بسبب مخاوف بيئية وأخلاقية وصحية، يزداد الطلب على بدائل اللحوم التي تحاكي طعم اللحم وملمسه ومظهره ورائحته. باستخدام التكنولوجيا الحديثة في الوصول لطعام شهي وصحي ومفيد للبيئة.

"إيلاف" من بيروت: تُعرف بدائل اللحوم بأنها المواد الغذائية المصنوعة من مواد غير اللحوم، وأحيانًا من دون وجود أي منتوجات حيوانية فيها كمنتوجات الألبان. يوفر السوق بدائل لحوم تتضمن مواد خضرية ونباتية، وهي ملائمة لغير النباتيين الذين يسعون إلى الحد من استهلاك اللحون لأسباب صحية أو أخلاقية.

تتوقع يورومونيتور أن تتضاعف سوق بدائل اللحوم في كل من أوروبا وأميركا بحلول عام 2022. ويقدر المحللون في بنك باركليز أن المبيعات العالمية للحوم البديلة يمكن أن تنمو من 1 إلى 10 في المئة من إجمالي سوق اللحوم خلال العقد المقبل.

نمو الطلب

إن الطلب على اللحوم المستخلصة من النبات يسببه مخاوف بيئية وأخلاقية وصحية. على الصعيد العالمي، يزداد الطلب على لحوم الحيوانات مع تزايد ثراء الناس في البلدان النامية. أما في البلدان الغنية، يقول عدد متزايد من الناس أنهم يرغبون في تناول عدد أقل من الحيوانات.

أظهر استطلاع أجرته شركة مينتل في فبراير الماضي أن ما يقرب من خمسي الأميركيين الذين وصفوا أنفسهم بأنهم آكلين للحوم عبروا عن رغبتهم بإضافة المزيد من الأطعمة النباتية إلى نظامهم الغذائي. كما أخبر حوالى ثلث الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا في بريطانيا، الشركة نفسها، في سبتمبر 2018، بأنهم يريدون خفض كمية اللحوم التي يتناولونها.

نتيجة ذلك، نما الطلب على بدائل اللحوم بنسبة 37 في المئة في أميركا في العامين الماضيين، وبنسبة 30 في المئة في أوروبا الغربية. دخلت شركة "بيوند ميت" لبدائل اللحم النباتية الممولة من قبل عدة رجال أعمال بما فيهم بيل غايتس إلى السوق بقوة، وارتفعت قيمتها إلى أكثر من خمسة أضعاف، لتصل إلى حدود 8.4 مليار دولار.

محاكاة النكهة

يتعاون خبراء التقنية والطبخ لإنتاج بدائل واقعية للّحم، ولاقت المنتوجات الأولية اهتمام المستهلكين، فمحاكاة طعم اللحم وملمسه ومظهره ورائحته ليس أمرًا يسرًا، ونجاح هذه المحاكاة في المنتوجات الأولية سيشجع المزيد من الشركات على الاستثمار في هذه المنتجات؛ إذ تستثمر العديد من الشركات في مجال اللحوم الصناعية، على أمل تحقيق عوائد مالية كبيرة على المدى البعيد.

تتباهى الشركات المنتجة لذلك المنتج، بأنه لا يمكن أحد التفريق بين اللحوم الحيوانية والنباتية، مؤكدين تمكنهم من استخدام التكنولوجيا الحديثة في الوصول لطعام شهي وصحي ومفيد للبيئة.

شريحة اللحم الصناعية عبارة عن عضلة من حيوان، وتضم حزمًا طويلة من البروتين، وبداخلها دهون وماء ومواد كيميائية أخرى، والتي تمتص داخل الحيوان لنستطيع تذوق تلك النكهة المعقدة عند تناولها، ولكل نوع من اللحمة نكهته المميزة.

