نيروبي: في ذروة الموجة الثالثة لوباء كوفيد-19 في شهر آذار/مارس في كينيا بدأت المستشفيات التي ترزح تحت وطأة الفيروس تعاني من نقص الكميات الاحتياطية للأكسجين.

ومنذ ذلك الحين تبذل تلك المرافق الطبية جهودا مضنية لزيادة إمدادات هذه المادة الضرورية للحياة، خشية سيناريو كارثي تشهده الهند حاليا بسبب نقص الأكسجين.

وعلى سطح مستشفى متروبوليتان، وهو معهد طبي خاص يضم 150 سريرا ويقصده أبناء الطبقة المتوسطة، أقيمت وحدة جديدة لإنتاج الأكسجين قادرة على توفير ما يصل إلى 600 لتر من هذا الغاز في الدقيقة.

وقال رئيس مجلس إدارة المستشفى كانيينجي غاكومبي إن المستشفى سرّع خططه لإنتاج الأكسجين الخاص به بعد تراجع الكميات إلى أدنى مستوياتها خلال ذروة الموجة الثالثة التي فاقمتها المتحورتان البريطانية والجنوب إفريقية من فيروس كورونا.

في نيسان/ابريل سجلت كينيا عدد وفيات هو الأعلى بلغ 571 وفاة، وحذرت وزارة الصحة من أن المستشفيات تجهد مع نحو 300 مريض في وحدات العناية المشددة وأقل من ألفي مريض يتلقون العلاج في مرافق في البلاد.

وقال غاكومبي "انخفضت الكميات الاحتياطية ثم تراجعت إلى حد بدأنا معه نجمع الأكسجين على مدار الساعة" ... وفي مرحلة ما "تراجعت الكميات الاحتياطية إلى ست ساعات وكان الوضع مقلقا للغاية".

ويقر الطبيب الذي غزا الشيب شعره أن طيلة عمله على رأس المستشفى نادرا ما شعر بالقلق إزاء إمدادات الأكسجين الذي كان "من المسلمات".

لكن فيما يحتاج مريض عادي "لترين إلى 15 لترًا" من الأكسجين في الدقيقة فإن مريض كوفيد يحتاج "ما يصل إلى 60 لترا"، كما قال.

وتابع "حرصنا على تحقيق الاكتفاء الذاتي، وألا نعتمد على أطراف ثالثة لتزويدنا بالأكسجين الذي نحتاج له" مشيرا إلى مزودي هذه المادة مثل شركة بي.أو.سي الكينية لتصنيع الغاز.

وهكذا استورد مستشفى متروبوليتان ماكينات من ألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والصين، لإنشاء وحدة لتصنيع الأكسجين بلغت تكلفتها 100 مليون شلنغ (نحو 800 ألف يورو - 935 ألف دولار).

والمنشأة "بشكل أساسي تأخذ هواء الجو وتفصل الأكسجين عن باقي المكونات"، كما يشرح ديفيس ماريكا مدير "أو2 إنترناشونال"، الشركة الكينية التي قامت بتركيب الماكينات.

والأكسجين "يتم تنقيته وتجفيفه إلى درجة نقاوة أقلها 95 بالمئة، وهو ما تطلبه منظمة الصحة العالمية".

كذلك قام المستشفى ببناء نظام أنابيب يقوم بإيصال الأكسجين مباشرة إلى الغرف مستعيضا عن استخدام الاسطوانات التي باتت نادرة بدورها.

والأكسجين الذي تبلغ نسبته 21 بالمئة في الهواء، ضروري بهذا الشكل المكثف لإنقاذ حياة مرضى مصابين بمشكلات تنفسية حادة من جراء كوفيد.

والعديد من المستشفيات الخاصة الأخرى في نيروبي، مثل إم.بي شاه، قام ببناء أو توسيع وحداته الإنتاجية.

وقال جيرمي غيتاو، أحد مؤسسي "مؤسسة طب الطوارئ في كينيا" التي تساعد مستشفيات كينية على التزود بأنظمة لتزويد الأكسجين "تلقينا العديد من الطلبات لمختلف المنشآت".

من ناحيتها أعلنت الحكومة عن استدراج عطاءات في مطلع آذار/مارس لتزويد 16 دولة بالأكسجين، وحثت على تصليح العديد من وحدات الإنتاج "التي لم تعد تعمل".

وبات توفر الأكسجين الطبي مسألة بالغة الأهمية في العديد من الدول وخصوصا النامية منها، مع نقص في الكونغو الديموقراطية والمضاربة على الأسعار في البيرو وتنامي السوق السوداء في البرازيل.

في الهند يبحث الأقارب بصعوبة عن أسطوانات إضافية في وقت يموت أقاربهم في المستشفيات التي تعاني من اكتظاظ الحالات، وهم بانتظار الأكسجين.

في كينيا جالية كبيرة من أصول هندية-كينية والعديد من المواطنين يعتبرون الهند مقصدا طبيا لعلاجات غير متوفرة في الداخل.

وقال غاكومبي إن "مشاهدة ... كيف بلغت منظومة الرعاية الصحية في الهند طاقتها القصوى، وصارت مثقلة، تجعلنا نشعر بالقلق. فالهند هي المكان الذي نبحث فيها عن رعاية صحية نموذجية في المستشفيات".

كانت الهند، مثل معظم إفريقيا، تعد من بين البلدان التي تجنبت أسوأ الأضرار من جراء الوباء بسبب العدد المنخفض نسبيا للإصابات والوفيات مقارنة بالعديد من الدول.

لكن ارتفاعا هائلا في أعداد المصابين جعلها ثاني أكبر دول العالم تضررا من حيث عدد الإصابات، فيما أدى بثت مشاهد مروعة في المستشفيات المنهكة، إلى وضع إفريقيا في حالة تأهب قصوى.

ووصف مركز إفريقيا لمراقبة الأمراض والوقاية منها ما يحدث في الهند بأنه "مقلق جدًا جدا".

ورصدت كينيا المتحورة الهندية من كوفيد-19، ب.1.617 والتي هي من الأسباب التي تؤجج حالات الإصابة في الهند.

ولقحت الدولة الواقعة في شرق إفريقيا أقل من مليون شخص فيما يبلغ عدد سكانها نحو 52 مليونًا.