حذرت دراسة صادرة عن معهد أبحاث السرطان في برلين من أخطار تدخين الشيشة في المانيا، حيث باتت ظاهرة أوروبية لا تنتشر في المقاهي الشرقية فقط بل دخلت البيوت، ويقبل على تدخينها حتى المراهقين بشكل غريب.

ميونيخ:صدرت دراسة ألمانية بخصوص تدخين الشيشة أو النرجيلة عن معهد ابحاث السرطان في ألمانيا quot;Deutschen Krebsforschungszentrum quot;تحذر من أخطار تدخين الشيشة في المانيا، على الرغم من أنها ليست صناعة ألمانية ولا اوروبية فهي ظاهرة شرق اوسطية، موجودة بكثافة في مقاهي الدول العربية، ودول جنوب المتوسط، ولا يعرف عنها الكثير في الغرب. فلماذا هذا التحذير؟ هل وصلت الشيشة الى مقاهي المانيا؟ وما هي علاقة المانيا بالشيشة تحديدًا حتي يصدر مثل هذا التحذير ؟ وما هي فعلاً الاثار المحدقة بالانسان من تدخين الشيشة؟

أحد أهم الاسباب التي ادت الي صدور هذه الدراسة هو ما حذرت منه دراسات المانية سابقة تهتم بالبحث في سلوك الشباب الالماني من التزايد المتنامي من قبل الشباب صغير السن من الجنسين علي ظاهرة تدخين الشيشة في المقاهي في المانيا خاصة العربية، حتى ان بعضهم اصبح يشير اليها على انها اصبحت موضة العصر، إلان بين الشباب في المانيا، ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة في بعض المقاهي الالمانية وتقريبًا جميع المقاهي العربية او التركية، فشارع quot; شفانتلر شتراسةquot; في مدينة ميونيخ به نسبة كبيرة من هذه المقاهي زادت في الفترة الاخيرة بعد هجرة العديد من العراقيين الى المانيا وقيامهم بفتح المقاهي والمطاعم..

وراحت نسبة كبيرة من الشباب الالماني ترتاد هذه المقاهي لتدخين الشيشة وهو الامر الذي ليس له تفسيرًا غير انه احد انواع تمرد الشباب الاوربي علي المألوف والمعتاد بالضبط كموضة ارتداء الكوفية الفلسطينية او وضع صور الثائر جيفارا على الحقائب والقمصان.غير ان بعضهم يراها طريقًا للتعارف بين الشباب خاصة من الجانب الالماني الذي يجذبه سحر الشرق، ولكن سجل الدارسون ايضًا لهذه الظاهرة.. ان نسبة من الشباب الاجانب الذين يعيشون في المانيا يقبلون ايضًا على هذه الظاهرة.

وقد اشارت الى ذلك وبكل دقة الدراسة التي ذكرت ان نسبة الذين يعرفون الشيشة بين الشباب بين سن 12 الى 17 في المانيا تفوق ال 85% وان 38% قد قاموا بتجربتها بالفعل، وهذا ما حدا بالعلماء الالمان الى ابداء القلق بشأن هذه الظاهرة.

خطر تدخين الشيشة

تؤكد الدراسة علي ان خطر تدخين الشيشة لايقل بحال عن خطر تدخين السجائر بل قد يتفوق عليها لأسباب عدة اهمها أن الشيشة يتم تدخينها لفترة أطول، فالشخص يحتاج إلى خمسة دقائق لتدخين سيجارة، بينما قد يستمر لمدة ساعة في تدخين الشيشة، لذلك يكون الضرر أكبر لأن الدخان يبقى لوقت أكثر ويتم امتصاصه بشكل أعمق في الرئة خاصة وانه يصل اليها باردًا اضافة الى ان الماء لا يقوم بترشيح المواد الضارة من التبغ على عكس ما يتصوره عامة الناس، وبالتالي يتم امتصاص نسبة من هذه المواد السامة تصل إلى 80% أحيانًا... وتعتبر مادة القار الناتجة عن التدخين هي المسؤول الأول عن البقعة السوداء التي تتكون في الرئة، وهي المسببة لرفع خطر الإصابة بسرطان الرئة ثلاثين مرة، وهو الامر الذي يؤدي الي الوفاة.

