ميلانو : تقف لومبارديا الإيطالية، وهي أول منطقة في أوروبا تفشى فيها وباء كوفيد-19 بشدة في فبراير ومارس، مجدداً على خطّ مواجهة الفيروس مسجّلةً طفرة في الإصابات ما أرغمها على فرض حظر تجوّل، في أول تدبير من هذا النوع في إيطاليا منذ رفع إجراءات العزل.

ومن المقرر أن يدخل حظر التجوّل حيزّ التنفيذ اعتباراً من الخميس الساعة 23,00 وحتى الساعة الخامسة فجراً، لمدة ثلاثة أسابيع.

ومنذ الجمعة، تشهد إيطاليا ارتفاعاً في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجدّ (أكثر من 10 آلاف إصابة في اليوم) ولومبارديا هي من جديد المنطقة الأكثر تضرراً.

وسجّلت لومبارديا وهي الرئة الاقتصادية لإيطاليا مع فينيتو وإميليا رومانيا، الاثنين 1678 إصابة جديدة من أصل 9338 إصابة مسجّلة في أنحاء إيطاليا. كما أنها أحصت السبت 2975 إصابة جديدة، أي ربع إجمالي الإصابات.

ومنذ فبراير، تدفع لومبارديا الثمن الأكبر فتسجّل ثلث عدد الإصابات الوطني و46% من عدد الوفيات (17084 وفاة من أصل 36616).

من 12 حتى 19 أكتوبر، ارتفع عدد المصابين الذين تم إدخالهم إلى المستشفيات بنسبة 145% في هذه المنطقة حيث يعيش عشرة ملايين نسمة، بينهم نحو 1,4 مليون في ميلانو.

وكتب رئيس بلدية ميلانو بيبي سالا في منشور على فيسبوك "يوم أمس، كان لدينا 113 شخصاً في العناية المركزة" في لومبارديا. لكن يشير محللون إلى أنه إذا لم يتمّ اتخاذ تدابير جديدة "هناك خطر جدّي أن يصبح هذا العدد 600" في أواخر تشرين الأول/أكتوبر، مع وجود أربعة آلاف مصاب إجمالاً في المستشفيات، "ما يضعها في وضع صعب".

ويُفترض أن يترافق حظر التجوّل مع إغلاق في عطلة نهاية الأسبوع للمتاجر المتوسطة الحجم والكبيرة التي لا تبيع مواد أساسية (أغذية وأدوية...).

ومنذ السبت، فرضت لومبارديا تدابير أكثر صرامةً من بينها إغلاق الحانات والمطاعم اعتباراً من منتصف الليل وتعليق كافة الأنشطة الرياضية للهواة. ومذاك، حذا البلد كله حذوّها.

ويبدو السكان عموماً يحترمون التوصيات إذ إنهم لا يزالوا مصدومين من الموجة الأولى ومشاهد مواكب شاحنات عسكرية تنقل عشرات التوابيت في بيرغامو.

وتقول أنتونيلا بيتزوتا (60 عاماً) لوكالة فرانس برس "لا أستطيع أن أفهم (هذه الموجة الثانية): الناس يضعون الكمامات (حتى في الخارج)، ويلتقون أقلّ. قد يرتكب الشباب أخطاءً عندما يلتقون لكن تحميلهم المسؤولية (لا يجوز)، كلا، لا أعتقد أن" هذه هي المشكلة.

لكن لماذا لومبارديا لا تزال على خطّ المواجهة؟

يجيب المسؤول في قسم أمراض الرئتين في مستشفى غربانياتي فرانشيسكو بيني أن ذلك يعود إلى "أنها المنطقة الأكثر نشاطاً والأكثر حيوية. إنها منطقة ذات كثافة سكانية مرتفعة وتوجد نسبة عالية من الناس في المدن. الاختلاط بهذا العدد من الأشخاص يسهّل انتقال العدوى".

يشير كثرٌ إلى الاكتظاظ في وسائل النقل المشترك في مدينة ميلانو. ويعتبر أليساندرو سيغولو الذي يملك كشكاً ويبلغ 57 عاماً، "لقد استعادوا الوتيرة الطبيعية. منذ بضعة أسابيع، أزالوا إشارات (التباعد) عن الأرض ومن المترو والترام، إنه الازدحام. برأيي، ارتكبوا خطأ فادحاً".

وترى زوجته روزي فاريلا أن "المشكلة هي المدارس والمكاتب التي تفتح أبوابها في الوقت نفسه. يجب تنظيم دروس بعد الظهر والسماح بالوصول إلى المكاتب في أوقات مختلفة".

وبحسب بعض الدراسات، ترتفع الإصابات أكثر في حال تلوّث الهواء. إذ إن الضباب موجود بكثافة في سهل بو الذي تحيط به جبال بشكل جزئي.

وبحسب دراسة أجرتها المؤسسة الإيطالية للطبّ البيئي في فبراير ومارس، فإن المناطق الأقلّ تلوثاً بالجسيمات "بي إم 10" تسجّل معدّل عدوى يبلغ 0,3 لكل ألف نسمة، أما المناطق الأكثر تلوثاً فيبلغ معدّل العدوى فيها 0,26 لكل ألف نسمة.

ويوضح البروفيسور بيني أن "بعض الدراسات تحدثت عن تأثير محتمل للضباب، لكن الدليل (...) لم يُقدّم أبداً".

بعض الأطباء العامين الذين عملوا لساعات طويلة خلال الموجة الأولى من الوباء، ينظرون إلى الموجة الثانية بتخوّف. ويقول أحدهم "لا أعرف إذا سأتمكن من الصمود"، في وقت لا يكفّ هاتفه عن الرنين ليسأله أحد المرضى عن سعلة يخشى أن تكون مؤشراً على إصابته بالمرض أو احتكاكه بمصاب.