علي حسن المجيد الملقب بالكيمياوي

أصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا اليوم حكمًا بالإعدام شنقًا على علي حسن المجيد الملقب بالكيمياوي وهو ابن عم رئيس النظام السابق صدام حسين والسجن 15 عامًا على سلطان هاشم وزير الدفاع وصابر الدوري مدير جهاز الاستخبارات والسجن 10 أعوام على فرحان مطلك الجبوري مدير استخبارات الشمال سابقًا في قضية قصف مدينة حلبجة الكردية عام 1988، مما أدى إلى مقتل 5 الاف مواطن من سكانها واصابة 8 الاف اخرين وسط توقعات بقرب تنفيذ الإعدام بالكيمياوي.

وفي جلسة لها برئاسة القاضي عبود مصطفى الحمامي فقد جرمت المحكمة المتهمين الاربعة بارتكاب جرائم حرب وابادة جماعية وضد الانسانية من خلال قصف مدينة حلبجة بالسلاح الكيمياوي في السادس عشر من اذار (مارس) علم 1988 ما أدى بحسب الإحصاءات الكردية الى مقتل خمسة آلاف مدني وجرح عشرة آلاف آخرين من سكان المدينة.

واصدرت المحكمة حكمها بالإعدام شنقا حتى الموت على علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي مواليد عام 1944 وكان يحمل رتبة فريق ركن في الجيش مسؤولاً عن المنطقة الشمالية وعضو القيادة القطرية لحزب البعث وعضو مجلس قيادة الثورة.. والسجن 15 عامًا لكل من سلطان هاشم احمد مواليد عام 1945 وزير الدفاع السابق.. وصابر عبدالعزيز حسين الدوري مواليد عام 1949 وكان مديرا للاستخبارات العسكرية ثم محافظا لبغداد.. والسجن 10 سنوات على فرحان مطلك صالح الجبوري مواليد عام 1947 وكان يحمل رتبة لواء ركن وعمل مديرًا لوحدة الاستخبارات العسكرية في المنطقة الشمالية.

وعقدت المحكمة التي بدأت اواخر العام 1988 بمحاكمة المتهمين 35 جلسة استمعت خلالها الى اقوال 22 مشتكيًا و15 شاهدًا بينهم مصور صحافي تركي هو رمضان حميد أوزتورك صاحب الصورة الشهيرة للمواطن الكردي عمر خاور الذي مات وهو يحتضن طفله الرضيع أثناء قصف حلبجة. وقال وصل إلى مدينة حلبجة يوم 18 اذار (مارس) عام 1988 بعد أن سمع من الإذاعات في 16 من الشهر نفسه بحادث القصف بالأسلحة الكيمياوية، مبينًا انه رأى في أول مكان وصل إليه وهو إحدى المقابر حوالى 30 صحافيًا أجنبيًا، كما شاهد الكثير من جثث الحيوانات الميتة وإسطوانات القذائف الكيمياوية.

ووصف ما رآه داخل المدينة قائلاً quot;منذ دخولنا للمدينة التي بدت مهجورة بدأنا نرى الجثث الكثيرة التي انتشرت في شوارع المدينة وكلما دخلنا في الأزقة والبيوت يزداد عدد الجثثquot;. واضاف quot;كان هناك آلاف القتلى من المدنيين الذين كان الكثير منهم من الأطفال والنساء والشيوخquot;.. واشار الى انه كان يصور الجثث والمشاهد في المدينة quot;وسط رائحة الموت التي انتشرت في أرجاء المكان وسيطرت على نفسي بصعوبة أثناء التصوير من بشاعة المنظر الذي تألمت من أجله بشكل كبيرquot;. وكان اوزتورك زار إقليم كردستان في شباط (فبراير) من العام الماضي وأعلن لوسائل الإعلام أن لديه أكثر من 100 صورة فوتوغرافية عن قصف حلبجة لم تنشر لحد الآن.

ويتوقع مراقبون ان يفتح حكم الإعدام الثالث الصادر اليوم بحق علي حسن المجيد الملقب بالكيمياوي الطريق امام تنفيذ الحكم به حيث كان رئيس الوزراء نوري المالكي قد وعد سكان مدينة حلبجة في وقت سابق بعدم التسرع في إعدامه قبل الإنتهاء من ملف حلبجة. ويقف العراقيون في ذكرى قصف المدينة من كل عام دقيقة صمت حدادًا على ضحايا الحادثة التي وصفها المالكي في بيان له بالفاجعة التي هزت ضمير الإنسانية.. مضيفًا ان منفذي عملية القصف قد quot;ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا أدوات قتل وإبادة وملأوا أرض العراق من شماله إلى جنوبه مقابر جماعية ويقفون اليوم أمام العدالة لينالوا جزاء ما اقترفت أيديهم من جريمة قتل وإبادة جماعية لم يشهد لها التاريخ مثيلاquot;.

