لعل الصحافة الورقية تراهن على حاسوب ابل اللوحي آيباد لانقاذها ولكن وضع الكلمة المطبوعة على الانترنت قد لا يكفي والمطلوب موقف خلاق ونظرة جديدة لنقل المعلومات، وفي هذا الإطار نشرت شبيغل اونلاين تقريراً حول الموضوع.

نقلت مجلةشبيغل أونلاين عن جينفر بروك مديرة صحيفة نيويورك تايمز خلال ازاحة الستار عن آيباد ان الحاسوب اللوحي الجديد يعبر عن quot;جوهر قراءة الجريدةquot;.
ربما لم تكن بروك تقصد الإيحاء بأن الجهاز سيتيح قراءة الجريدة الورقية بالطريقة القديمة. ولكن ملاحظتها ملاحظة كاشفة وذات مغزى. فان اصحاب أشهر صحيفة في الولايات المتحدة لا يعملون على صنع شيء جديد بل يريدون ايصال منتوجهم القديم الى الزبون باستخدام طرق نقل جديدة.

ولكن هذا تفكير ضيق للغاية، كما اتضح خلال حفل الاعلان عن آيباد. فان رابطة البيسبول الاميركية قالت بلا لبس انها باستخدام آيباد تريد ان تحول مباريات البيسبول الى خبرة جديدة يعيشها جمهور اللعبة. وسيكون بمقدور المتفرج ان يتنقل بين مباريات متعددة تُبث بالصوت والصورة. ويستطيع ان يستحضر بيانات احصائية عن لاعبين منفردين ويقارن تاريخ المهاجمين والمدافعين الذين سيواجهون بعضهم بعضا في المباراة. كما يستطيع ان يتصفح كماً كبيرا من المعلومات ذات العلاقة بالمباراة التي يتابعها.

ثمة في هذه الأفكار التي طرحتها رابطة البيسبول الاميركية ناحيتان على الشركات الاعلامية التقليدية ان تأخذهما في الاعتبار عندما تصبح اجهزة جوالة مثل آيباد رائجة على غرار العديد من الأجهزة التي نستعملها الآن.
اولا ان آيباد لا يميز بوضوح بين النص وما يعرضه الفيديو. فهما يصبان في احدهما الآخر ويندمجان في صورة تفاعلية لايجاد طريقة جديدة في توفير المعلومات. وثانيا ان تطبيقات آيباد لن توزع بواسطة شركات اعلامية تقليدية بل ستتولى توزيعها رابطة البيسبول الاميركية نفسها.

لا يهم ان يتفوق آيباد على الهواتف الذكية في نهاية المطاف أو العكس. ما هو واضح ان الكثير من الأشخاص سوف يستخدمون هذه الأجهزة في غضون سنوات قليلة. وان الصحف والمجلات ليست وحدها التي ستتنافس على استدراج انتباههم ونقودهم بل ان محاطات التلفزيون وشركات الانترنت وشركات جديدة تماما في تقديم مثل هذه الخدمات ستدخل على الخط مثلما تفعل رابطة البيسبول الاميركية.

ومع تنوع الأجهزة ستحتدم المنافسة. والذين يعقدون الآمال على التطبيقات الجديدة لتحقيق ارباح كبيرة عليهم ان يمعنوا التفكير في ما يريدون بيعه في الواقع وكيف يستخدمون الأجهزة الجديدة لتسويق بضاعتهم وما يُنتظر من الزبون ان يدفعه لقاء المعروض عليه.

يذهب التفكير السائد حاليا في قطاع الاعلام الى انه سيكون من الممكن تقاضي ثمن عن المحتوى الرقمي ما ان تُطرح اجهزة جديدة أحسن أداء. فالمستخدمون حتى الآن لم يُبدوا استعدادا للدفع مقابل المحتوى الذي يكون في متناولهم على الانترنت. وتأمل الصحف والمجلات في ان ينجح آيباد ابل في احداث هذه الثورة. وفي حين ان هذا ليس مؤكدا بأي حال فان الفكرة ليست خيالية تماما على ان تتمكن صناعة الاعلام من تقديم شيء جديد لهذه الأجهزة الجديدة.

التعبير عن quot;جوهر قراءة الجريدةquot; ليس هو الحل. وإذا تطورت التكنولوجيا الجديدة على النحو الذي تطمح إليه شركات مثل ابل فان اجهزة وبرامج آيباد ونيتبوك وكندل لن تقتصر على ممارسة القراءة وحدها بل ستكون أجهزة تشتمل على المشاهدة والنقر والكثير غير ذلك. وحين يتعلق الأمر بالصحافة سيكون ذلك ايذانا بحدوث انقلاب في طريقة ايصال الخبر.

الأخبار حاليا مادة يقرؤها غالبية الناس خلال النهار على الحاسوب، في البيت أو في المكتب. ويتطلع هؤلاء الى تمكنهم من القاء نظرة شاملة سريعة على أهم الأخبار في شكل حسن الترتيب والتنظيم.

تتسم الأجهزة الجديدة بوضوح الصورة وهي خفيفة ورخيصة بما فيه الكفاية لأخذها في القطار أو الى الحديقة أو النظر اليها في السرير أو على الكنبة، على العشب أو على الشاطئ. وهناك الآن امكانية لاعتماد طرق مختلفة في تقديم المعلومات والموضوعات المتنوعة لتكتسب شعبية. يكفي ان يشاهد المرء اشرطة الفيديو على الانترنت كي يرى كيف يمكن لبيئة المستخدم ان تؤثر في الطلب. فهذه التسجيلات المصورة تُشاهَد مساء في البيت عادة بدلا من المكتب، مثلها مثل محتويات أخرى على الانترنت.

لا يعني هذا ان الناس يريدون ان يشاهدوا التلفزيون على الانترنت. فان مستخدمي المحتويات الرقمية لا يريدون النقر باستمرار على الحاسوب لكنهم يريدون فرصة القيام بذلك متى يحلو لهم النقر. والجلوس بهدوء 15 دقيقة لمتابعة نشرات الأخبار المسائية ليس ما يريدوه مستخدمو آيباد بل ان تطبيقات كتلك التي تتحدث عنها رابطة البيسبول الاميركية أكثر جاذبية بكثير بطريقتها في الجمع بين النص والصورة في اطار تفاعلي جديد.
لا يعني هذا ان على شركات الاعلام ان تحاكي هذه الطريقة تحديدا في عرض المحتوى بل ما يُراد به القول بأن ما هو مطلوب الآن اتخاذ موقف خلاق.

يتمثل جوهر الجريدة بالممارسة الصحفية المتقَنة. وكيف يمكن تجسيد هذه الممارسة على أجهزة مثل آيباد هو السؤال الملح، وربما لا يقل أهمية عن كيفية تحقيق ايرادات مالية من المحتوى المعروض على الانترنت.