أثارت تصريحات الشيخ محمد العريفي ردود فعل غاضبة داخل الأوساط الشيعية في العراق، ووصف ساسة ورجال دين عراقيين كلام الداعية بأنه تأجيج للاحتقان الطائفي واعتداء على العراقيين جميعا وتطاولا على رمز وحدتهم الوطنية.


الشيخ السعودي محمد العريفي


لندن: تتصاعد حملة شيعية داخل العراق وخارجه ضد الداعية السعودي الشيخ محمد عبد الرحمن العريفي إثر وصفه للمرجع الشيعي الاعلى آية الله السيد علي السيستاني بـ quot;الزنديق الفاجرquot;. وانطلقت دعوات تطالب الشيخ العريفي عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات بكلية المعلمين في الرياض، بالاعتذار عن كلامه واخرى تطالب بمحاكمته بتهمة اثارة الفتنة الطائفية في العراق. وتأتي موجة الغضب بعد وصف الداعية السعودي خلال القاء خطبة الجمعة للمرجع السيستاني quot;بالزنديق والفاجرquot;، واتهامه للطائفة الشيعيّة بالسعي لمحاصرة السعوديّة بدعم من إيران، التي قال إنّها تساند المتسللين في الجنوب وتلعب أدواراً ضد الرياض في الشمال والشرق.

ساسة ورجال دين عراقيين يهاجمون العريفي
وقال النائب التركماني في الائتلاف الوطني العراقي quot;الشيعيquot; عباس البياتي إن مساس العريفي quot;بمقام المرجعية العليا هو اعتداء على العراقيين جميعا وتطاول على رمز وحدتهم الوطنية والمتمثل بسماحة آية الله العظمى السيد علي السيستانيquot;. واضاف في تصريح مكتوب استلمت quot;إيلافquot; نسخة منه اليوم أن quot;التهجم والنيل من المرجعية الدينية العليا في العراق من قبل الشيخ محمد العريفي من شأنه ان يؤدي الى تأجيج الاحتقان الطائفي في الشارع العراقيquot; وأضاف quot;ان السيد السيستاني يمثل رمز الوحدة الوطنية وهو رمز اسلامي كبير وساهمت جهوده بشكل كبير في حقن دماء العراقيينquot;. وقال إنّ quot;التطاول على المرجعية هو تطاول على العراقيين بكل مذاهبهم ومكوناتهم مسلمين ومسيحيين سنة وشيعة عربًا وأكرادًا وتركمانًا وبكل أطراف العملية السياسيةquot;.

ووصف البياتي المرجع السيستاني بالرجل المسالم وقال إنه quot;معروف عنه مواقفه السلمية وان سماحته اكد مرارا انه حريص على كل دم عراقي يراق على ارض العراق بغض النظر عن مذهبه وقوميته وانه يمثل صمام امان العملية السياسية وصمام امان الوحدة الوطنية وبالتالي فهو يمثل رجل السلام والتسامح والمحبة في العراقquot;. وطالب بالوقوف بوجه مثل هذه الهجمات وبوجه هؤلاء الذين يريدون المساس والنيل من الرموز الدينية والوطنية في العراقquot;.

آية الله السيد علي السيستاني
من جهته، قال رئيس جماعة علماء العراق في الجنوب (سنية) الشيخ خالد عبد الوهاب الملا إنه quot;في الوقت الذي نسعى في داخل العراق وخارجه إلى لملمة الوضع الإسلامي وبث روح الحب والتعايش والتسامح وخاصة في عراقنا الجريح وخروجنا من التحديات التي تنصب العداء للإسلام والمسلمين وتعرقل مسيرتهم. أضاف أنّه كان الاجدر بالعريفي quot;بدلا من تطاوله على مقام المرجع الأعلى أن يطهر مؤسساتهم من منهج التكفير والإرهاب والذبح والذي تسببت بقتل مئات الألوف من العراقيين على مدى ست سنوات وذلك من خلال إرسالهم الانتحاريين والمجرمينquot;. وطالب الحكومة السعودية quot;بموقف سريع وصارم للحيلولة دون السماح لهؤلاء أن يُسيئوا لعلماء المسلمين كما ندعو علماء العراق شيعة وسنة وكذا الوقفين الشيعي والسني على حد سواء كي يقفوا جميعا بشكل موحد من هذه الإساءة وليبنوا للعالم أننا كالجسد الواحدquot;.

