القاهرة: في أحد الأحياء الشرقية لمدينة القاهرة، يعمل موظفو وزارة التضامن الاجتماعي وسط الكتابات العبرية ونجوم داوود. والسبب بسيط، فمكاتب الوزارة موجودة داخل كنيس يهودي.

قبل ثورة الضباط الأحرار عام 1952، كان حيّ حدائق القبة، حيث يقع هذا الكنيس القديم، من الأحياء الراقية التي تسكنها عائلات ثرية وأجانب على مقربة من قصر الملك فاروق. وحتى قيام دولة إسرائيل عام 1948، كان في مصر حوالي 75 ألف يهودي غير أن عددهم تقلّص حتّى بات ما دون المئة عام 2004..

الصحافي محمد الدهشان والصحافية لينا عطاالله كتبا عن هذا الكنيس يقولان: قصدنا هذاالكنيسمعًا مطلع ديسمبر. كان حوالي ثلاثين موظفًا من وزارة التضامن الاجتماعي يتناولون كعادتهم طبق الفول والطعمية. أخبرونا أنهم يشغلون المكان منذ قرابة 12 سنة لكنهم لا يعرفون تاريخ الكنيس.

فقمنا بطرح الأسئلة على أهالي الحي. وقال الجيران إنهم يتذكرون أن المبنى كان كنيسًا حتى ستينيات القرن الماضي. لكن السلطات وضعت اليد عليه وحوّلته بداية إلى دار حضانة ثم إلى مكتب للحزب الوطني الديمقراطي وأخيرًا إلى وحدة حدائق القبة للشؤون الاجتماعية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي. ولا تزال اليافطات على جدارن الكنيس تشهد على التغيرات التي عرفها المبنى.


على الجدار الخارجي للكنيس، لوحتان تشيران إلى وجود مكاتب إدارة حدائق القبة للشؤون الاجتماعية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي داخل الكنيس. الصورة: مصطفى حسين.

حاولنا الاتصال بالمسؤولين في محافظة القاهرة لكي نستفسر عن الوضع القانوني لمكان العبادة هذا. لكن أحدًا لم يشأ التعليق في ما عدا موظف تحدث بدون الكشف عن اسمه فقال إن السلطات وضعت يدها على المبنى لأنه ما من مستندات ملكية تفيد عن أصحابه.

بعدها، زرنا كارمن ونشتاين، رئيسة مجلس الطائفة اليهودية في مصر، فأخبرتنا أن الكنيس بنته عائلة عادا، وهي من العائلات الثرية التي كانت تعمل في مجال الصيرفة وتجارة القماش في أربعينيات القرن الماضي. غير أن كافة أعضائها هجروا البلاد منذ عقود. ولا بدّ من التذكير بأن الكثير من العائلات اليهودية الميسورة تركت مصر بعد ثورة 1952 والعدوان الثلاثي سنة 1956 [وهو الهجوم الذي شنته كلّ من فرنسا وبريطانيا وإسرائيل بُعيد تأميم قناة السويس].

الغالبية الساحقة من أهالي القاهرة لا يبالون بهذا الموضوع. فمن أصل 29 كنيسًا يهوديًا قائمًا قبل العام 52، فقط 13 منها لا تزال أماكن عبادةquot;.