بعد سلسلة الحوادث التي وقعت خلال الأشهر القليلة الماضية وأظهرت خلالها القاعدة قدرة كبيرة على اختراق الأنظمة الأمنيّة الأميركيّة، تحدّثت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور عن استراتيجيّة جديدة بات يعتمدها التنظيم وتعرف بطريقة quot;الموت بألف جرحquot;.

في تقرير لها تحت عنوان quot;هل باتت أميركا أقل أمانًا بفضل الإستراتيجيّة الإرهابيّة الجديدة لتنظيم القاعدة؟quot;، تقول صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركيّة، نقلاً عن خبراء، إن حالة الحيويّة التي تنعم بها القاعدة على المستوى العمليّاتي في الآونة الأخيرة (وبخاصة في ما يتعلق بالدور الذي تقوم به في النشاطات الإرهابيّة التي تستهدف أميركا) هي نتاج لإستراتيجيّة جديدة تخدم قوة شبكتها وتعوض ضعفها العددي، وهو التوجه الذي أيده بروس هوفمان، أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون والزميل في مركز مكافحة الإرهاب التابع للأكاديمية العسكرية الأميركية.

وتقول الصحيفة إنه وعلى الرغم من الإجراءات الأمنيّة المشددة التي اتخذها أوباما في أعقاب حادث ديترويت الأخير، إلا أن الحوادث ذات الصلة بالإرهاب التي وقعت خلال الأشهر الأخيرة تثير العديد من علامات الاستفهام حول كفاءتها ودرجة جودتها. وتشير الصحيفة إلى أنه وعلى الرغم من تحمل أوباما المسؤوليّة الشخصيّة لفشل وكالات المخابرات الأميركية في كشف ومنع الشاب النيجيري عمر عبد المطلب من تنفيذ مخططه الذي كان سيتمكن بموجبه من تفجير طائرة أثناء رحلة إلى ديترويت نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وعلى الرغم من تعهده باتخاذ تدابير أمنيّة أكثر صرامة ضد التهديدات ذات الأولويّة، إلا أن ذلك لم يقلل من مستوى القلق لدى العامة وخبراء الإرهاب.

وتنتقل الصحيفة لتستعرض سلسلة الحوادث التي وقعت خلال الأشهر القليلة الماضية، وأظهرت فيها القاعدة قدرة كبيرة على اختراق الأنظمة الأمنيّة الأميركيّة. وتلفت في هذا الإطار إلى حادثة ديترويت، والقضية التي ألقى فيها القبض على ثلاثة رجال في نيويورك بزعم امتلاكهم أسلحة وسبق لهم أن تلقوا تدريبات في باكستان، وكذلك عميل القاعدة المزدوجة ( الطبيب الأردني همام خليل البلوي ) الذي أقدم أخيرًا على تفجير نفسه في قاعدة أميركية بأفغانستان ما أسفر عن مقتل سبعة من العملاء التابعين للسي آي إيه، وكذلك حادث إطلاق النار في قاعدة فورت هود بولاية تكساس الذي تورط فيه الضابط الأميركي ذو الأصل الفلسطيني، نضال مالك حسن، وراح ضحيته 13 شخصًا، وكذلك القبض على مواطن أميركي من أصل باكستاني يقيم في شيكاغو بتهمة التآمر لمساعدة حركة عسكر طيبة الإسلامية في باكستان، وهي الحركة المسؤولة عن الهجوم الذي تعرضت له مدينة مومباي الهندية في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2008 وأسفر عن مقتل 170 شخصًا، وهي الحوادث التي رأت الصحيفة أنها قد تشير إلى حقيقة بدء مرحلة جديدة لما بات يمثل التهديد الرئيس لأمن الولايات المتحدة منذ وقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

إلى هنا، يواصل هوفمان حديثه الذي نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية، بالقول :quot; على عكس الخطة التي نفذتها في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والتي كانت ترمي إلى توجيه ضربة قاضية للولايات المتحدة، بدأت تنتهج الآن قيادة القاعدة طريقة تعرف بطريقة quot;الموت بألف جرحquot;.
كما أن التنظيم، الذي يسعى لإغراق أنظمة استخباراتنا الوطنية المكتظة أساسا ً بالمعلومات بتهديدات لا تعد ولا تحصى و تحدث الضجيج في الخلفية، قام بوضع إستراتيجية خاصة بالحرب الإقتصادية، وهو لا يزال يحاول أن يخلق انقسامات بداخل الائتلاف العالمي المحتشد ضده من خلال استهداف شركاء الائتلاف الرئيسين. كما يسعى التنظيم بقوة إلى زعزعة استقرار واستغلال الدول الفاشلة وغيرها من المناطق التي تشهد حالة من الفوضى، كما يطمع في تجنيد عملاء من دول غير إسلامية يكون من السهل الاستعانة بهم في شن هجمات على الغربquot;.

وفي النهاية، تتساءل ساينس مونيتور عن مدى تأثير التوجهات الإستراتيجية الجديدة لتنظيم القاعدة على درجة أمان المواطنين الأميركيين، وتؤكد في هذا السياق أن الصورة تبدو مختلطة. فتنقل عن النائب الجمهوري في نيويورك، بيتر كينغ، قوله: quot;ما زال يستهدف الإرهابيون أناسًا أبرياء وهناك رغبة في قتلهم. ودائمًا ما يعكف الإرهابيون على إعداد الهجوم التالي، وتحسين الطرق التي يتبعونها، والبحث في جميع أنحاء العالم عن مجندين. وبمعنى آخر، يمكننا القول إن هجمات الحادث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر ليست تاريخًا قديمًا، بل إنها واقعيّة للغايةquot;. وردًّا على تساؤل حول ما إن كان يسير أوباما في الاتجاه الصحيح بشأن الإستراتيجية الاستخباراتية، يقول جون نيغروبونتي، مدير الاستخبارات الوطنية إبان حقبة الرئيس جورج بوش :quot; نعم، من غير ريب. فأنا أتفق مع من يقولون إننا أصبحنا أكثر أمنًا مما كنا عليه قبل 11 أيلول/ سبتمبر عام 2001. وأنا أعتقد ndash; على الرغم من كل شيء ndash; أن الرئيس يتخذ الإجراءات الفورية والمناسبة والتصحيحيةquot;.