هل كلما زاد الإنفاق الحكومي زاد الفساد الإداري والمالي ؟ تساؤل يعتقد جزء ليس بالقليل من السعوديين بصحته، ويرى خبراء أنه يؤدي إلى تقليل العائد الاستثماري من الموازنة ويقلل من الفعالية الإنتاجية ومن الناتج الوطني، وانه السبب في حلول المملكة في المركز السادس على مستوى الدول العربية على المؤشر السنوي لمدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية للعام 2009.

مواجهة هذا الفساد والحد من هذه التجاوزات يتطلب مراقبة ووضع قواعد وضوابط إدارية وعقوبات، خاصة في ظل ميزانية تعد الأضخم في تاريخ المملكة، وهنا يبرز دور ديوان المراقبة العامة وأهمية تقاريره السنوية .

رضا محمود على من الرياض: تفاءل السعوديون خيرًا عندما بدأ ديوان المراقبة العامة في إعلان تقريره السنوي الذي يرصد أهم نتائج مراجعة وفحص السجلات المالية والعقود والميزانيات والحسابات الختامية للعديد من الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة، والشركات

فقيه يسلم العاهل السعودي التقرير السنوي للسنة المنتهية

المشمولة برقابة الديوان، إضافة إلى نتائج تقويم الأداء ومدى كفاءة الإدارة المالية وفعالية الرقابة الوقائية في تلك الأجهزة .

كانت البداية في العام 2009، في التقرير السنوي عن العام المالي 1427 / 1428هـ الذي يحمل الرقم (48) في سلسلة تقارير ديوان المراقبة العامة، فما قبله من تقارير على كثرتها لم تكن تعلن،وظن بعضهم أن ديوان المراقبة العامة بدأ يؤدي دوره الرقابي في متابعة تطبيق الأنظمة والقوانين وأداء الجهاز الحكومي.

ومر العام ليرصد تقرير ديوان المراقبة العامة الـ 49 عن السنة المالية 1428 / 1429هـ، الذي تسلمه العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز 7 مخالفات مالية مثلت هدرًا للمال العام وسوءًا في استخدامه، وشملت قائمة المخالفات:

ـ صرف عدد من الجهات الحكومية مبالغ دون وجه حق أو الالتزام بها دون سند نظامي.
ـ ضعف تعاون عدد من الجهات مع الديوان وعدم تجاوبها في معالجة المخالفات والتجاوزات المتكررة وفق الأنظمة المرعية.
ـ تأخر تنفيذ العديد من المشاريع الحيوية وتعثر بعضها وتدني جودة التنفيذ، وذلك نتيجة لضعف المتابعة الجادة والتراخي في تطبيق أحكام عقود تلك المشاريع.
ـ ضعف الرقابة الداخلية الوقائية في كثير من الأجهزة الحكومية التنفيذية.
ـ ضعف تحصيل بعض إيرادات الخزينة العامة وتوريدها في المواعيد المقررة لذلك.
ـ عدم تقيد عدد من الأجهزة الحكومية بالأنظمة المالية وتعليمات تنفيذ الميزانية العامة وإعداد الحسابات الختامية ورفعها في المواعيد المحددة نظامًا.
ـ ضعف أداء بعض الشركات التي تساهم فيها الدولة واستمرار تكبدها خسائر كبيرة.

وبنظرة سريعة على التقرير السنوي السابق لديوان المراقبة عن العام المالي 1427 / 1428هـ نجد أنه يحمل الملاحظات والمخالفات نفسها، وإذا أردنا الدقة فإنه يحمل خمس ملاحظات بالصياغة نفسها، إلا أن التقرير الجديد يفوق بملاحظتين تخصان ضعف تعاون عدد من الجهات مع الديوان وتدني أداء بعض الشركات التي تسهم فيها الدولة، ما يطرح تساؤلات حول مدى الاستفادة من مثل هذه التقارير وما هو المطلوب لتفعيل عمل ديوان المراقبة حتى يمارس دوره ورقابته بايجابية وبشكل يعكس توجه الدولة للإصلاح ومحاربة الفساد ..

توجهت quot;إيلافquot; بهذه التساؤلات إلى الدكتور زايد بن فهد الحصان أستاذ العلوم المالية والاقتصادية في جامعة الملك سعود الذي شدد في البداية على أن الديوان قاصر عن أداء مهمته لأنه لا يملك سلطة تنفيذية فهو لا يأمر ولكن يخاطب .

ورأى الدكتور زايد الحصان أن ترتيب النقاط أو الملاحظات التي تضمنها التقرير كان في غاية الذكاء، فجاءت أول نقطة عن التسيب المالي والثانية عدم تعاون بعض الجهات الحكومية، وثالثًا ضعف المراجعة الداخلية وهو ما أرجعه إلى ضعف دور الصحافة في الكشف عن الفساد، فالعديد من الجهات تؤدي دورًا في تبذير المال العام والدليل على ذلك فشل كثير من المشاريع .

وأضاف quot;خلال متابعتي لتسليم التقرير إلى خادم الحرمين الشريفين لاحظت أن رئيس ديوان المراقبة العامة أسامة بن جعفر فقيه طلب من الملك تعزيز دور ديوان المراقبة ووضع آلية وإستراتيجية تعزز هذا الدور، مشيرا إلى أن هذه الآلية لا تعلن وتبقى سرية لكنها تعزز من الدور الرقابي للديوانquot; .

وأوضح أستاذ العلوم المالية والاقتصادية في جامعة الملك سعود لـquot;إيلافquot; أن الحل من وجهة نظره يكمن في المراجعة الداخلية التي يجب أن تكون موجودة في كل جهة حكومية من خلال ممثل لديوان المراقبة العامة داخل كل وزارة وكل جهة حكومية يكون له الحق في طلب أي أوراق أو ملفات يحتاجها لأداء دوره ، مثل المراقب المالي الذي يمثل وزارة المالية، مضيفًا أنه لن يبالغ إذا قال إن المراقب المالي أهم شخص في أي وزارة بعد الوزير.

وبين الدكتور زايد الحصان أن ذلك قد يتم عن طريق توظيف مراجعين تابعين للديوان لديهم القدرة والخبرة ومؤهلين لأداء الدور الرقابي المالي والإداري المنوط بهم، أو أن يكون عبر الاستفادة من المراقب المالي بحيث يتم التنسيق بين وزارة المالية وديوان عام المراقبة بشكل يمكنه من إرسال تقريره إلى كل من الوزارة وديوان المراقبة .