لندن: بينما خففت بريطانيا المزيد من قيود احتواء كوفيد-19 الاثنين في خطوة كبيرة باتّجاه عودة الحياة إلى طبيعتها، تفاقمت مأساة الهند حيث عرقل إعصار قوي جهود مكافحة موجة الوباء المدمّرة التي تعصف بالبلاد.

وسمحت برامج التطعيم السريعة للولايات المتحدة وبريطانيا بالتخلي عن القيود الصارمة التي شددتها في المقابل كل من تايوان وسنغافورة، ما يسلّط الضوء على التهديد المستمر الذي يمثله الوباء.

ومع اقتراب عدد الإصابات العالمية المعلنة من 163 مليونا وظهور نسخ متحوّرة جديدة تعقّد مواجهته، اضطرّت الحكومات، حتى تلك التي تخفف القيود، إلى تحذير المواطنين بشأن ضرورة توخي الحذر.

وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأحد "وصلنا معا إلى عتبة جديدة في خارطة الطريق التي وضعناها للخروج من الإغلاق، لكن علينا أن نرفق هذه الخطوة المقبلة بجرعة كبيرة من الحذر".

وتابع "نراقب عن كثب تفشي المتحوّر الذي رصد للمرة الأولى في الهند ونتحرّك بشكل سريع في المناطق حيث ترتفع معدلات الإصابة".

وستعاود الحانات والمطاعم والمقاهي استضافة الزبائن في الأماكن المغلقة في أنحاء انكلترا وويلز ومعظم أجزاء اسكتلندا.

كذلك ستعيد دور السينما والمتاحف والصالات الرياضية فتح أبوابها للمرة الأولى منذ شهور. وسيُسمح بالتجمّع في المنازل الخاصة لكن مع مراعاة بعض القيود فيما سيستأنف السفر الدولي إلى بلدان محددة بينها البرتغال.

لكن السلطات لم تستبعد فرض قيود محلية محددة في إطار الاستجابة لتفشي الفيروس، وخصوصا المتحوّر الهندي، وإن كان عدد الأشخاص الذين تلقوا كامل جرعات اللقاحات في بريطانيا تجاوز 20 مليونا.

أودى الوباء بأكثر من 3,3 ملايين شخص في العالم، فيما تعد الهند البلد الذي يشهد الموجة الأسوأ حاليا إذ تسجّل وفاة 4000 شخص يوميا جراء كوفيد.

وكانت الهند تعاني في الأساس من بنى تحتية صحية محدودة وإمدادات شحيحة من اللقاحات، عندما ضربها إعصار قوي ترافقه رياح عاتية.

ونقلت ولاية غوجارات جميع مرضى كوفيد-19 من المستشفيات الواقعة ضمن مسافة خمسة كيلومترات من الساحل حيث يتوقع أن يصل الإعصار.

كذلك تكافح السلطات في المنطقة لضمان عدم انقطاع الكهرباء عن المستشفيات المخصصة لمرضى كوفيد-19 ومعامل الأكسجين في المناطق المهددة جرّاء العاصفة.

ونُقل نحو 600 مريض في بومباي، عاصمة الهند المالية، إلى "مواقع أكثر أمانا".

تفيد منظمة الصحة العالمية أن نسخة كورونا المتحوّرة التي تسببت بتفشي الوباء بشكل واسع في الهند باتت منتشرة حاليا في 44 دولة على الأقل.

وتشمل هذه الدول سنغافورة حيث دفع العدد الكبير من الإصابات الحكومة إلى تشديد القيود، بما في ذلك إغلاق المدارس.

وقال أنتوني تشانغ، الذي يملك كشكا في سنغافورة، "ارتاح كثيرون جراء الاستقرار في الأشهر الأخيرة، لكن ما يجري الآن هو بمثابة تحذير".

بدورها، أعلنت السلطات في تايوان، التي لم تتأثر نسبيا بالوباء العام الماضي، تعليق الصفوف في المدارس اعتبارا من الثلاثاء في تايبه ومدينة تايبه الجديدة المحاذية للعاصمة في وقت تشهد الجزيرة ارتفاعا في عدد الحالات.

يخيّم شبح كورونا أيضا على أولمبياد طوكيو المؤجّل أساسا، والذي يفترض أن ينطلق في غضون أقل من عشرة أسابيع رغم حالة الطوارئ المفروضة في أجزاء من اليابان.

وأصر المنظمون على أنهم سيمضون قدما بالحدث رغم المخاطر، لكن تسلّطت الأضواء على معارضي الخطوة الاثنين مع كشف استطلاع جديد أن 80 في المئة من اليابانيين يعارضون استضافة الأولمبياد هذا العام.

وقال أحد سكان طوكيو ويدعى تاكاهيرو يوشيدا (53 عاما) "المسألة لا تقتصر على اليابان فحسب. لا بد أن الرياضيين من الخارج يشعرون بالقلق أيضا، نظرا إلى الوضع الوبائي السيء في اليابان".

واتّسمت حملة التطعيم اليابانية بالبطء على الرغم من ثراء البلد.

في الأثناء، يزداد القلق حيال احتمال تخلّف الدول الأفقر عن الركب بشكل إضافي نظرا لغياب المساواة في توزيع اللقاحات.

في هذا السياق، أطلقت جنوب إفريقيا بعد تأخير طال أمده، حملة تطعيم واسعة الاثنين تستهدف نحو خمسة ملايين شخص تبلغ أعمارهم فوق 60 عاما حتى أواخر يونيو.

وحضّ مدير منظمة الصحة العالمية الجمعة الدول الثرية التي تملك فائضا من اللقاحات على الامتناع عن إعطائها للأطفال والمراهقين والتبرّع بها بدلا من ذلك إلى الدول الأخرى.

وتنبع الحاجة للقيام بذلك من المخاوف بشأن إمكانية ظهور نسخ متحورة أكثر عدوى أو فتكا. وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) هنرييتا فور الاثنين "نشعر بالقلق من أن يكون التفشي المميت في الهند نذيرا لما سيحصل في حال بقيت هذه التحذيرات من دون استجابة".

وتابعت "ترتفع الإصابات بشكل هائل والأنظمة الصحية تعاني في دول قريبة (من الهند) مثل نيبال وسريلانكا والمالديف وبعيدة مثل الأرجنتين والبرازيل".