جنيف: دعا التقرير حول منشأ كوفيد إلى إجراء دراسات جديدة في الصين وأماكن أخرى لتحديد الحيوان الوسيط الذي نقل الفيروس إلى البشر، في حين واصلت إنكلترا الإثنين رفع القيود في ظل تواصل تفشي الوباء في بقيّة أوروبا.

لم تحدث خلاصات التقرير المنتظر بشدة لفريق خبراء منظمة الصحة العالمية ونظرائهم الصينيين مفاجأة. وجاء التقرير بعد 15 شهرا من ظهور أولى الإصابات بكوفيد-19 في مدينة ووهان.

ومذّاك أوقعت الجائحة أكثر من 2,78 مليون وفاة في العالم، وألحقت ضررا بالغا بالاقتصاد الدولي.

واعتبر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس الإثنين أن الفرضيات حول منشأ جائحة كوفيد-19 تبقى مفتوحة وتحتاج الى مزيد من الدرس.

وقال خلال مؤتمر صحافي في جنيف إن "جميع الافتراضات مطروحة على الطاولة وتستحق المزيد من الدراسة الشاملة بناء على ما رأيته حتى الآن".

وأوضح أدهانوم غيبرييسوس أن التقرير سينشر الثلاثاء.

رغم تواصل ارتفاع أعداد الإصابات، لا سيما مع انتشار نسخ الفيروس المتحورة، تختلف درجة صرامة القيود التي تفرضها الدول.

إنكلترا التي تضررت بشدة من الجائحة، بدأت الاثنين المرحلة الثانية من خطتها التدريجية لرفع الإغلاق، إذ سمحت باللقاءات والرياضة في الفضاءات الخارجية، لكنها دعت إلى اليقظة في ظل وجود نسخ متحورة جديدة.

في طرف آخر من العالم، أعلن منظمو الألعاب الأولمبية في طوكيو عن تدابير صحيّة يفترض أن تسمح بتنظيم عمليات "محاكاة" نهاية الأسبوع هي الأولى منذ إرجاء الفعالية إلى صيف 2021 (بين 23 تموز/يوليو و8 آب/أغسطس).

شارك 17 خبيرا صينيا وعدد مماثل من الخبراء الدوليين في بعثة ووهان بين 14 كانون الثاني/يناير و10 شباط/فبراير، بعد أكثر من عام على إعلان أول إصابات نهاية كانون الأول/ديسمبر 2019، وفق التقرير الذي حصلت فرانس على نسخة منه الإثنين.

رجّح الخبراء أن أولى الإصابات جرت في وقت سابق، بين منتصف تشرين الثاني/نوفمبر وبداية كانون الأول/ديسمبر، وأكدوا أنه لم يكن ممكنا التوصل إلى خلاصة نهائية حول دور سوق ووهان أو كيف وصل الفيروس إليه.

واعتبرت عضو البعثة عالمة الفيروسات الهولندية ماريون كوبمانس في تغريدة الإثنين أن التقرير "بداية جيدة".

والتقرير، الذي حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه، وإن لم يحل لغز منشأ سارس-كوف-2 (الفيروس المسبب لكوفيد-19) فهو يشدد على ضرورة إجراء تحقيقات أخرى تشمل نطاقا جغرافيا أوسع في الصين وخارجها، ويعتبر أن فرضية انتقال الفيروس إلى الإنسان عبر حيوان وسيط "محتملة إلى محتملة جدا"، مقابل "استبعاد تام" لفرضية تسرّب الفيروس من مختبر جراء حادث.

ويؤكد تقرير الخبراء الاستنتاجات الأولية التي قدّموها في التاسع من شباط/فبراير في المدينة الصينية التي ظهر فيها الفيروس للمرة الأولى.

ولن تحول استنتاجات التقرير دون تجدد الاتهامات لمنظمة الصحة العالمية باسترضاء الصين، ويقول مراقبون إن الخبراء لم يكن لديهم المجال الكافي للعمل بحرية خلال فترة الأسابيع الأربعة لإقامتهم في ووهان.

ويرجّح الخبراء النظرية العامة للانتقال الطبيعي للفيروس من مصدره الحيواني وهو على الأرجح الخفافيش، إلى الإنسان عبر حيوان وسيط لم يتم تحديده بعد.

ويعتبر التقرير أن فرضية الانتقال المباشر من الحيوان المصدر (أو الخزان) إلى الإنسان "ممكنة إلى مرجّحة. ولم يستبعد الخبراء نظرية الانتقال عبر اللحوم المجلّدة، وهي النظرية التي ترجّحها بكين، معتبرين أن هذا السيناريو "ممكن".

ويوصي التقرير بمواصلة الدراسات على قاعدة هذه الفرضيات الثلاث، ويستبعد في المقابل إمكان أن يكون الفيروس انتقل إلى الإنسان جراء حادث في مختبر.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب اتّهمت معهد ووهان للفيروسات الذي يجري أبحاثا حول مسببات أمراض خطرة بالتسبب بتسريب الفيروس، عمدا أم عن غير عمد.

وفي التقرير، أشار الخبراء إلى أنهم لم يدرسوا فرضية التسريب العمد، واعتبروا أن التسرّب جراء حادث مختبر "مستبعد تماما".

وخلص الخبراء في تقريرهم إلى أن دراسات سلسلة الإمداد لسوق هوانان (وغيرها من أسواق ووهان) لم تؤد إلى إيجاد "أدلة على وجود حيوانات مصابة، لكن تحليل سلاسل الإمداد وفّر معلومات" مجدية لدراسات لاحقة محددة الأهداف، خصوصا في مناطق مجاورة.

ويدعو الخبراء إلى "عدم إهمال المنتجات الحيوانية المصدر القادمة من مناطق تقع خارج نطاق جنوب شرق آسيا".

ويوصي التقرير بإجراء تحقيقات "في مناطق أوسع نطاقا وفي عدد أكبر من البلدان".

وشددت منظمة الصحة على ضرورة التحلي بالصبر من أجل الوصول إلى أجوبة على التساؤلات المطروحة.

أنشئت البعثة بموجب قرار تبنّاه أعضاء منظمة الصحة العامة في 19 أيار/مايو 2020، كلّف الخبراء "تحديد المنشأ الحيواني للفيروس وطريق انتقاله إلى الإنسان (...) عبر مهمات علمية وتنسيق ميداني".