أما الامانة ُالعامة لاتحاد علماء المسلمين في العراق فقد وصفت كلام العريفي بأنه quot;تخرصات ومحاولاته البائسة للنيل من الرموز الفاعلة والمؤثرة في الساحة الاسلامية على الصعيدين المحلي والعالميquot;. واضافت في بيانٍ لها quot;ان تخرصات العريفي تعد من ضمن المنهج والمحاولات التي تسعى الى تفريق امر المسلمين في الوقت الذي يتوجهُ العالمُ الى مؤتمرات حوارات الاديان لتقريب وجهات النظر والتخفيف من طائلة العنف التي تجتاحُ العديد من مناطق العالم بسبب المناهج المتطرفة والتكفيريةquot;. وقالت quot;ان المقام العالي الذي تحظى به مكانة مرجعية الامام السيستاني لا يتوقفُ عند الامور الشرعية فقط وانما تمثلُ الخيمة التي تحمي كل ابناء العراق والمسلمين من شرور المضللينquot; .. ودعت السلطات المسؤولة الى محاسبة مثل هذه العناصر التي قالت انها quot;تحاول اشاعة الفوضى بين المسلمين من دون اي رادعٍ ديني أو اخلاقيquot;.

قيادي شيعي سعودي يدعو الى اعتذار لشيعة المملكة
كما تتداول مواقع الكترونية شيعية على نطاق واسع تصريحات الشيخ حسن الصفار وهو من أهم الشخصيات الدينية لدى شيعة السعودية يدعو إلى الإعتذار للشيعة في المملكة نتيجة ما وصفها بـquot;الإساءات التي تضمنت كلاماً نابياً ودنيئاًquot; اطلقه العريفي ضد السيستاني. وقال إن رجل الدين محمد العريفي وجه خلال خطبة الجمعة إساءات quot;فاضحةquot; للإمام السيستاني ووصفـه بـquot;الفاجر والزنديقquot; . وتساءل الصفار عن المصلحة من وراء جرح مشاعر ملايين المواطنيين في المملكة والدول المجاورة بالإساءة لمرجعيتهم الدينية عبر ذلك الكلام quot;النابي والدنييءquot; على حد وصفـه. واعتبر ذلك quot;تصرفاً ينطوي على تشويـه صورة المملكة وإساءة للنهج الديني الرسميquot; .. لكنه اشار الى ان quot;الإمام السيستاني أرفع من أن تؤثر فيـه هذه الإساءات التي تليق بقائليها ولن تضر إلا أصحابهاquot;. ونفى الصفار أن يكون هناك تناقض بين التقليد الديني والولاء الوطني في إشارة منه إلى من يتحدثون عن التناقض بين تقليد شيعة المملكة لإيران وولائهم لبلدهم.

جمعية تطالب بمحاكمة العريفي
ومن جانبها طالبت جمعية تطلق على نفسها quot;حقوق الإنسان أولاquot; القضاء السعودي بتقديم الشيخ محمد العريفي للمحاكمة بتهمة التجاوز على المرجع السيستاني .. وقالت في بيان انها quot;تطالب المدعي العام بالسعودية بتوجيه تهمة المس بالوحدة الوطنية في المملكة للعريفي تمهيدا لمحاكمته محاكمة عادلة وشفافة مع ضمان حقه بإلإستشارة القانونيةquot;. وقالت انه quot;يجب أن تتصدى هيئة التحقيق والإدعاء العام بالسعودية لهذا الأمر صيانة للوحدة الوطنية وإحتراما لمشاعر أكثر من 300 مليون مسلم شيعيquot;. واضافت انها كانت تتابع quot;بقلق بالغquot; ما ورد على لسان العريفي quot;من سب وتكفير لسماحة آية الله السيد السيستاني وكانت تنتظر إعتذارا وتراجعا منه عما قال ولكن للأسف هذا لم يحدثquot;.

واشارت الى ان السيستاني من كبار مراجع التقليد لدى الشيعة على مستوى العالم لذا quot;فإن توجيه مثل هذا القذف والطعن له إنما هو جرح لمشاعر مقلديه وللملايين ممن يحترمون موقعيته حتى وإن لم يقلدوهquot;.

