باريس: تتراكم الارقام القياسية للإصابات بفيروس كورونا المستجد في الدول الأوروبية حيث تعمل الحكومات على تشديد القيود أو تمديد حظر التجول كما هو الحال في فرنسا، أو إعادة فرض الإغلاق كما حصل في ويلز الجمعة.

وسط هذه التطورات، أعلنت منظمة الصحة العالمية الجمعة أن النصف الشمالي من الكرة الأرضية يواجه لحظة حاسمة في مكافحة كوفيد-19.

وعلى مستوى القارة الأوروبية، تجاوز عدد الإصابات 8,2 مليون إصابة وتوفي أكثر من 258 ألف شخص بسبب كوفيد-19. وقال المركز الأوروبي لمكافحة الامراض والوقاية منها الجمعة إن تطور الوباء يثير "قلقا كبيرا" في 23 بلدا في الاتحاد الأوروبي وكذلك في المملكة المتحدة. وتستثنى من القائمة الأوروبية فنلندا وقبرص وإستونيا واليونان.

وتتزايد الحصيلة باستمرار خصوصا في فرنسا حيث تم إحصاء أكثر من 41600 إصابة جديدة خلال 24 ساعة، وهي أعلى أعداد يومية حتى الآن في هذا البلد.

وازاء هذه الزيادة الكبيرة في الحالات، وسعت الحكومة الخميس نطاق حظر التجول الليلي المفروض بين الساعة 21,00 والساعة 6,00 ليشمل اعتبارا من منتصف ليل الجمعة 46 مليون نسمة في باريس والمدن الكبرى، ما يمثل ثلثي سكان فرنسا، وذلك لستة أسابيع.

وتخشى السلطات الصحية حدوث موجة ثانية "أسوأ من الأولى" قائلة إنها تفكر في عمليات إعادة احتواء محلية، في محاولة لتجنب إعادة فرض الإغلاق التام.

وصرح المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبيريسوس خلال مؤتمر صحافي عبر الفيديو أن "الأشهر القليلة القادمة ستكون صعبة جدا وبعض الدول في مسار خطير".

وأضاف أن "الكثير من الدول تشهد تزايدا مطردا في إصابات كوفيد-19 ويؤدي ذلك الآن إلى إشراف وحدات العناية المركزة على بلوغ طاقة استيعابها القصوى أو بلغتها بالفعل مع أننا ما زلنا في تشرين الأول/أكتوبر".

وفي العديد من البلدان، يترّقب أطباء وممرضون بقلق اقتراب الموجة الثانية.

وقالت كريستيل موريس المتخصصة في الأمراض المعدية في مستشفى لييج في بلجيكا "يوم الأربعاء، وصلنا تقريبا إلى الحد الأقصى لعدد الإصابات التي سجلت خلال الموجة الأولى". لكن في ذلك الوقت، كان البلجيكيون يخضعون لحجر تام منذ أكثر من ثلاثة أسابيع.

وحذّر الطبيب الذي يرأس وحدة تستقبل 18 مريضا بالفيروس فيما قدرتها الاستيعابية تبلغ 26 سريرا "نخشى أن الإجراءات الأخيرة غير كافية لمواجهة المنحنى المتصاعد. نرى تسونامي قادما".

في هذا المستشفى، يجبر نقص الموظفين مقدمي الرعاية على العمل رغم إصابتهم بفيروس كورونا. وقال الممرض توماس البالغ من العمر 33 عاما "أبلغت رئيسي بإصابتي. قال لي+ لا يمكننا استبدالك يجب أن تأتي+".

وفي البرتغال حيث يرتفع عدد الإصابات بشكل حاد، تتحضر المستشفيات أيضا لمواجهة المعركة.

في الطابق السادس من مستشفى بورتو المخصص للحالات الأكثر خطورة، يهتم الممرضون بالمرضى الموصولين بأجهزة التنفس الاصطناعية.

