كشفت دراسة أن نظارات غوغل الذكية "Google Glass"، يمكن أن تساعد الأطفال المصابين بالتوحد على فهم تعبيرات الوجه والإشارات الاجتماعية.

إيلاف: غالبًا ما يجد الأطفال الذين يعانون من اضطراب النمو، صعوبة في الاتصال بالعين، وتفسير المشاعر الأساسية، ما قد يصعب عليهم التواصل الاجتماعي.

لكن الباحثين قالوا إن ارتداء ما تسمى "النظارات الذكية"، والتي تحتوي على شاشة ومكبر صوت، ساعد الأطفال على فهم المشاعر على وجوه الناس، وتحديدها بشكل أفضل، وفي بعض الحالات، تقليل أعراض مرض التوحد لديهم بشكل طفيف.

عندما جلس إيساي بريكيت في صالة البيت مع والدته، ووالده، وإخوانه الأربعة، كان الوحيد الذي يرتدي نظارة غوغل. وخلال تحديق إيساي، الذي كان يبلغ 10 سنوات من العمر في ذلك الوقت، عبر النظارات الرقمية، كان أفراد عائلته يرسمون على وجوههم ملامح مختلفة كالفرح والحزن والمفاجأة والغضب والملل، فحاول أنّ يحدّد كلّ شعور منها. وفي إحدى المرّات، أبلغته النظارة ما إذا كان تعريفه صحيحًا أم خاطئًا عبر عرض رموز رقمية صغيرة، وحده يستطيع رؤيتها.&

كان إيساي في عامه السادس عندما عرفت عائلته أنّه يعاني من التوحّد. ويهدف تصميم التقنية التي استخدمها الصبي في صالة البيت إلى مساعدته على تعلّم كيفية التعرّف إعلى العواطف والتواصل بصريًّا مع من حوله. لكن النظارة لن تتحقّق من صحّة خياراته ما لم ينظر مباشرة إلى وجه الشخص الموجود.

يقول فريق البحث من جامعة ستانفورد في كاليفورنيا، إن النتائج التي توصل إليها تظهر أن العلاج عبر نظارات غوغل الذكية أقل تكلفة وأسهل في الوصول، ما قد يساعد على تحسين قوائم الانتظار للمعالجين السلوكيين.

ينطوي التدخل، الذي أطلق عليه باحثو جامعة ستانفورد، اسم "Superpower Glass"، على أطفال مصابين بالتوحد يرتدون "Google Glass" مرات عدة في الأسبوع. ويتم ربط النظارات بهاتف ذكي، حيث إنها تتميز بكاميرا تسجل وجهة نظر المستخدم.

اختبر إيساي وعائلته هذه التقنية في تجربة عيادية استمرّت أسابيع عدة تحت إشراف باحثين من جامعة ستانفورد في منطقة «باي إيريا» ومحيطها في سان فرنسيسكو. تأتي هذه الدراسة التي نُشرت أخيرًا في دورية «بدياتريكس» الصادرة من الجمعية الطبية الأميركية، في إطار جهود متنامية لتطوير تقنيات تستهدف الأطفال الذين يعانون من التوحّد، تشمل الروبوتات التفاعلية والنظارات الرقمية.

تحتوي نظارات غوغل الذكية على شاشة صغيرة أعلى العين اليمنى ومكبر صوت، ما يوفر للمستخدمين المعلومات المرئية والصوتية. خلال هذه الدراسة، نظر الباحثون في 71 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 6 و12 عامًا، ممن تم تشخيص إصابتهم باضطراب طيف التوحد.

وقام الباحثون ببرمجة تطبيق مع نظارات "Google Glass" لتعليم المشاركين تعبيرات الوجه باستخدام إشارات في الوقت الفعلي. واستخدم 40 طفلًا من المشتركين الجهاز لمدة 20 دقيقة أربع مرات في الأسبوع على مدى 6 أسابيع. وبعد تلك الفترة من الدراسة، لاحظ الباحثون تحسينات في نتائج "SRS-II"، وهو استبيان أكمله أولياء الأمور حول المهارات الاجتماعية لأطفالهم المصابين بالتوحد، ما يعني تحسنًا في أعراض المرض.

