيس النفسي، الذي تردّه المؤلفة إلى طفولته وتربية أبيه القاسي والمتنمر.

"إيلاف" من بيروت: في اليوم الأول لطرحه، حقق كتاب ماري ترمب، ابنة شقيق الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعنوان "كثير للغاية ولا يكفي أبداً: كيف صنعت عائلتي أخطر رجل في العالم" (Too Much and Never Enough: How my Family created the World’s most Dangerous man)، والمؤلف من 240 صفحة، منشورات سيمون آند شوستر، 20 يورو رقمًا قياسيًا؛ إذ اقترب من مبيع مليون نسخة، ووجهت من خلاله انتقادات لاذعة للرئيس الأميركي وأسرته زاعمةً أنه يهدد مستقبل الولايات المتحدة.

دمر والدي
تصف ماري (55 عامًا)، وهي ابنة فريد ترمب، الشقيق الأكبر للرئيس الأميركي، والذي توفي بنوبة قلبية في عام 1981 عن 42 عامًا نتيجة إدمانه الكحول، كيف أن جدها المتسلط كان يهزأ من والدها، وكيف أن دونالد ترمب الذي يصغره بسبعة أعوام تعلم الكذب كي يُبرز نفسه بعدما شهد الإذلال الذي تعرض له شقيقه.

تعتقد ماري، المختصة في علم النفس السريري، أن الطريقة التي تعاملت بها أسرة ترمب مع والدها، خصوصًا ما صدر من دونالد، ساهم في إدمان فريد جونيور على الكحول وتسبب بموته المبكر، عندما كانت تبلغ من العمر 12 عامًا.

تقول ماري في مقدمة الكتاب: "متبعًا أسلوب جدي ومع صمت أشقائه وشقيقاته، دمر دونالد ترمب والدي. ولا يمكنني أن أدعه يدمّر بلادي".

ظلم جدها
حاول شقيق الرئيس الأصغر روبرت منع نشر الكتاب، مشيرًا إلى أن ماري انتهكت اتفاقًا بعدم الكشف عن أسرار عائلية، إلا أن قاضيًا في نيويورك قرر السماح لدار "سايمون آند شوستر" للنشر بطباعته.

بحسب ماري، لم يكن جدها يكن للآخرين أي احترام ومودة. فهو لم يحب أصحاب البشرة السوداء، ولم يحب النساء، ولا الخاسرين. وعندما بلغ المرض بزوجته حَدًّا بالغًا، كان يحتقر أطفاله بسبب نعومتهم ويوجه لهم الإهانات باستمرار.

تعيد ماري في الكتاب الإضاءة على حياة جدها فريد ترمب، الذي عمل مطورًا عقاريًا وأصبح خبيرًا في الحصول على أموال حكومية لبناء مساكن رخيصة لسكان نيويورك. في الوقت الذي توفي فيه في عام 1999، قُدرت قيمة إمبراطوريته التجارية والعقارية بما يصل إلى مليار دولار.

تصف ماري تأثير جدها الثري بالمدمر؛ إذ غرس أسوأ الصفات في دونالد وهي البلطجة، وعدم الاحترام، وانعدام التعاطف، وانعدام الأمان، والغرور والأنانيّة، في عائلة يلتقي فيها الامتياز والقلق، حيث يكون المال هو القيمة الوحيدة، وحيث الأكاذيب جيدة والاعتذارات ضعيفة.

تضيف: " إضافةً إلى كسب المال، كان إذلال الآخرين من الملذات القليلة التي كان يستمتع بها جدي، فقد عرفته مزعجًا وغاضبًا، قبل أن يصيبه الخرف".

تشير ماري إلى أن والدها سُلب حقه وسعادته لارتكابه خطيئة لا تغتفر بعدم تلبيته مطالب فريد الأب. كان من المفترض أن يستحوذ فريد جونيور على الشركة العائلية، لكنه فضّل أن يصبح طيارًا مدنيًا، وهو طموح سخر منه والده باستمرار. وبرأيها، دمر جدها إبنه الأكبر بالاستهانة بشخصيته وقدراته الطبيعية. وهو أساء إلى فهم ابنه للعالم، وأضر بقدرته على العيش فيه، بالحيلولة دون الإفصاح عن مشاعره الخاصة، ووصم الكثير منها بأنه غير مقبول.