ولا يتوقف الامر على السرطان وأمراض القلب فقط،، لكن المشاركة في تدخين الشيشة يمكن أن تسبب انتقال أمراض أخرى مثل امراض الحساسية والالتهاب الكبدي الوبائي والسل والأمراض الفطرية، وهي الامراض المنتشرة بشكل كبير في هذه الدول.

في تقرير آخر، صدر من برلين عن اخطار النيكوتين حيث أكد المعهد الاتحادي للمخاطر التي تواجه الانسان das Bundesinstitut Risikobewertung (BfR) على ان النيكوتين الموجود في الدم في حال تدخين الشيشة اكثر بكثير من الموجود بعد تدخين السجائر، مما يهدد الانسان بالادمان كإدمان السجائر والكحول وغيره من انواع الادمان.

أنواع التبغ

يتنوع تبغ الشيشة ويتعدد ويتم خلطه بمواد عديدة مثل التبغ المخلوط بالغلسرين وعسل الفواكه مثل: التفاح، الخوخ، الكنتالوب، المانجو، الورد... إلخ، كذلك هناك تبغ خاص مخلوط بالفواكه العطنة مع بعض الزيوت، وهناك تبغ التمباك، الذي يتم إعداده عن طريق قص أوراق التمباك ووضعها فوق حجر الشيشة ولفها بورقة تمباك سليمة منداه بالماء.. وهو يتنوع إلي مذاقين.. الهادئ منه حين يوضع في حجر الشيشة يطلق عليه quot;شيشة عجميquot;.. والحامي منه يطلق عليه quot;شيشة حميquot;.

غير ان كل هذه الانواع من التبغ تحتوي على مواد ضارة تسبب كلها السرطان واهم هذه المواد على الاطلاق هو النيكوتين. فغير تسببه في الادمان فهو يسبب ايضا اثارة الجهاز العصبي كما ان النشادر الموجود في التبغ يعمل على جعل النيكوتين اكثر قدرة علي الذوبان في الدم وبالتالي يساعد في عملية ادمانه كذلك فإن معالجة التبغ بالسكر لاضاعة الطعم المر للتبغ وجعل التدخين اكثر امتاعًا من شأنه ايضًا انتاج مادة مسببة للسرطان ومضرة بالغشاء المخاطي نظرًا لعملية حرق السكر.

تؤكد الدراسة ايضًا ان دخان الشيشة يحتوي علي نسبة من القار واكسيد الكربون الاحادي الناتج عن حرق الفحم والذي يسبب اضرار بالغة اضافة الي امتصاص الجسم مواد مثل الزرنيخ والنيكل والكروم بكثافة عالية وهي مواد تدمر وظائف الرئة ويسهل بعد ذلك اصابتها بالسرطان ويؤكد العلماء ان هناك 70 مادة كيماوية تنتج عن تدخين الشيشة وهي ليست مسببة فقط لسرطان الرئة انما أيضًا لسرطان الفم وتجويف الفم، بالإضافة إلى البثور والأورام المختلفة التي تسببها في الشفاه.

