باريس: تسعى باريس إلى لجم ارتفاع الحرارة من خلال توسيع الغطاء النباتي، متعهّدة إرساء "غابات حضرية"، في سياق مشروع طموح يثير بعض التساؤلات. وتهدف هذه الاستراتيجية التي تروّج لها رئيسة البلدية آن إيدالغو إلى إنشاء متنزّهات وحدائق ومزارع وإزالة القطران والاستعاضة عنه بالنبات لجبه الاحترار.

وهي تنصّ خصوصا على إنشاء 30 هكتارا من المساحات الخضراء الإضافية وزرع 20 ألف شجرة بين 2014 و2020، فضلا عن أربع "غابات حضرية" قد يبدأ تشكيلها "اعتبارا من 2020"، بحسب ما قال جان-لوي ميسيكا معاون رئيسة البلدية المكلّف بشؤون التنمية الحضرية.

وكشفت دراسة صادرة عن جامعة زوريخ شملت 250 مدينة كبيرة في العالم ونشرت نتائجها في مجلة "بلوس وان" أنه من المتوقع أن تشهد مدن المناطق المعتدلة المناخ تغيّرا في أوضاعها المناخية بحلول العام 2050 كما لو أنها انتقلت ألف كيلومتر جنوبا.&

وستزداد فصول الصيف والشتاء دفئا بمعدّل 3,5 درجات مئوية و4,7 درجات على التوالي.

65 درجة مئوية

وفي صيف العام 2018، بلغت حرارة الأرض في شارع لوفر في وسط باريس 65 درجة مئوية، بحسب ما أفادت البلدية. وتسعى السلطات إلى التصدّي لتشكّل ما يعرف بـ"جزر الاحترار الحضرية" حيث ترتفع الحرارة بشكل خاص بسبب نوعية الأرض.

وهذه المواقع "تضخّم" آثار الحرّ، بحسب فانسان فيغييه من المركز الدولي للأبحاث حول البيئة والتنمية.

وتسعى البلدية إلى إقامة "ملاجئ فعلية للاتقاء من الحرّ"، مع أشجار خلف أوبرا غارنييه وفي الجزء الشمالي من محطة ليون (شرق العاصمة)، فضلا عن نبات عند أحد المسلكين على ضفاف السين. أما "الغابة الحضرية" في الباحة الأمامية لمقرّ البلدية في قلب باريس، فهي ستقام محلّ مواقع أرضية لم تعد مستخدمة لتكون جذور الأشجار راسخة في الأرض، بحسب ما قالت بينيلوب كوميتيس معاونة رئيسة البلدية موضحة "هذه ليست أشجار تُجلب في أحواض كما قال البعض".

مبادرة حميدة ولكن

لم تكشف البلدية حتّى الساعة عن أي جدول زمني محدّد أو ميزانية دقيقة لهذه المشاريع. وبالنسبة إلى النائب الوسطي بيار-إيف بورنازل المرشّح لرئاسة بلدية باريس في انتخابات 2020، إن فكرة الغابات الحضرية "غير موجودة أصلا وهي مجرّد وعود فارغة".&

وأوضح الباحث فانسان فيغييه "على حدّ علمي، ما من تعريف علمي لمفهوم الغابة الحضرية".&لكنه أشاد بالآثار الإيجابية للنبات على الحرارة، فالنبتات توفّر الظلّ وتخفّف من حرارة الهواء المحيط بها عند ريّها، مع تبخّر المياه منها.

أما إزالة القطران والاستعاضة عنه بمواد أخرى، قد تكون من النبات مثلا، فهي أيضا وسيلة تسمح بالحدّ من الحرارة. فالنبات الأخضر لا يمتصّ الحرارة بقدر ما يمتصّها الزفت الأسود.

وقد انتشرت هذه الفكرة في العاصمة الفرنسية إثر موجة الحرّ التي ضربتها سنة 2003، بحسب ما أوضح الباحث. وليست باريس المدينة الوحيدة التي تعوّل على النبات للاتقاء من الحرّ. فنيويورك زرعت أكثر من مليون شجرة سنة 2016. وأعلنت بلدية بوردو عن نيّتها غرس 20 ألف شجرة بحلول 2025.

غير أن مشاريع زيادة المساحات الخضراء في باريس لا تلقى استحسان الجميع، إذ يندّد بعض السكان بكلفة هذه الخطط التي يزداد عددها (+1300 بين أبريل ويوليو 2019، بحسب البلدية)، فضلا عن تضييق الأماكن المخصصة للحركة المرورية.