وفي مقال لكاتب وصف بانه شيعي سعودي هو احمد محمد ال ربح فقال ان كلام الشيخ العريفي يجب أن لا يمر دون مسائلة قانونية، وطالب المجلس الشيعي الاعلى في لبنان والوقف الشيعي في العراق والكويت والبحرين إنتداب محامين quot;لمسائلة الشيخ العريفي عبر القضاءquot;.

واشار آل ربح الى quot;إن مثل هذه المسائلة كفيلة باذن الله بايقاف هكذا تخرصات أن تصدر في المستقبل وأن لغة الشتائم والسباب والتكفير والزندقة لن تمرّ دون حسابquot;. وقال quot;لا أجد ضرورة في هذه المرحلة لتحرك سياسي للسادة في مجالس النواب العراقية واللبنانية والكويتية والبحرينية ومجلس الشورى في المملكة تجاه الاستفسار عن فحوى خطبة موظف حكومي أثناء تأديته مهام عمله quot;لأنني أعتقد أن المسائلة القضائية باذن الله ستكون كافية وأنها ستوفر المناخ المناسب للمسؤولين المعنيين في المملكة لإخراس هكذا أصوات نشاز لا تمثل الا نفسهاquot;.

.. وكتاب يهاجمون العريفي
ويواصل كتاب شيعية هجوما حادا ضد العريفي وينعتونه باقبح الاوصاف لتعرضه للسيستاني حيث قال الكاتب علي السراي موجها كلامه للعريفي quot;قسماً إني لأستصغر قدرك وأستعظم تقريعك فما أنت إلا صغيراً ومهرجاً كأضرابك شيوخ التكفير حين يتمنطقون بنطاق الخسة والدناءة ويغوصون في وحل الإنحطاط الاخلاقي صاغراً عن صاغر وجيلاً بعد جيل لا يرعوون عن ارتكاب الموبقات وانتهاك الحُرمات ومنكرات الآثام بأسم الإسلام

ممثل للسيستاني يحمّل السعودية مسؤولية الاساءة للمرجع
الذي أعلن البراءة منكم إلى يوم الدين وما فتاواكم الإرهابية إلا شاهداً حياً على فعالكم يا شيخ السوءquot; . واضاف quot;انكم ومهما حاولتم النيل من مقام الاخرين وسبهم وشتمهم والصاق التهم جزافاً بهم وخاصة أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام وقادتهم الذين جهدتم ومنذ القدم ولا زلتم في استئصال شأفتهم وكسر شوكتهم لم ولن تستطيعوا ذلك فان نتائج ذلك ستكون عكسية عليكم لانكم لا تمثلون إلا انفسكم وعصبة الاثم التي تنتمون إليها وسيبقى العراق بسنته وشيعته وعربه وأكراده ومسيحييه ومسلميه وصابئته وأيزيدييه شوكة في عيونكم وسيبقى سماحة القائد المفدى آية الله العظمى السيد السيستاني دام ظله رمزاً لهم في عراقهم الجديدquot;
اما سالم سمسم مهدي فقد وصف كلام العريفي عن السيستاني بأنه quot;سابقة غير مألوفةquot; وقال quot;لقد كانت الكلمات الرخيصة التي نطق بها هذا (....) تنطبق عليه وتليق به.

الخطبة التي اثارت غضب السيستاني وأنصاره
وكان العريفي انتقد في خطبة الجمعة الطائفة الشيعية واتهمهما بالسعي لمحاصرة السعودية بدعم من إيران التي قال إنها تساند الحوثيين في الجنوب وتلعب أدواراً ضد الرياض في الشمال والشرق . واضاف العريفي في خطبته التي حملّها أنصاره على مواقع الانترنت تحت عنوان quot;قصة الحوثيينquot;، إن مذهب التشيع quot;أساسه المجوسيةquot; وهي ديانة كانت سائدة في إيران قبل الإسلام ووصف أتباعه بأنهم من quot;أهل البدع الذين يرفع بعضهم الأئمة من أهل البيت إلى مراتب النبوة بل الإلهية.quot; واضاف أن الشيعة عاونوا المغول خلال هجمات هولاكو في القرون الوسطى على الخلافة العباسية كما هاجموا الحجاج في السعودية في الماضي والحاضر . واتهم الشيعة في ايران باضطهاد السنة ومنعهم من بناء مساجد في طهران كما اتهمهم بقتل أكثر من مائة ألف سني في العراق.