دونالد نرجسي
في اليوم الذي تمّ فيه نقل فريد جونيور إلى المستشفى، كان دونالد مشغولًا فلم يزره. وعن هذه اللحظة كتبت ماري: "بينما كان والدي يموت وحده، ذهب دونالد إلى السينما". تابعت: "لا يزال دونالد موجودًا في الفضاء المظلم بين الخوف من اللامبالاة والخوف من الفشل الذي أدى إلى تدمير شقيقه".

لم يكن دونالد طفلًا لطيفًا، حيث كان في طفولته يخفي ألعاب أخيه الأصغر المفضلة، وكانت والدته تعاني الأمريّن بسبب شقاوته. استخدم ثروته للغش في مقتبل عمره، ودفع لطالب زميل له كي يقدم عنه اختبار "سات" الذي يؤهله للدخول إلى الجامعات الأميركية لأن علاماته لم تكن جيدة.

مع ذلك، أصبح هذا الشاب واثقًا من نفسه بدعمٍ من والده الذي قدم له التمويل لسلسلة كاملة من المشروعات المريبة في كثير من الأحيان، حتى لو منيت بالفشل. وعلى سبيل المثال، اقترض من والده في عام 1979 ما يقارب 6 ملايين دولار للحفاظ على مشروعاته التجارية.

ترمب والنساء
في أوائل تسعينيات القرن الماضي، طلب دونالد من ماري أن تكتب كتابًا عنه من دون أن يُذكر اسمها، وأعطاها ملخصًا للنساء اللاتي توقع مواعدتهن. وكان ينعت من ترفض مواعدته بأنها أسوأ، وأقبح، وأكثر من قابله بدانة.

عندما سافرت إلى مار ألاغو، منتجع ترمب في فلوريدا، بغرض العمل على الكتاب، صُدمت بأنه لمح في بعض تعليقاته إلى جسدها، حينما كانت في التاسعة والعشرين من عمرها؛ إذ تدّعي أنه قال لها حرفيًا: "تبًا يا ماري، لديكِ جسد رشيق". وبعد فترة، طردها واستأجر شخصًا آخر، ولم يدفع لها شيئًا نظير عملها.

صراع على الميراث
تعتقد ماري أن جائحة كوفيد-19 لم تغير من طبيعة الرئيس الأميركي، إلا أنها وضعته في موقف صعب بسبب الضغوط المتزايدة. تضيف: "ما ينشره من تغريدات هو محاولة لإبقائنا مشتتين عن حقيقة أنه لا يعرف شيئًا... إن إحساسه الكامل بنفسه وبالعالم هو موضع تساؤل".

قبل وفاة والده في عام 1999، حاول دونالد أن يتولى أعمال الأسرة من بعده، وعندما فارق والده الحياة وتمت قراءة الوصية، تبيّن أن والده حرم أطفال ابنه الأكبر من الميراث. وبعد عقد من الزمن على التسوية النهائية، عندما علمت ماري أنه يمكن الطعن في قانونية وصية جدها، هاتفتها جدتها لتقول لها: "هل تعرفين ما كان والدك يستحقه عندما مات؟ ما كان يستحق شيئًا".

في نهاية الكتاب، تقول ماري إنها دُعيت إلى حفل زفاف إيفانكا ترمب من جاريد كوشنر. وتروي ما حدث حينذاك: "قبل إرسال بطاقات حفل الزفاف، أخبرنا تشارلز والد جاريد، الذي تم إطلاق سراحه من السجن قبل ثلاث سنوات، أنه ليس سعيدًا بانضمام إيفانكا إلى عائلته. وبالنظر إلى أن تشارلز أُدين بتوظيف عاهرة لإغواء صهره، وتسجيل لقاءهما الحميم، وإرسال التسجيل إلى أخته في حفلة خطوبة ابن أخيه، وجدت أن ما قاله محض سخرية".