قال المعد المشارك في الدراسة، الدكتور دينيس وول، الأستاذ المشارك في طب الأطفال والطب النفسي في جامعة ستانفورد، إن النتائج توفر أملًا بأن النظرات الذكية يمكن أن تكون علاجًا قياسيًا في رعاية مرض التوحد. أضاف: "تؤكد الدراسة بقوة على فعالية العلاج الرقمي لعلاج مرض التوحد".

وبرأي الخبراء فإن تقنيات جديدة أخرى قد تساعد بطرق مشابهة أيضًا، إذ قد يساعد التواصل مع مساعدين رقميين مثل أليكسا من أمازون مثلًا، الأطفال الذين يخطئون في استخدام أسمائهم الأولى. لكن حتى مع انتشار هذه الأفكار، يشدّد الباحثون على أهميّة إخضاعها لاختبارات دقيقة لفهم تأثيراتها بشكل كامل قبل استخدامها.&

بدأ كاتالين فوس بتطوير برنامج لنظارة غوغل عام 2013 بعد وقت قصير من كشف غوغل النقاب عن نظارتها الرقمية وسط ضجّة كبيرة في وسائل الإعلام المحليّة. في ذلك الوقت، بدأ فوس (18 عامًا) الذي كان طالبًا في السنة الأولى في جامعة ستانفورد، بتطوير تطبيق قادر على التعرّف إلى الصور بشكل أوتوماتيكي. عندها، فكّر الطالب في أحد أقربائه الذي يعاني من التوحّد.&

مع تقدّمه في السنّ، كبر قريب فوس ذاك، وهو يتمرّن على التعرّف إلى تعابير وجهه من خلال النظر إلى مرآة الحمّام. من جهته، رأى فوس أنّ نظارة غوغل قد تحسّن هذا التمرين الشائع، لأنّ برنامجه الذي يعتمد على آخر التطوّرات في عالم الرؤية الكومبيوترية، يستطيع أن يقرأ تعابير الوجه أوتوماتيكيًا، وأن يرصد عن كثب تعرّف أو عدم تعرّف أحدهم إلى المشاعر التي يراها. قال فوس: «كنت أحاول بناء برنامج يستطيع التعرّف إلى الوجوه، وكنت أعلم أن بعض الناس يعانون من صعوبة في هذا الأمر».

في ذلك الوقت، كانت الفترة القصيرة التي احتلّت فيها نظارة غوغل Google Glass الأضواء قد اقتربت من نهايتها، فتوقّفت الشركة عن بيع الأداة للمستهلكين وسط مخاوف من اختراق الكاميرا التي تضمّها النظارة لخصوصية المستخدمين.

قال جيفري بريكيت والد إيساي، إنّه شارك في هذه الدراسة لأنّه عرف أنّها ستروق ابنه الذي يستمتع باستخدام تطبيقات الآيباد ومشاهدة الأفلام. أضاف «أنه يتفاعل جيّدًا مع الناس، ولكنّه يتفاعل بشكل أفضل مع التكنولوجيا». لم يتمكّن بريكيت من تحديد ما إذا كانت نظارة غوغل قد ساعدت ابنه فعلًا على التعرّف إلى المشاعر، لكنّه لاحظ تحسّنًا كبيرًا في قدرة إيساي على اكتساب مهارة التواصل البصري. وقالت هيذر كروهورست، التي تعيش في منطقة قريبة من سكرامنتو، كاليفورنيا، إنّها لاحظت نتيجة مشابهة على ابنها توماس (8 سنوات) الذي شارك أيضًا في التجربة. لكنّ الأخير لم ينجذب كليًّا إلى العلاج الرقمي، واصفًا إيّاه بـ«المملّ نوعًا ما».
&