جنيف: تلتقي الدول الأعضاء الـ194 في منظمة الصحة العالمية الأحد في جنيف للبحث في سبل بناء نظام صحي عالمي فعّال وعادل أكثر في ظلّ التداعيات العالمية للحرب في أوكرانيا وجائحة كوفيد-19 التي لا يبدو أنها ستنتهي قريبًا.

وتقف أوكرانيا خلف طرح قرار من المقرّر أن يُقدّم الأحد إلى جمعية الصحة العالمية ويُدين الهجمات التي تشنها موسكو على المنظومة الصحية والعواقب الخطيرة للغزو والحصار المفروض على الموانئ الأوكرانية على الإمدادات العالمية والارتفاع الكبير في أسعار الحبوب.

ويقول دبلوماسي أوروبي "للحرب في أوكرانيا تأثير منهجي على المنظمات الدولية لأنها تتطلب قضاء وقت طويل في إدارة المسألة الروسية في المنظمات وتُراجع العواقب على قطاع الصحة في أوكرانيا وأوروبا والعالم".

ومن المفترض أيضًا ايجاد توازن، فيما تعتبر عدة دول أن حلفاء أوكرانيا يطبّقون معايير مزدوجة ويتجاهلون أزمات أخرى وأن التعاون الصحي هو مجال منفصل يجب الحفاظ عليه.

من الجانب الروسي، أرادت البعثة الروسية في جنيف منع انتشار شائعة مفادها بأن موسكو تستعدّ لانسحابها من منظمة الصحة العالمية.

وكتبت على تويتر في 20 أيار/مايو "إن الشائعات التي تفيد بأن روسيا ستنسحب من منظمة الصحة العالمية هي ببساطة غير صحيحة".

توقعات

ويُتوقّع أن يتمّ التجديد للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس لخمس سنوات إضافية، رغم مواقف اعتمدها مثل موقفه الذي اعتبر تصالحيًا جدًا حيال الصين في بداية تفشي كوفيد-19، وردّه البطيء جدًا على فضيحة العنف الجنسي الذي ارتكبه بين 2018 و2020 عاملون لدى المنظمة في جمهورية الكونغو الديموقراطية.

لكن كونه بدون منافس ومدعومًا من أصحاب التأثير في المنظمة، سيتمكّن من مواصلة عمله كرئيس لها.

ويقول الدبلوماسي الأوروبي نفسه "ننتظر منه بثقة التزامًا قويًا لمواصلة إدارة الجائحة وللمشروع الضخم لإصلاح نظام الصحة العالمي أيضًا".

واعتبارًا من الاثنين، سيتعاقب وزراء الصحة في الدول الأعضاء في المنظمة على المنبر خلال أول لقاء لجمعية الصحة العالمية يُعقد حضوريًا منذ بداية الجائحة، على أن يتمّ طرح التمويل المستدام لمنظمة الصحة العالمية، أحد أكثر المواضيع دقّة وصعوبة.

ولا تتمتّع منظمة الصحة العالمية إلّا بميزانية نحو 6 مليارات دولار لكلّ عاميْن، فيما مستشفى Assistance publique/Hopitaux de Paris الفرنسي الجامعي مثلًا له ميزانية سنوية تبلغ قيمتها نحو 8 مليارات دولار.

ويعود سبب ذلك إلى كون المساهمات الثابتة لميزانية منظمة الصحة العالمية، أي الرسوم الإجبارية التي تدفعها الدول الأعضاء، لم تشكّل إلّا 16% من ميزانية عامي 2020-2021. أمّا الباقي، أي المساهمات الطوعية، فالتخطيط لها أصعب ويتطلّب جهودا حثيثة وغالبًا ما يحصل لأهداف محدّدة جدًا.

وستتمكّن منظمة الصحة العالمية من لعب دورها بشكل أفضل إذا رُفعت نسبة الرسوم الإجبارية إلى 50% من ميزانيتها على مدى عشر سنوات تقريبًا، لكن سيبقى عليها إجراء إصلاحات أيضًا.

وتشير سفيرة الولايات المتحدة في جنيف شيبا كروكر إلى أن "سيكون من المهمّ لمنظمة الصحة العالمية أن تنفّذ الإصلاحات بسرعة" حتى يمكن تطبيق القرارات المتعلقة بالتمويل المستدام.

وسمحت جائحة كوفيد-19 بالكشف عن الخلل في نظام الصحة العالمي.

ولذلك، ستنظر الجمعية في تجديد اللوائح الصحية الدولية للتمكين من الاستجابة بسرعة وفعالية أكبر لحالات الطوارئ الصحية.

وسيتوجّب على جمعية الصحة العالمية أيضًا اتّخاذ قرار بشأن إنشاء لجنة دائمة للطوارئ منبثقة عن المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية وتفعيلها في غضون 24 ساعة في حالة طوارئ صحية دولية أي في حالة أعلى مستوى من التأهب لمنظمة الصحة العالمية.

في المقابل، أُطلق العمل على اتفاق دولي جديد حول الصحة العالمية والذي يجب أن يكون ملزمًا لمؤيديه، على أن يُكمّل اللوائح الصحية الدولية. وشُكّلت مجموعة تفاوض حكومية في كانون الأول/ديسمبر للعمل على الاتفاق.

وفيما بدأ تفشي مرض جدري القردة الفيروسي غير الخطير في أميركا الشمالية وأوروبا، تقلق السلطات الصحية من طيف أزمة صحية جديدة محتملة واسعة النطاق.