وعن نشوء جماعة المتسللين الذين يرفعون السلاح بوجه السلطات اليمنية حاليا قال إن مؤسسها بدرالدين الحوثي تعلم المذهب الشيعي الإثني عشري في إيران ونشره بين أتباعه الذين كانوا على المذهب الزيدي. واشار الى دعم ايران للمتسللين موضحا انه خلال معاركهم مع الحكومة اليمنية أصروا على أن يكون السيستاني هو الوسيط لحل النزاع .. وقال quot;لم يطلبوا خلال مراسلاتهم مع الحكومة اليمنية هيئة علماء المسلمين او الامام المكي او رجال دين الازهر للتوسط وانما طلبوا شيخ كبير زنديق فاجر في طرف من أطراف العراق.quot;

وفي اول رد فعل للسيستاني على اتهامات العريفي قال الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل المرجع الشيعي خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) امس الاول ان بعض الأصوات تهدف إلى تمزيق الأمة الواحدة وتفتيت أوصالها. ووصف كلام العريفي بأنّه quot;ناب ولا يليق بخطيب جمعة في عاصمة دولة إسلامية كبيرةquot;. وقال quot; إن المرجعية الدينية العليا لا ترد على مثل هذا الكلام لان مقامها أسمى وارفع من أن تردّ على ذلك وان ينالها كلام هذا الرجل وأمثاله بسوء وهي في هذا الموقع الرسالي والإلهي لا تقابل الإساءة إلا بالإحسانquot;.

وتساءل قائلا quot;كيف نستطيع أن نبني ونوثـّق العلاقات الإسلامية والأخوية فيما بيننا ونمد جسور المودة والمحبة ونزرع التآلف والتآزر فيما بيننا؟ .. كما ان رعاية تلك الدولة للمؤتمرات الإسلامية التي يراد منها توحيد الأمة إنما يقتضي إيقاف هؤلاء الخطباء عند حدّهم لئلا يسيئوا للأمة الإسلاميةquot;. وطالب باتخاذ quot;الإجراءات التي تضع حداً لمثل هذا الكلام الذي يسئ للأمة الإسلامية ويزرع الأحقاد والتفرقة فيما بينهمquot;.

ولم يصدر عن العريفي بعد اي تعليق على هذه الهجومات التي تعرض لها والدعوات لمحاكمته .. كما لم يعرف فيما اذا كان سيقدم توضيحات لما تناوله في خطبة الجمعة من حديث اعتبر اساءة لاكبر مرجع شيعي في العالم.

مجلس النواب العراقي يناقش كلام العريفي
من جهته، قال مجلس النواب العراقي اثر مناقشته للموضوع اليوم أنه اطلع على التصريحات التي اطلقها quot;المدعوquot; محمد العريفي خطيب جامع البوادري والتي تطاول فيها على الرموز الدينية في العراق وبالاخص quot;مقام المرجع الديني اية الله العظمى الامام السيد السيستانيquot;، وانه يستنكر هذه التخرصات التي تشق وحدة الصف الاسلامي وتؤجج نار الطائفية التي يسعى لها اعداء الاسلام فانه يطالب حكومة المملكة العربية السعودية باتخاذ quot;موقف واضح وصريح من هؤلاء المفسدين الذين يسعون الى النيل من الاسلام عن طريق استهداف رموزه التي حافظت على ارواح ودماء المسلمينquot;.

ودعا المجلس في بيان صحافي الحكومة السعودية الى توجيه أئمة وخطباء المساجد quot;بضرورة اعتماد خطاب اسلامي غير تحريضي نابع من مبادئ وثيقة مكه التي جمعت كل القيادات العراقية الدينية والاجتماعية من اجل نبذ التحريض الطائفي والعنصريquot; .

كما طالب المجلس الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي والاتحاد البرلماني الاسيوي وهيئة رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء quot;الى ادانة واستنكار هذا الخطاب الطائفي ومحاسبة كل من يدعو له واعتباره خارجا عن القانونquot;.