تجادل معظم شركات اللحوم البديلة بأن منتوجاتها صحية أكثر من لحوم الحيوانات. يميل البرغر النباتي إلى توفير نفس عدد السعرات الحرارية التي توفرها شريحة لحم البقر مماثلة الحجم. ولا تحتوي اللحوم النباتية على الكوليسترول ويوجد فيها كميات أقل من الدهون وكميات أكبر من الألياف والفيتامينات.

ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تقلل بدائل اللحوم من زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون، المرتبط بتناول الكثير من اللحوم الحمراء المصنعة. ومع ذلك، فإنها تميل أيضًا إلى احتواء المزيد من الملح ونسبة أقل من البروتين.

مشكلة السعر

لا يزال سعر بدائل اللحوم يمثل مشكلة للمستهلكين. فوفقًا للمحللين في شركة برنستاين للبحوث، البرغر النباتي المعروف بـ "بيوند برغر" يتم بيعه بنحو 11.50 دولارًا لكل رطل في محلات البقالة، مقارنةً بـ 7 إلى 9 دولارات لفطائر اللحم الفاخرة.

يقول بروس فريدريش، المدير التنفيذي لمعهد "جود فود إنستيتيوت"، الذي يشجع الاتجاه نحو بدائل اللحوم، أن الحلول المستخدمة الآن لمساعدة الخلايا على النمو باهظة الثمن ومحدودة لأنها مصنوعة أساسًا لأغراض العلاج الطبي.

في 20 سبتمبر الماضي، ظهر "البرغر المستحيل"، وهو مكون من مزيج القمح والبروتين النباتي وزيت جوز الهند لإعطائه شكل اللحم ومذاقه. لأول مرة في محلات البقالة الأميركية، حيث بلغ سعر التجزئة حوالي 12 دولارًا للرطل.

تعمل شركتا "بيوند ميت" و"إمبوسيبل فودز" على جعل البرغر الجديد يُباع بنفس تكلفة اللحم البقري، إن لم يكن أقل. لكن في الوقت الحالي، يباع البرغر بسعر أعلى. وفي سلسلة محلات البقالة "هول فودز" الأميركية في نيويورك، تكلف شطيرتان من برغر "بيوند ميت" 5.99 دولار، أي ضعف سعر فطائر اللحم المفروم.

أما برغر "إمبوسيبل فودز" فغير متوافر بعد في محلات البقالة. لكن في مطعم "باربيرغر" في نيويورك، يباع البرغر بزيادة في السعر قدرها 3 دولارات لأي من الفطائر ذات الأصل النباتي. يجب أن تخفض المنافسة تلك الأسعار. ولا شك في أن شهية المستهلكين للحوم النباتية ستجذب الداخلين الجدد بعروض أرخص.

حالة رعب

يشعر صناع اللحوم الحيوانية بحالة من الرعب مع تطور صناعة بدائل اللحوم، وقد طلبوا من الهيئات التشريعية تقييد استخدام كلمة "لحم" على تلك التي تأتي حصرًا من جثة حيوانية. ووافقت حتى الآن تسع ولايات أميركية على الأقل على هذا الأمر، بما فيها أركنساس وميسوري وميسيسيبي.

تطلب الرابطة الوطنية الأميركية للأبقار والماشية من إدارة الأغذية والعقاقير تحريم ما تعتبره وصفًا مضللًا للحوم النباتية. وفي أبريل الماضي، أوصت لجنة الزراعة في البرلمان الأوروبي بفرض حظر على استخدام منتجي اللحوم من النباتات لمصطلحات مثل "البرغر" و"النقانق"، على الرغم من أن الاقتراح الكامل لم يناقشه البرلمان أو يصوت عليه.

وقضت محكمة العدل الأوروبية في عام 2017 بأنه لا يمكن تسمية العديد من البدائل النباتية باسم "الحليب"، والمفارقة أن هذا القرار لم يؤثر بشكل ملحوظ في الطلب.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن " إكونوميست". الأصل منشور على الرابط:

https://www.economist.com/international/2019/10/12/plant-based-meat-could-create-a-radically-different-food-chain