تاريخ الشيشسة

لايعرف احدًا تاريخًا محددًا لبداية الشيشة فقد عرفتها دول الشرق، ولا سيما دول حوض البحر الابيض المتوسط منذ مئات السنين واندثرت لفترة واقتصر تدخينها في الأماكن العامة على الطبقات الشعبية، لكنها عادت لتفرض نفسها في البلاد العربية بين كل الفئات والأعمار، وانتشرت بشكل كبير حتى بين النساء. كما أنها وصلت أيضًا إلى الدول الأوروبية والأميركية، فأصبح المقهى الشرقي مرتبطًا بالقهوة العربية والشاي والشيشة، وكثيرا ما أثار دخانها المفعم بالروائح المختلفة والمختلطة بنكهات الفواكه والنعناع مع الجو المصاحب لها من اغانٍ وموسيقى عربية فضول اهل الغرب خاصة هنا في المانيا..حيث يقضون اوقاتًا ممتعة بصحبة الشيشة ومشروب الشاي بالنعناع الاخضر.

ومن الامور التي ساعدت ايضًا في نشرها وتعرف الغرب إليها انها كانت حاضرة بقوة في السينما المصرية، وابرزها المخرجون باشكال متنوعة سواء في المقاهي او البيوت الخاصة كما ان الغرب تعرف إليها ايضًا في كتابات نجيب محفوظ التي ترجمت الي لغات عدة بعد حصوله على جائزة نوبل. فالمقهىمثّل دورًا كبيرًا في روياته خاصة مقهى الفيشاوي وكان يؤكد ان خياله يصبح نشيطا جدًّا اثناء تدخين الشيشة.

اسماء مختلفة

الشيشة اتخذت عبر الازمان اسماء عدة كما جاء في دراسة منير الفيشاوي مثل الجوزة، البوري او النرجيلة وهي كلمة مستقاة من كلمة quot;النار جيلquot; وهو الاسم الذي يطلق علي ثمار جوز الهند.. وترجمتها الحرفية هي quot;الجوزةquot;، أما الشيشة فهي اسم مرادف بمنطقة المشرق العربي وبلاد فارس لـquot;البرطمان الزجاجيquot;.. وهذه التعريفات علي ترتيبها المذكور، توضح ان آلة التدخين بالمقاهي قد بدأت بثمرة جوز الهند المفرغة والمرتبط بها عودان من الغاب طرفاهما السفليان داخل الجوزة، ومغمور أحدهما بالماء، الطويل منها لسحب الدخان، والآخر المغمور يوضع علي طرفه حجر به الدخان وفوقه الجمر..

وتسمى هذه بالجوزة، والتي ما لبثت ان تطورت باستبدال ثمرة جوز الهند المفرغة ببرطمان زجاجي مع ثبات باقي مكونات الجوزة بالوصف نفسهوالتركيب وسميت quot;شيشةquot;.. والتي أيضًا تطورت مع تطور حرفة صناعية وتشكيل الزجاج وزخرفته.. حيث تم استبدال البرطمان.. بفارغة زجاجية اسطوانية عريضة في قاعدتها.. وضيقة في قمتها، يثبت فيها القلب النحاسي، يتفرع عنه مكان وضع الحجر فوق قمة القلب، ومن أوسطه مخرج يرتبط بما يشبه الأنبوب اللين أو الخرطوم المصنوع من الجلد.. ويسمي quot;ليّْquot;.. والذي ينتهي عند مقدمته بمبسم أو فُمّْ مصنوع من الكهرمان أو البلاستيك.. وهو شكل النرجيلة أو quot;الشيشةquot; كما يفضل المصريون تسميتها.

وعلى الرغم من ان المركز الألماني الاتحادي للبحوث الصحية يؤكد حقيقة ان 380 فردًا يموتون يوميًا في ألمانيا بسبب آثار التدخين وهو عدد قد يفوق إجمالي عدد من يموتون بسبب الإيدز وإدمان المخدرات والكحول والمنتحرين مجتمعين. لكن الظاهرة موجودة في المجتمع وان كان بعضهم قد فهم خطأ اخطار الشيشة واعتقد انها اقل ضررًا من السجائر.

الكثير من المتاجر العربية والايرانية والتركية تبيع الشيشة وتتراوح اسعرها مابين العشرين الى الستين يورو وانواع التبغ تتراوح مابين ثلاثة الى خمسة يورو.