توتر وإجراءات أمنيّة في مدينة بصعيد مصر صباح عيد الميلاد:
مقتل 8 مسيحيّين وإصابة آخرين في أحداث طائفيّة جنوب مصر

يشعر الأقباط المصريون اكثر فأكثر بالغربة والتهميش نتيجة انتشار مظاهر الاسلمة في المجتمع خلال السنوات الثلاثين الاخيرة، بحسب المحللين.

القاهرة: يعتقد المحللون ان الشعور بالقلق لدى الأقباط في مصر، الذين يشكلون قرابة 10% من سكان البلاد البالغ عددهم 80 مليونا مرشح لان يصبح اكثر حدة بعد الهجوم المسلح الذي اوقع ستة قتلى أقباط مساء الاربعاء. ووقع هذا الهجوم في مدينة نجع حمادي بصعيد مصر (700 كليومتر جنوب القاهرة) واستهدف الأقباط لدي خروجهم من الكنائس عشية عيد الميلاد الذي يحتفلون به في السابع من كانون الثاني/يناير.

شرطة مكافحة الشغب تطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين

وقال الخبير في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو الشبكي ان quot;هناك شعورا متزايدا بالغربة لدى قطاع كبير من المسيحيين نتيجة حالة الاسلمة الشكلية التي شهدها المجتمع المصري خلال الثلاثين سنة الاخيرةquot;. واضاف ان quot;هذا الشعور جعلهم ينسحبون من المجال العام والسياسي ودفعهم الى العزلة خلف اسوار الكنائس كما ادى الى تأثر بعضهم بخطاب متطرف تتبناه بعض جماعات أقباط المهجر خصوصا في الولايات المتحدةquot;.

واوضح الشبكي ان quot;هيمنة الخطاب السلفي وهو خطاب ظلامي واستبعادي (للاقليات الدينية) ولد رد فعل لدى الأقباط تمثل في العزلة وتصاعد خطاب التطرف لدى بعضهمquot;. ويشكو الأقباط منذ اكثر من عشرين عاما من تعرضهم للتمييز والمضايقات بشكل منهجي. كما يحتجون على استبعادهم من بعض المراكز الاساسية في الجيش والشرطة والقضاء والجامعات.

وجرت صدامات في السنوات الاخيرة بين المسلمين والأقباط في عدة مناطق في مصر وكان سببها في معظم الاحيان رفض المسلمين السماح للأقباط ببناء كنائس جديدة او توسيع اخرى قائمة اصلا. كما حصلت نزاعات طائفية في حالات عديدة بسبب علاقات عاطفية تربط شبان وشابات أقباط ومسلمين. وكان الأقباط من بين اهداف الجماعات الاسلامية المسلحة التي وقفت وراء موجة عنف شهدتها مصر طوال تسعينات القرن الماضي.

ويرى نبيل عبد الفتاح، الباحث في مركز الاهرام ان quot;هناك عمليات انقسام راسي في المجتمع تقسم المجتمع الى مسلمين وأقباطquot;. ويتابع quot;على مدى ثلاثة عقود ومنذ انهيار الموحدات القومية التي ارتبطت بالعقد الاجتماعي السياسي التاريخي الذي تاسس مع ثورة 1919 في مصر التي رفعت شعار الهلال مع الصليب، باتت الشجارات العادية تتحول الى مشاحنات طائفية وظهرت نزعة لدى الأقباط للانغلاق على انفسهم وبالمثل لدى المسلمينquot;.

ويعتبر عبد الفتاح ان quot;الجماعات السلفية ذات الجذور الحنبلية الوهابية نجحت في التمدد في المجتمع من خلال التركيز على الزي والعلامات الدينية المميزة الامر الذي ادى كذلك الى بعض مظاهر التمييز على مستوى التعاملات اليومية تجاه المواطنين الأقباط في قطاعات الدولة المختلفةquot;. ويؤكد عبد الفتاح ان quot;الدولة سمحت بانتشار السلفية في المجتمع بل انها سمحت بالخروج على القانونquot;، موضحا انها quot;فضلت تحويل المنازعات والشجارات المدنية والجنائية التي تقع بين مسلمين وأقباط الى لجان المصالحات المحلية العرفية بدلا من احالتها الى القضاء، حتى يفلت المسؤولون عنها من المحاكمةquot;.

من جانبه يقول الشبكي ان quot;الدولة هي المسؤول الاول عن تصاعد الاحتقان الطائفي لانها تعاملت معه باعتباره ملفا امنيا وتركت الخطاب الاسلامي السلفي ينتشر على شاشات التلفزيون الرسمي وفي المساجد والزوايا طالما انه لا يتجاوز الخط الاحمر الذي حددته، اي لا يتطرق الى القضايا السياسيةquot;. ويؤكد الشبكي ان quot;عمليات القتل الجماعي للأقباط تظل استثنائية في مصر رغم تصاعد الاحتقان الطائفيquot; ويدلل على ذلك ان اخر اعتداء خطير راح ضحيته أقباط وقع قبل عشر سنوات عندما قتل 20 مسيحيا في قرية الكشح بصعيد مصر في العام 2000.

وكانت مصادر امنية مصرية رجحت ارتباط هجوم نجع حمادي quot;بتداعيات اتهام شاب مسيحي باختطاف فتاة مسلمة باحدى قرى المحافظةquot;. وحصلت تلك الحادثة في قرية فرشوت القريبة من نجع حمادي وقد اثارت غضب عدد من المسلمين في المنطقة اقدموا في حمأة غضبهم على حرق منازل وصيدلايات تابعة لأقباط. واذا صحت فرضية الانتقام بسبب قيام شاب مسحيي بخطف فتاة مسلمة فان الحادث يشكل بسبب الشبكي quot;مؤشرا خطيرا ومقلقا للغاية لانها ستكون المرة الاولى التي يوظف فيها مسلمون قاتلا محترفا للاعتداء على مسيحيين ابرياء بغرض الانتقامquot;.