في كتابها "النساء اللواتي صنعن السياسة: قصص نساء قويات غيّرن المشهد السياسي"، تحتفل صوفي ريدج بنساء رائدات في السياسة البريطانية، في أثناء توثيق التحيز الجنسي الذي واجهنه في مسراتهن المهنية.

تتناول صوفي ريدج، الصحفية البريطانية في قناة سكاي نيوز، في كتابها "النساء اللواتي صنعن السياسة: قصص نساء قويات غيّرن المشهد السياسي" The Women Who Shaped Politics: Empowering Stories of Women who Have Shifted the Political Landscape (304 صفحات، منشورات كورونيت)، قصص نساء عملن في السياسة البريطانية من القديم إلى اليوم، سواء كن من العائلة الحاكمة أو نساء من منظمة "سافراجيت" التي تشكلت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين للدفاع عن حق المرأة في الاقتراع، أو نساء قمن بحملات حقوقية وإنسانية، أو متمردات في الوقت الراهن.

حقيقة مروعة
استقت ريدج الكثير من معلوماتها من تجربتها في الصحافة المرئية والمكتوبة، وأجرت مقابلات مع العديد من السياسيات السابقات والحاليات اللواتي غيرن وجه السياسة في بريطانيا، بينهن رئيسة الوزراء الاسكتلندية نيكولا ستورجيون، وزعيمة حزب المحافظين الاسكتلندي روث دافيدسون، والسياسية في حزب العمال بيتي بوثرويد، وتيريزا ماي التي تكلمت على مسيرتها لتصبح رئيسة لمجلس الوزراء البريطاني.

تكشف ريدج حقيقة مروعة متعلقة بالتحيز الفئوي الجنساني الذي كان منتشراً في مجلس العموم البريطاني في الماضي واليوم، إلى درجة تصفها بأنها بمثابة صدمة أحياناً، "وأحياناً تكون على شكل حكاية مسلية تكشف عن كيفية عمل النساء في البرلمان البريطاني لمواجهة التحيز الجنساني".

تقول إنها تحاول أن تقدّم نظرة عميقة في القصص التاريخية والمعاصرة، ليس للمهتمين في السياسة فحسب، بل إلى أولئك الذين يريدون أن يعرفوا المزيد عن دور المرأة الحيوي في الديمقراطية، حيث كافحت وناضلت المرأة البريطانية لأجل حقوقها، ولتكون على خط المساواة في الحقوق مع الرجل، وكيف سعين إلى داخل غرف السلطة، وحقيقة أن تكوني امرأة في البرلمان البريطاني.

نقطة تحول
تقول ريدج في مقدمة الكتاب: "نحن في نقطة تحول. وأنا أكتب هذه الكلمات، المملكة المتحدة لديها ثاني رئيسة للوزراء، وألمانيا لديها أول مستشارة، واسكتلندا وإيرلندا الشمالية على حد سواء لديهما وزيرات من النساء، وتتولى النساء حالياً قيادة حزب الخضر، وحزب «بليد سيمرو» في ويلز، وحزب العمال الاسكتلندي، وحزب المحافظين الاسكتلندي، واقتربت هيلاري كلينتون أكثر من أي امرأة من البيت الأبيض. عند أي نقطة تعلن مناصرات النسوية فوزهن؟ فاليوم النساء حققن مساواة سياسية، حيث كن في وقت سابق يجدن الأمر وكأنه سراب بعيد، هذا الهدف بات محققاً وفي متناول اليد. ولا يقتصر تواجد القيادات النسائية على الظهور على المسرح العالمي، بل على تشكيل سياساته".

تضيف: "إننا في لحظة حرجة من تاريخ النساء، وحان الوقت لنتقدم أكثر بدلاً من التراجع. أن تكوني امرأة في البرلمان البريطاني يعني أن تكوني من بين أقلية. سواء من النواب، أو من الخدم المدنيين الكبار، أو خبراء العلاقات العامة، أو الصحفيين السياسيين، تجدون أن عدد الرجال يطغى على النساء. في جو الغرفة الخانق أو حتى على شرفة مفتوحة، لا تزال تشعر كما لو كنت دخيلاً في عالم تظل فيه النساء استثناء".

نضال المرأة
يعدّ هذا الكتاب، بشكل أو بآخر، احتفاء بنضال المرأة البريطانية، خصوصًا في تشكيل المشهد السياسي. كما يسلط الضوء على التحديات التي تواجهها المرأة في حكومة لندن اليوم، خصوصًا مع الخروج من الاتحاد الأوروبي، ويعرّفنا أيضاً إلى الطرائق التي تعمل بها النساء في السياسة على محاربة التمييز الجنساني الذي يواجههن يومياً.

ويمكن تصنيف هذا العمل من بين الكتب المميزة التي تدعم المرأة في كل مكان، من خلال تناول سير العديد من النساء القويات في عالم السياسة، والاطلاع على تاريخ التطور الجنساني ومسألة المساواة بين الرجل والمرأة في العمل والسياسة والحياة بشكل عام في دولة مثل بريطانيا، لكن السؤال الذي يمكن أن يتبادر إلى ذهن أي قارئ ربما هو: هل يمكن أن نتوقع أن تتجه السياسات الدولية إلى اتخاذ مسار مختلف عن المسار الذي كانت فيه السياسة حكراً على الرجال فقط؟ أم أن السياسة سياسة، ولا عواطف فيها، فقط المصالح هي التي تتحكم فيها، ولا يمكن لجنس القيادات أن يؤثر؟

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "الخليج". الأصل منشور هنا.