وكانت الرئاسة العراقية اكدت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي انها صادقت على تنفيذ الإعدام بالمجيد وان الامر متروك الان لوزارة العدل المرتبطة بمجلس الوزراء. وقال ديوان رئاسة الجمهورية توضيحًا بشأن مطالبة مؤسسة السجناء السياسيين تنفيذ حكم الإعدام quot;بحق المدان علي حسن المجيدquot; انه quot;لوحظ في الآونة الأخيرة وجود لافتات عند احد الساحات الرئيسية المؤدية الى قصر السلام مقر الرئاسة تطالب بتنفيذ حكم الإعدام الخاص بالمجيد quot;ولذلك فهو يؤكد انه تم إصدار المرسوم الجمهوري الخاص بإعدامه في 26/2/2008quot;. واضاف انه تم مفاتحة مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي بموجب كتاب سري وشخصي برقم 15 في 26/2/2008 ومرفقه المرسوم الجمهوري المشار إليه لغرض تنفيذ حكم الإعدام بحق المدان كما قال الديوان في بيان صحافي وصل نسخة منه إلى quot;إيلافquot;.

واشار الى ان تنفيذ حكم الإعدام والإجراءات الخاصة بذلك هو من اختصاص وزارة العدل المرتبطة برئاسة مجلس الوزراء موضحًا quot;إن مجلس رئاسة الجمهورية مارس دوره الدستوري بإصدار المرسوم الجمهوري الخاص بالتنفيذ استنادًا لأحكام المادة (73/سابعًا) من الدستورquot;.

يذكر ان المحكمة الجنايئة العراقية العليا كانت قد اصدرت خلال الاعوام الثلاثة الاخيرة ثلاثة احكام بالإعدام ضد المجيد بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية لمشاركته في قمع انتفاضة الجنوب وضرب بلدات كردية بالاسلحة الكيمياوية وجريمة الانفال لابادة الاكراد اخرى. وكانت احكام اخرى مماثلة قد صدرت على ضباط كبار في الجيش السابق بتهم مماثلة الا ان الرئيس جلال طالباني ونائبه طارق الهاشمي اعترضا على تنفيذ الإعدام بهم معللين ذلك بانهم كانوا يتلقون اوامر من رئيس النظام السابق صدام حسين وان احدهم وهو سلطان هاشم وزير الدفاع السابق كان على علاقات مع بعض الفصائل المعارضة للنظام السابق.

وتقع حلبجة التي يقطنها 50 الف نسمة على بعد 15 كيلومترا من الحدود الايرانية وهي تتبع محافظة السليمانية في اقليم كردستان العراق وتقع على بعد 83 جنوب شرق مدينة السليمانية و350 كم شمال شرق بغداد وتحيط بهاعدة مرتفعات جبلية يشرف عليها جبل (هه ورامان) الذي يفصلها عن ايران وهو ذو قمة بلورية ناصعة البياض مغطاة بالثلوج في فصول السنة الاربعة. وقد ورثت المدينة بسبب تأثير سموم الاسلحة الكيمياوية وتشوه الجينات وتغيرها جيلا مشوها وانتشرت أمراض السرطان والرئة والربو الخانق والأمراض الجلدية والعقم وامراض خطيرة ومزمنة أخرى.

وكان النظام العراقي السابق ينفي مسؤوليته عن قصف المدينة متهما القوات الايرانية بالقيام بذلك. وفي جلسة للمحكمة الجنائية قبل عامين نفى نائب رئيس الوزراء السابق طارق عزيز مسؤولية النظام السابق عن قصف المدينة بالاسلحة الكيمياوية ملقيا بالمسؤولية في ذلك على الايرانيين مستشهدا بتقارير قال انها صدرت عن وزارة الدفاع الاميركية quot;البنتاغونquot; توكد قصف الايرانيين لحلبجة بالاسلحة الكيمياوية وذلك في اتون الحرب العراقية الايرانية التي جرت بين البلدين بين عامي 1980 و1988.

وسبق أن دانت المحكمة الجنائية المتهمين بقضية حلبجة في قضايا أخرى أبرزها قضية الأنفال بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أسفرت عن مقتل وتشريد آلاف الأكراد خلال عامي 1988و1989. وصدر الحكم على هؤلاء في حزيران (يونيو) العام 2007 وقضي بإعدام كل من علي حسن المجيد وسلطان هاشم فيما حكم اثنان آخران هما صابر الدوري وعبد مطلك الجبوري بالسجن المؤبد.