وقالت الممرضة المسؤولة بارتريسيا كاردوسو "نشعر بالإرهاق، وهذا يظهر على أطقمنا، لكننا مستعدون لهذه المعركة الجديدة".

في المملكة المتحدة، الدولة الأكثر تضررا في أوروبا من حيث عدد الوفيات، (أكثر من 44 ألف وفاة) أعيد فرض تدابير الإغلاق في ويلز الجمعة حتى 9 نوفمبر. وسيتم إغلاق الأعمال غير الأساسية.

في إنكلترا يعيش نصف السكان في ظل قيود محلية صارمة إلى حد ما. تم وضع مانشستر (شمال غرب) في حالة تأهب صحية قصوى منذ صباح الجمعة. ولم يعد بإمكان سكانها البالغ عددهم 2,8 مليون نسمة الالتقاء في المنازل، كما ستغلق الحانات التي لا تقدم طعاما.

وفي اسكتلندا، نصحت السلطات الصحية السكان بالاستعداد "لعيد ميلاد افتراضي" لن يكون "طبيعيا" بأي حال من الأحوال.

ودخلت إيرلندا الخميس اليوم الأول من حجر منزلي لمدة ستة أسابيع، ستغلق خلاله المتاجر غير الأساسية، غير أن المدارس ستواصل صفوفها.

وفي إيطاليا، باتت منطقة لاتسيو حيث العاصمة روما، ثالث منطقة في البلاد يفرض فيها حظر تجول ليلي من الساعة 12,00 إلى الساعة 5,00 لمدة ثلاثين يوما اعتبارا من مساء الجمعة. وفرض إجراء مماثل في مناطق نابولي وكمبانيا الجمعة.

وفي إسبانيا، أعلن رئيس الوزراء بيدرو سانشيز الجمعة أن "العدد الفعلي" للمصابين بوباء كوفيد-19 في إسبانيا منذ بدء تفشي الوباء "يتخطى ثلاثة ملايين".

كذلك يفرض حظر تجول ليلي اعتبارا من السبت في أثينا وتيسالونيكي، أكبر مدينتين يونانيتين.

ويتفاقم الوضع منذ مساء الخميس في أوروبا الشرقية، ولا سيما في الجمهورية التشيكية التي فرضت حجرا منزليا جزئيا حتى الثالث من تشرين نوفمبر، مع تسجيل أعلى أرقام للإصابات والوفيات من أصل مئة ألف نسمة خلال الأسبوعين الماضيين.

وفي سلوفاكيا المجاورة، أعلن رئيس الوزراء الخميس فرض حظر تجول ليلي اعتبارا من السبت من الساعة 1,00 إلى الساعة 5,00، على أن تبقى التنقلات خلال النهار محصورة ببعض الحالات الخاصة.

كذلك ستغلق المراكز التجارية والمطاعم والفنادق في سلوفينيا اعتبارا من السبت، على أن تعمل وسائل النقل المشترك بثلث طاقتها فقط.

وقد أودى الوباء بحياة ما لا يقل عن 1,139,406 أشخاص حول العالم منذ نهاية ديسمبر، وفقا لتقرير أعدته وكالة فرانس برس الجمعة. والولايات المتحدة هي الدولة الأكثر ضررا من حيث عدد الوفيات (223,059) تليها البرازيل (155,900) والهند (117,306) والمكسيك (87894) والمملكة المتحدة (44347).

وفي أميركا اللاتينية التي كانت في السابق بؤرة لانتشار الوباء، يبدو أن الوضع يتحسن ببطء في بعض المناطق. فقد سجلت البيرو، الدولة الأكثر تضررا في العالم من حيث عدد الوفيات نسبة إلى عدد سكانها (قرابة 34 ألف وفاة لـ 32 مليون نسمة)، للمرة الأولى خلال ستة أشهر أقل من 50 وفاة يومية الخميس.