ناصر زين
اعتبرت الحكومة أن إسناد تبعية الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان إلى مجلس النواب ''ينطوي على مخالفة دستورية'' في ردها على مشروع قانون بشأن إنشاء الهيئة والمعد بناء على الاقتراح المقدم من مجلس النواب.
وأوضحت الحكومة في رسالتها التي من المزمع أن ينظرها مجلس النواب بجلسته (الثلثاء) المقبل أنه ''من المقرر في مبادئ القانون أن نصوص التشريع يكمل بعضها بعضا ولا يجوز النظر إلى النص التشريعي أو تفسيره بمعزل عن باقي مواد التشريع، وعليه فإنه ولئن كانت المادة الأولى من مواد المشروع قد جاءت خلوا من تحديد الجهة التي تتبعها الهيئة المزمع إنشاؤها والتي يتحدد بمقتضاها المسؤول عنها سياسيا أمام البرلمان، إلا أن ثمة نصوصا قد أفصحت بجلاء عن أن هذه الجهة الإشرافية هي مجلس النواب''.
وأضافت الحكومة ''والظاهر من الاطلاع على تلك القواعد سواء في عمومها أو تفاصيلها أنها لم تخول البرلمان، ثمة اختصاصات رقابية تجاوز في نطاقها تلك المحددة بنصوص الدستور والقانون، كما أنها لم تخوله البتة آية اختصاصات تنفيذية مما تندرج ضمن اختصاص السلطة التنفيذية المحدد بالدستور في المواد من 44 حتى 50 أياً كان نوع هذه الاختصاصات ومداها أو مبلغها''.
وتابعت الحكومة ''وحيث إن الدستور هو القانون الأساسي الأعلى الذي تستوي قواعده على القمة من البناء القانوني للدولة وتتبوأ مكان الصدارة بين قواعد النظام العام باعتبارها أسمى القواعد الآمرة التي يتعين على الدولة التزامها في تشريعها وفي قضائها وفيما تمارسه من سلطات تنفيذية، ودون أية تفرقة أو تمييز في مجال الالتزام بها بين سلطات الدولة العامة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.
وواصلت ''وحيث إن الاختصاص الرقابي لمجلس النواب قد نظمته قواعد الدستور سالف الإشارة إليها، فإن هذا الاختصاص يكون، والأمر كذلك قد بات محددا وعلى سبيل الحصر نوعا وكيفا بما لا يجوز معه لآية جهة، الإضافة إليه أو التعديل فيه أو أن تحيد عن قواعده عوجا أو أن تتحلل من نظامها أبدا، ومن ثم يكون إلحاق هيئة رقابية ما والزج بها قسرا إلى مضمون هذه القواعد، منطويا على مخالفة دستورية''.
وأشارت الحكومة إلى ''أن تشريعات الدول العربية المستدل بها لدى نظر الاقتراح لم تلحق أي منها الهيئة المعنية بحقوق الإنسان بمجلس النواب، حيث أشارت التشريعات الصادرة في شأن تنظيم هيئة حقوق الإنسان بالمملكة العربية السعودية الصادر بتاريخ سبتمبر- أكتوبر 2005 شعبان 1426هـ، وقانون إنشاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بدولة قطر إلى ارتباط الهيئة برئيس مجلس الوزراء بحيث ترفع إليه تقاريرها ويصدر بتعيين أعضائها أمر ملكي (أميري)''.
وتابعت ''وذات القول ينطبق على ما تضمنه قانون المركز الوطني لحقوق الإنسان بالمملكة الأردنية الهاشمية. أما ما ورد بقانون المجلس الأعلى لحقوق الإنسان بجمهورية مصر العربية من تبعية المجلس إلى مجلس الشورى، فإنه لا يقاس عليه؛ لأن مجلس الشورى المصري ليس له دور رقابي ولا يمارس عملا تشريعيا حتى يمكن النعي على هذه التبعية بمخالفة الدستور''.
ولفتت إلى أنه متى كانت الهيئة المعنية بحقوق الإنسان (وعلى ما توضحه نصوص مشروع القانون المعروض) هي هيئة مستقلة ذات طبيعة خاصة تباشر اختصاصا أصيلا تندرج في طياته اختصاصات أخرى ذات طبيعة تنفيذية تقتضيها طبيعة علمها، فإن الحكومة ترى أن القيادة السياسية هي الأقدر والأجدر في اتخاذ ما تراه مناسبا في هذا الشأن، ولا مراء أن ذلك من شأنه رأب التناقض الذي قد ينشأ بين الوظيفة الرقابية للبرلمان المحددة بالدستور وأية أعمال أخرى قد تصطدم أو تتعارض مع هذه الوظيفة أيا ما كان حجمها أو مقدارها''.
وأشارت الحكومة إلى أنه ''بتاريخ (المرفق 10/11/2009) صدر الأمر الملكي رقم 46 السنة 2006 بإنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان؛ لأن الأهداف التي يتبناها مشروع القانون، والتي تتمثل في إنشاء شخصية اعتبارية مستقلة تقوم على تعزيز وتنمية وحماية حقوق الإنسان بالمملكة، وترسيخ قيمتها ونشر الوعي بها وحماية صحة ممارستها هذه الأهداف قد أرساها الأمر الملكي سالف الإشارة إليه وإزاء تحقق الأهداف التي سعى إليها مقدمو الاقتراح في هذا الشأن، فإن الحكومة تأمل من السلطة التشريعية إعادة النظر في مشروع القانون''.
وختمت الحكومة بالقول ''إن الحكومة ومع تقديرها الكامل لسلطة مجلس النواب في العملية التشريعية ورغبته في إنشاء هيئة وطنية تعنى بحقوق الإنسان لترجو إعادة النظر في مشروع القانون على ضوء ما تضمنته هذه المذكرة من أسباب''.