تشهد القاهرة هذه الأيام نشاطاً سياسياً مكثفاً يرتبط بعدة قضايا فلسطينية، منها ما يتعلق بالمساعي المصرية لمحاولات التقريب بين حركة حماس من جهة، وحركة فتح والسلطة الوطنية من جهة أخرى، هذا فضلاً عن صفقة تبادل السجناء بين إسرائيل وحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة تفرج بمقتضاه الحركة عن الجندي الإسرائيلي غلعاد شليط مقابل الإفراج عن نحو ألف سجين فلسطيني من جملة نحو 11 ألفا في السجون الإسرائيلية.

القاهرة: أعلن الناطق باسم الخارجية المصرية حسام زكي إن صفقة تبادل الأسرى بين quot;حماسquot; وإسرائيل قد دخلت مرحلتها النهائية، وإن مصر قد تجاوزت90% من العقبات التي اعترضت طريق إنجازها، وأكد زكي أن حماس وافقت على مبدأ إبعاد بعض الأسرى، معتبراً ذلك شأناً فلسطينياً لا تتدخل فيه مصر، حسب قوله.

وفي هذا السياق فقد غادر القاهرة وفد من حركة حماس برئاسة حمود الزهار القيادي بالحركة قادماً من قطاع غزة في طريقه إلى دمشق، ولم يدل أي من أعضاء الوفد بتصريحات بشأن هذه الزيارة، لكن مصادر مصرية قالت إن الوفد سيبحث في سورية مع خالد مشعل رئيس الحركة السياسي لحماس تفاصيل الاتفاق على المرحلة النهائية من الحوار الوطني الفلسطيني، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي بين حركتي quot;فتح وحماسquot; وباقي الفصائل الفلسطينية، فضلاً عن صفقة مبادلة الجندي الإسرائيلي.

وقالت مصادر دبلوماسية في القاهرة إن حركة حماس وافقت على إبعاد أكثر من مائة سجين، كانت إسرائيل اشترطت إبعادهم من الضفة الغربية، بحيث يتم إبعاد 97 منهم لقطاع غزة وأكثر من 20 إلى قطر، في ما سيوزع الباقون على ست دول أوروبية كانت قد أبدت استعدادها لاستقبالهم، مقابل إطلاق سراح الجندي شاليت.

يأتي هذا قبيل ساعات من زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمصر، حيث يجري محادثات مع الرئيس حسني مبارك يوم الثلاثاء وقد اكتفى الناطق باسم الرئاسة المصرية بالقول إنها تستهدف بحث سبل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط، من دون الخوض في مزيد من الملفات التي ستطرح للبحث .

في هذا الإطار علمت (إيلاف) من مصادر دبلوماسية غربية في القاهرة، أن مسألة ما يعرف بـ quot;التهديد النووي الإيرانيquot; ستكون من بين أبرز القضايا التي تتصدر أجندة المحادثات المرتقبة بين مبارك ورئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي سيصطحب معه وفداً رفيع المستوى من الوزراء والمسؤولين الأمنيين.

وكانت المرة السابقة التي زار فيها نتنياهو مصر في أيار (مايو) الماضي حين اجتمع مع مبارك في مدينة شرم الشيخ وتعهد بالسعي لاستئناف المحادثات مع الفلسطينيين.

معضلة الصفقة

وسبق أن أحاطت أجواء إيجابية بالمحادثات الأخيرة بين مدير المخابرات المصرية الوزير عمر سليمان، ووفد قادة حركة حماس، كما تحدثت وسائل الإعلام في إسرائيل عما وصفته بقرب حسم الموقف من صفقة التبادل مع حركة quot;حماسquot; وتوقع مراقبون أن تتوافر غالبية حكومية بمجلس الوزراء الإسرائيلي لتمرير هذه الصفقة، وتشير تقديرات هؤلاء المراقبين الذين تحدثت معهم (إيلاف) إلى أن أكثر من نصف الثلاثين وزيراً سيؤيّدون الصفقة، وبينهم نتنياهو وخمسة وزراء من حزب العمل، وأربعة وزراء من حزب quot;شاسquot;، بالإضافةً إلى ست وزراء من حزب quot;الليكودquot;، ليصل عدد المؤيّدين إلى 16 وزيراً.

وتسلم الوسيط الألماني يوم 23 ديسمبر/كانون الاول سلم الرد الإسرائيلي لحركة حماس على صفقة اطلاق أسرى فلسطينيين مقابل الإفراج عن الجندي شاليت، وأمهل الوسبط الالماني إسرائيل وحركة حماس 3 أسابيع لإتمام الصفقة قبل أن يتخلى عن مهمة الوساطة بسبب نية الحكومة الألمانية تعيينه في منصب جديد سيمنعه من مواصلة الوساطة.

في المقابل، قالت حركة quot;حماسquot;، على لسان بعض الناطقين باسمها إنه من السابق لأوانه الحديث عن نتائج محدّدة عن قرب التوصل إلى اتفاق، ورأت أن quot;الضجة التي أُثيرت في وسائل الإعلام عن قرب التوصل إلى اتفاق على صفقة تبادل الأسرى، هي محض تسريبات إسرائيلية للتأثير على مشاعر عائلاتهم، ومحاولة الضغط والتأثير في عملية التفاوض غير المباشرquot;.

أما صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية فرأت أن صفقة تبادل السجناء بين حماس وإسرائيل تعتبر خطوة لها تأثيرات بعيدة، ليس فقط على محادثات السلام المتوقفة في الشرق الأوسط لكن أيضا على سلسلة من العلاقات الإقليمية وتوازنات القوى في هذه المنطقة المتوترةquot;، كما تقول الصحيفة الأميركية.

ومضت الصحيفة قائلة ـ عبر موقعها الإليكتروني ـ إن توقعات مبادلة الجندي الإسرائيلي شاليت بمئات من الأسرى الفلسطينيين وقد يكون بينهم القيادي الفلسطيني الذي يحظى بشعبية مروان البرغوثي في الأسبوع المقبل جاءت بعد سلسلة اجتماعات في القاهرة برعاية الحكومة المصرية وبعد عدد كبير من التصريحات من جانب مسئولين إسرائيليين وفلسطينيين ومصريين.

كما نسبت الصحيفة إلى مسئولين في حماس وإسرائيل القول إن الاتفاق يمكن أن يشمل مروان البرغوثي، وهو أحد أكثر الزعماء شعبية في الضفة الغربية والذي يرى على نطاق واسع أنه خليفة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

غير أن داني دانون نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي والعضو البارز في حزب quot;ليكودquot; الذي يتزعمه رئيس الوزراء نتنياهو قال في مقابلة مع ذات الصحيفة quot;إن هناك فرصة جدية لإطلاق سراح البرغوثي، بينما قال نائب رئيس الوزراء سيلفان شالوم في تصريحات لشبكة BBC إن البرغوثي لن يكون جزءا من أية صفقة تبادل محتملةquot;، وفقاً لما نقلته عنه الإذاعة البريطانية الشهيرة.