زين العابدين ولد محمد من نواكشوط: تعاني فتيات الإعلان في موريتانيا من وقوعهن بين فكي التقاليد الاجتماعية والتشدد الديني التي تمنع عمل المراة في الاعلانات. فالشابة الغالية التي تعمل كفتاة إعلان ذات السبعة عشر ربيعا وتعيش مع ذويها في احد أحياء العاصمة الموريتانية تعد أصغر فتاة إعلان في البلاد، وهي صفة ميزت الغالية عن قريناتها في الحي و الثانوية التي تواصل فيها دراستها وسط نواكشوط، وهي أيضاً اكثرهن شهرة على الإطلاق حيث عدد فتيات الإعلان معدودات على رؤوس الأصابع في هذا البلد المحافظ.


تحس في عيني الغالية وأنت تلحظ نظراتها الى صورتها الكبيرة في لوحة اعلان لاحدي شركات الاتصال المنصوبة بالقرب من ثانويتها، بنوع من الاعتزاز والشعور بتحقيق شيء ما في مقتبل العمر، ذالك الشعور الممزوج لدى الفتاة الصغيرة بحيرة نحو نظرة المجتمع الموريتاني الذي يخطوا ببطئ شديد اولي خطواته نحو دخول الحياة المدنية الي مزاولة الفتاة لمهنة الاشهار، تلك النظرة المؤسسة حسب الغالية علي نوع من التشدد حيال كل مايتعلق بصورة المرأة.


حول علاقتها كفتاة غزت صورها الكبيرة شوارع العاصمة الموريتانية منذ اكثر من عام بمحيطها الاجتماعي تعتبر الغالية انها كانت محظوظة لكونها تربت في اسرة عصرية مما جعلها تتجاوز الكثير من الصعوبات التي قد تعاني منها الفتيات الموريتانيات اللواتي يرغبن في العمل في حقل الاشهار تلك الصعوبات المتعلقة اساسا ndash; حسب وجهة نظرها- بالصورة النمطية لدي المجتمع الموريتاني عن ما ينبغي ان تكون عليه المرأة من ستر وابتعاد عن الظهور بالإضافة الي التطور الملحوظ لظاهرة الفتاوي التحريمية لكل مايتعلق بعمل المراة في مجال الاعلام.


تعشق الغالية مجال الإشهار والاعلام السمعي البصري وتقول بانها تنوي العمل فيه بعد اكمال دراستها الثانوية، لكنها تخشي من ان تطال هيمنة من تصفهم بالمتزمتين بفتاويهم المتشددة هذا الميدان حيث تشير في هذا المقام الي فتوي اصدرها احد الائمة المشهورين في نواكشوط قبل اكثر من شهرين بتحريم ظهور الفتيات في لوحات الاعلان واعتبار ذالك من الدعوة الي الفجور والسعي لنشر الرذيلة وهي الفتوي التي تضيف الغالية انها وجدت نفسها بعد صدورها بايام قليلة محل بحث من قبل اشخاص ملتحين جاؤوا الي اعداديتها القديمة بغرض نصحها واهلها بالتوبة واعتزال تصوير الاعلانات وفق ما اخبرها به أساتذة الاعدادية.


خشية الغالية من نجاح اصحاب الفتاوي المتشددة في واد التجربة المبتدئة لدخول المراة الموريتانية مجال الاشهارات المصورة لها مايبررها حيث سبق وان اعلنت احدي زميلاتها في هذ الميدان الصحفية باذاعة موريتانيا فاطمة منت سيدي محمد اعتزالها لعالم الاعلان بعد ظهورها في لوحات اشهارية كبيرة لشركة اتصالات اثر فتوي اصدرها امام مسجد اسامة احد اشهر المساجد في العاصمة الموريتانية اعتبر فيها ان استخدام المراة في الاشهار هو نوع من السعي إلي quot;إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا quot; ودعا فيها القائمين علي هذه الاعلانات الي التوبة الي الله والتراجع عن ما يقومون به من نشر للرذيلة علي حد تعبيره.


فاطمة منت سيد محمد التي سبق وان صرحت لبعض وسائل الاعلام المحلية بانها لم تكن تتصور يكون ظهورها في لوحة اعلان مثار جدل خاصة في أمور الدين، حيث انها حرصت علي الظهور في اللوحة الاعلانية وهي تلبس الملحفة الموريتانية ولا يظهر منها غير وجهها ويديها، اعلنت quot;لايلافquot; عن رفضها التام لاجراء أي مقابلة حول هذا الموضوع معتبرة انها قامت باغلاق هذا الملف نهائيا بعد الضجة التي اثارتها هذه الفتوي وبعد الضغوطات الاجتماعية الكبيرة التي تعرضت لها منذ اليوم الاول لاطلالتها كوجه اعلاني لاحدي شركات الاتصال النشطة في موريتانيا.


بين اصرار الغالية علي متابعة مشوارها في مجال الاعلانات المصورة، واعلان فاطمة عن اعتزالها لهذا المجال يبقي عالم الاشهار التجاري في موريتانيا الذي يعيش في الاصل وضعية صعبة نتيجة قلة المستثمرين فيه، يعاني من نقص شديد في العنصر النسوي، نتيجة يرجعها المراقبون لعدة عوامل اهمها النظرة الاجتماعية المجحفة بالمرأة في هذا البلد الذي يعاني من نسبة امية هي الاعلي عربيا، اضافة الي الصعود الكبير والمتنامي لظاهرة التشدد الديني في الوسط الموريتاني خلال السنوات الاخيرة.